16-07-2022 10:52 AM
بقلم : فهد خشمان الخالدي
في سنة 1995 كنت في زيارة لأحد المعارف في بلد عربي شقيق، وبينما كنَّا جلوس في بيته المليء بالحضور حينها، كان محور الحديث يدور حول أحد الزعماء لبلد عربي شقيق آخر، إلَّا أَنَّ إسمه لا يُذكر إلَّا رمزاً ..! فقلت لمن يجلس بقربي : من يقصدون بهذا الرمز ..؟ فقال لي همساً : إنه فلان ..! فقلت (بصوت أعلى نبرة) لِمَ لا يقولون فلان (اعتقدت أنني في وطني) ..!؟ فما كان منه إلَّا أن طلب مني خفض صوتي، وطلب من أحدهم إغلاق النافذة مخافة أن يَسمع إسم ذاك الزعيم أحد رجال الأمن الذين يجوبون الشوارع عرضاً وطولاً ..! فيذهب جميع الحضور (وأنا معهم) إلى مكان ليس له عنوان ..! فقد كان هناك شبه قطيعة ما بين زعيمي الدولتين ..! وقيود لحرية الفكر والرأي لا تَلين ..!.
في سنة 2011، وبينما كنت في زيارة أُخرى لذات البلد (وقد انتقل الحُكم فيه إلى زعيم آخر)، وفي جلسة شبيهة بتلك الجلسة في مكانٍ آخر، كان محور الحديث يدور (بِحَذَر) حول ما كان يُسمى (الربيع العربي) ..! الأمر الذي أزعج صاحب البيت؛ فثارت ثائرته على الحضور (لدَرجة السَبِّ عليهم) كي يتم تغيير شكل الحديث ..! وسبب الخوف هو ذات السبب في الموقف السابق ..! والعجب لديَّ هو ذات العجب في الموقف السابق ايضاً ..!.
تغيرت زعامة ذلك البلد بين كلا الموقفين، إلَّا أَنَّ الخوف ذات الخوف ..! وأنتقل الحُكم في وطني بين زعيمين، إلَّا أَنَّ الأمان ذات الأمان ..! فما كنَّا نشعر به في عهد جلالة الملك الحسين رحمه الله، هو ذاته ما نشعر به في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ..! والصورة التي كنَّا نأنس بها منذ سنين طوال عند مدخل الحدود الأُردنية، لم نزل نأنس بها إلى يومنا هذا عند ذات الحدود ..! نسير من الهضبة إلى العقبة بلا خوف على أنفسنا أو على عوائلنا خلفنا ..! للدرجة التي صرنا نستشعر فيها أَنَّ محطاتنا الأمنية على كل طريق؛ كأَنها أُسست لتكون بمثابة واحة أمان نتفيأ تحت ظلالها إن أردنا أن نَحطَّ الرِحال عندها طلباً لعون أو مساعدة ..! ورغم كل الظروف، فإنَّ كل نسمة أمان في هذا الوطن تستحق وقفات مع الذات؛ كي نشعر حينها بقيمة هذه الحياة ..!.
تائه الرأي من يعتقد أَنَّ لفظة (الأمن والأمان) مجرد نغمة تتردد هنا وهناك ..! أو وسيلة لإقناع الرأي العام بالرضا عن واقع ما ..! إِنَّها لفظة تعني أَنَّك آمن جسداً وروحاً، فلا خوف على نفس أو على عائلة ..! عنوانك واضح أينما توجهت ..! ويبقى إسمك هو إسمك أينما حللت ..! فلا وجود لقلاعٍ في وطني تصبح الأسماء فيها أرقاماً على الإطلاق .
(جاحدٌ مَن يقول أَنَّ خوفاً اِعتراهُ في هَزيعٍ مِن ليلٍ في هذا الوطن ..! فللهِ دَرُّه مِن وطن ..!)