07-07-2022 08:18 AM
بقلم : سلامة الدرعاوي
شخصياً شاركت في غالبية اللقاءات الحكوميّة مع القطاع الخاص لمناقشة المسودة الأولية لمشروع تنظيم البيئة الاستثماريّة الذي سيكون على رأس التشريعات في الدورة الاستثنائية المقبلة هذا الشهر.
القطاع الخاص كان هذه المرّة أكثر تنظيما وحرصا على الظهور بمظهر الدارس الجيد لتفاصيل القانون المثير للجدل، ولم أتفاجأ بنوعية النقاش الذي دار بين الحكومة وفعاليات القطاع الخاص، حيث كان حواراً مسؤولاً بكل ما في الكلمة من معنى.
الفريق الوزاري كان حريصا على الاستماع وأخذ ملاحظات القطاع الخاص التي كانت ملاحظاته وانتقاداته لبعض البنود محل تقدير وثناء.
القطاع الخاص لم يترك مجالاً للحكومة هذه المرّة للاستماع والتنظير كما جرت الحالة في سنوات خلت، فالكل أعد درسه بشكل جيد، فالقطاع الصناعي التقى باللجنة الوزاريّة المختصة في اجتماع حاشد لم يسبق أن حدث في غرف الصناعة منذ عقود، والتأم مئات الصناعيين في لقاء ساخن مع الطاقم الحكومي وخرجوا بتفاهمات مهمة جدا، والأهم من ذلك كله أن القطاع الصناعيّ وبشكل موحّد هذه المرّة قام بتقديم مذكرة شاملة لكل ملاحظاته حول مشروع القانون بعد أن فتح المجال لكافة الصناعيين بالمشاركة في تقديم الرأي، مما توفر لديه كم كبير ونوعي من الملاحظات القانونية والفنية حول مشروع القانون الذي سيناط به تنظيم وتسهيل جزء كبير من أنشطتهم واستثماراتهم.
التطوّر النوعي في عمل القطاع الخاص وتشاركيته في التشريع والرأي كان من قبل جمعية البنوك في الأردن، والتي استضافت أحد أهم لقاءات الحكومة مع فعاليات القطاع الخاص، وكان النقاش يتسم بالجرأة والنوعية والفهم العميق بكيفية تطوير بيئة الأعمال في المملكة، وزيادة فاعلية القطاع الخاص في الأنشطة الاقتصاديّة، واستطاعت الجمعية ان تضيف لهذا الحوار، دراسة تفصيلية نوعية أعدتها حول موقفها لمشروع قانون تنظيم البيئة الاستثمارية، وكانت فعلا دراسة تستحق التقدير على الجهد الذي بذلته، وعززت لأصحاب القرار وراسمي السياسات من الآراء والبدائل القانونية حول مسودة القانون.
طبعا هناك مراكز الأبحاث والدراسات والمنتدى الاقتصاديّ الأردنيّ ومنتدى السياسات الإستراتيجيّة جميعهم مارسوا عملهم الاستشاري التحاوري وبمهنية عالية جداً.
هذه النقاشات كما قلنا سابقا، وفرت للحكومة رؤية جديدة تساهم في تعزيز أرضية خصبة للنهوض بالواقع الاستثماريّ، فالقطاع الخاص هو المعني الأول بالقانون وتطبيقاته المختلفة، فهو يملك إمكانات فنية وخبرات قانونية وعملية لا تقل أهمية عن التي تملكها الحكومة، خاصة وأن بعض أعضاء الفريق الوزاري أثنى على هذه الجهود التي ستكون ثمارها محل دراسة وتقدير من قبل الحكومة ذاتها.
مصداقية الحكومة ستكون على المحك في تجاوبها مع ملاحظات القطاع الخاص الذي اعتاد على حوارات تنظيرية مع الحكومات بالنسبة للقوانين دون الأخذ الفعلي بآرائهم عند إقرارها، فالمخرجات تخالف وتعاكس في بعض الأحيان الحوارات والنقاشات الأساسية التي دارت حولهم.
الحكومة تمتلك اليوم كما كبيرا من الملاحظات، وهي مطالبة بتقديم نسخة معدلة لقانون تنظيم البيئة الاستثماريّة لمجلس النوّاب بحلة جديدة غير تلك التي عرضت على فاعليات القطاع الخاص، وإذا كانت النسخة هي ذاتها فإن مصداقية الحكومة في خطر فعلي، وستخلق حالة من الاستياء الكبير في القطاع الخاص نتيجة فشله في إقناع الحكومات بأخذ شيء من آرائه وملاحظاته، وستتعزز فجوة عدم الثقة بين القطاعين العام والخاص، عكس إذا ما أخذت الحكومة بملاحظاتهم وقدمتها للبرلمان معدلة كنتيجة طبيعية لمخرجات حواراتها مع القطاع الخاص.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-07-2022 08:18 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |