14-07-2022 02:22 PM
بقلم : أمين فهد القضاة
تعتمد الملامح الفكرية لأي نص مقروء أو حديث مسموع على التمكن والسهولة في الطرح بعيدا عن المباشرة أو التعقيد، فالطرح المباشر يضعف التخيل والتصور ويغلق نوافذ الأمل، في حين أن الطرح المتمكن السهل يرفع الستار عن التخيل، ويفتح نوافذ الأمل، ويجعلك تسير مسير المترقب الساعي بشغف إلى النهاية.
وبالنظر إلى خطابات الحكومة وخاصة الرئيس فيمكن تصنيفها من نوع الخطابات السهلة الواعدة بالأمل والتفاؤل، إن أُخذت على معيار الملامح الفكرية للحديث المسموع، غير أنها للأسف تصطدم بصخرة الواقع فلا تجعلك تسير بشغف المترقب الساعي إلى النهاية.
فالخطاب الحكومي بديهيا يجب أن يستند إلى مشاريع وبرامج واضحة المعالم، محددة الإجراءات وزمن التنفيذ ومتنبئ بالمخاطر كي يكون مقنعا للمتلقي الذي هو بطبيعة الحال المواطن، وإلا كان الاستنتاج "أن الخطاب الحكومي مجرد دغدغة للعواطف، ومبني على فكرة مسرات الترقب".
وتتخلص فكرة مسرات الترقب في أن انتظار المسرات يعدل نصف الاستمتاع بها، بمعنى أن الحماسة والفرح في انتظار شيء مبهج يعدل نصف تحققه، ففرحة انتظار اليوم الأول في الجامعة مثلا يعدل نصف بهجة ذلك اليوم، وقياسا على ذلك فان الخطاب الحكومي الأشهر والأكثر جدلا في "أن الأيام الأجمل لم تأت" هو خطاب مبني على فكرة "أن انتظار المسرات يعدل نصف الاستماع بها"، ولا يعدو عن كونه دغدغة عواطف وانتظار للأمل.
ودليلي على ذلك، أن انتظار الأيام الجميلة يبعث في النفس البهجة والمسرة والتفاؤل غير أنه يرتطم بصخور كثيرة، يرتطم بصخرة البطالة، وصخرة المديونية، وصخرة الاعتماد على سواقي العطايا المغمسة بالامتنان للدول المانحة، وأحيانا الخاضعة لشروط قاسية لصندوق النقد والبنك الدولي.
صحيح أننا محتاجون إلى الأمل لكننا اليوم نحن محتاجون أكثر إلى العمل الدؤوب الذي يشق الطريق نحو الأيام الأجمل؛ الأيام التي تتحدث فبها الإنجازات عن ذاتها، وإلى الأيام تكون فيها الكفاءة المهنية هي المعيار الأوحد لتولي المناصب، فالأكتاف تتساوى والعقول تتمايز، وإلى الأيام التي نقول فيها للمسؤول "بكم تزهو المناصب" بعد الانجاز، أولمن قدم شيئا يستحق الثناء والتكريم، وليس قبل ذلك أو لمن لا يستحق.
وبغير هذا فسنبقى نستمع إلى خطابات موغلة بالوردية، مستندة إلى فكرة مسرات الترقب، لا تسوق سوى الوهم، ولن تجعلنا نسير مسير الساعي المترقب إلى النهايات الجميلة، فالطريق مليئة بالصخور والعقبات، وستكون الحوادث مثل حادثة الميناء وحادثة الصهريج فاضحة لزيف تلك الخطابات الحالمة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
14-07-2022 02:22 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |