18-07-2022 08:31 AM
سرايا - صدر عن المؤسّسة العربيّة للدراسات والنّشر في عمّان وبيروت ديوان جديد للشّاعر اللبناني/الألماني سرجون كرم بعنوان «سمكريّ الهواء - العليم بكلّ شيء» بتسعة وخمسين قصيدة موزّعة على 176 صفحة. بصمةٌ جديدة مميّزة على مسرح الشّعر العربيّ المعاصر والحياة الفكريّة والثقافية.
يأتي «سمكريّ الهواء» في زمن الفوضى العارمة على صعيد القيم واللغة والشعر والمفاهيم. يطرح فيه سرجون كرم، وبشكل فجّ وصريح، إشكاليّة الشّعر العربيّ المعاصر الذي يبدو وكأنّه عاجز عن تجاوز ذاته المأزومة بين التّقليد وبين مفاهيم الحداثة العالقة في دوّامة التكرار النّمطيّ للنّماذج الشّعريّة العربيّة:
أعود من غابة الشّعراء/ كما دخلتُ/ذئبًا منفردًا/ مزنّرًا بالرمل المتحرّك/ في التّأويل والخرافة.
يستفزّك سرجون كرم في «سمكريّ الهواء» فيحرّض الإنسان فيك، ثائرًا على الشّعر والشّعراء الذين يدّعون بفوضاهم البليدة إنجابَ ما يرقى إلى مستوى التراث الشّعري العربي، أو إلى المستوى الذي يسمح للقصيد بأن يكون انتاجًا ندًّا في الثقافة العالميّة والانسانية.
«ونحنُ صاعدون برجَ بابل/وكلٌّ يقطف من عمود الملح/وعمودِ النارِ ورقةَ فتواه/في أشكال الحكمِ/ومسألة الجندرِ وإبرِ تكبيرِ الشّفاه/والشّاعراتِ الجميلاتِ على الفيسبوك/واللايكاتِ فيهنّ...
أقول لنوح: لا ذنبَ لك/سوى أنّك في فلككَ ربطتَ منقار نقّار الخشب».
في «سمكريّ الهواء العليم بكلّ شيء»، نقف أمام لججِ المعاني المتدفّقة بلغةٍ وبناءٍ فريدين، لشاعرٍ يعيش بين الشّرق والغرب، يستنبط بينهما الموقفَ والرّؤيةَ والرّؤى إزاءَ الحياة والوجود، شعرًا يسبرُ به الأغوار السّحيقة للتجربة الإنسانيّة، يدهشنا بسعة الثقافة لديه، بوحي الفيلسوف الموهوبِ العالمِ بالتاريخ والأديان، وبعلم النّفس والاجتماع، وبتواضعِ مَن يكتبُ الهايكو «مثل حشرة/يكتب الهايكو عنها/لم أر كائنًا يلبط حائط جنّته/مثل الشاعر العربيّ»، فتخرجُ المعاني من بين يديه إبداعًا جماليًّا ومعرفيًّا فريدًا ينسجُ منه للقارئ فخًّا لذيذًا يقول معه: لا أريدُ أن أخرج من متاهة هذا النّصّ.
يقع الديوان في 176 صفحة من القطع المتوسط.