23-07-2022 10:52 AM
سرايا - هل فقدت الولايات المتحدة الأمريكيّة هَيبتها، وقُدرتها على تفعيل الرّدع السياسي والعسكري عالميّاً، هذا سُؤالٌ يتردّد في وسائل الإعلام الغربيّة، فحتى حُلفاء أمريكا ما عادت قادرة على “إرغامهم” على تنفيذ رغباتها، وهذا الحال واضحٌ وجليّ من عودة الرئيس الأمريكي جو بايدن لبلاده، دون أن يحصل على تأكيدات سعوديّة برفع الإنتاج النفطي، وبالتالي خفض أسعار البنزين في بلاده، وامتصاص الغضب الشعبي الأمريكي.
المسألة تكبر وتتعاظم بالنسبة للولايات المتحدة، حينما يتعلّق الأمر بخُصومها الكِبار الصين وروسيا، فالأخيرة تتّجه للانتصار في حربها مع أوكرانيا ضاربةً كُل التهديدات الأمريكيّة بالعُقوبات، ومد كييف بشتّى أنواع الأسلحة، وها هي الصين هي الأخرى تضع أمريكا وسط جدل وإحراج، يتعلّق بتايوان، والتي تعتزم بكين اجتياحها عسكريّاً فيما يبدو.
رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي تُخطّط لقيادة وفد وزيارة تايوان، وهي خطوة تبدو للصين استفزازيّة، وتستدعي ردًّا رادعاً، ولكن هي خطوة ستكون أكثر إحراجاً وإذلالاً للولايات المتحدة، حال جرى التراجع عنها، وبفعل التهديدات الصينيّة بالخُصوص.
يُتوقّع أن تقوم بيلوسي بزيارة لتايوان في أغسطس/ آب، ولم يجر تحديد تاريخ مُحدّد لها، وستكون أوّل زيارة نادرة لمسؤول أمريكي، وبالصفة رفيعة المُستوى التي تشغلها بيلوسي حيث تشغل ثالث أهم منصب في التسلسل الهرمي للحكومة الأمريكيّة، ولكن على الأخيرة أن تُعيد حساباتها جيّدًا، وتُدرك حجم التأثيرات السلبيّة التي ستتركها زيارتها لتايوان، والتي قد تصل لمُستوى اندلاع حرب.
التحذيرات الصينيّة بخُصوص زيارة بيلوسي المُرتقبة، واضحة، ولا تحتاج لقراءة ما بين السّطور، فالأمر حينما يتعلّق بسيادة الصين، وسلامة أراضيها، لا يُمكن لبكين التهاون فيه، أو اختيار أوساط الحُلول، وظهر ذلك جليّاً بتصريحات المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الصينيّة تشاو لي جيان، حين قال بأن أيّ زيارة ستقوم بها بيلوسي “ستُقوّض بشَكلٍ خطير سيادة الصين وسلامة أراضيها”.
ومن غير المعلوم إذا كانت إدارة بايدن درست جميع خيارات الرد الصيني بخُصوص الزيارة الاستفزازيّة في توقيتها، لكن يُدرك الصينيون أن تلك الإدارة يُمكن أن تذهب بعيدًا، وتقدم على تلك الزيارة عنادًا، حيث قال المُتحدّث جيان: “إذا تمسّك الجانب الأمريكي بعناد في هذا المسار، فإن الصين ستتّخذ بالتأكيد إجراءات حازمة وقويّة للدفاع بقوّة عن سيادتها الوطنيّة وسلامة أراضيها، تبدو لغة الصين هُنا حادّة وصارمة، وواضحة، في حين أنها لم تشرح شكل وكيفيّة وحجم هذا الدفاع الرافض لزيارة بيلوسي لو تمّت، إلا أنّ زيارة بيلوسي وفقاً للخارجيّة الصينيّة ستكون بمثابة “ضربة خطيرة” للأساس السياسي للعلاقات الصينيّة الأمريكيّة، وستُرسل إشارة كاذبة للقوى الانفصاليّة المُؤيّدة لاستقلال تايوان.
صحيفة “غلوبال تايمز” الصينيّة، والتي فيما يبدو أوكلت لها شرح طبيعة الرد الصيني الذي جاء على شكل تحذيرات رسميّاً، وقالت الصحيفة إن الصين يُمكن أن تُقدّم ردًّا عسكريّاً واستراتيجيّاً على زيارة نانسي بيلوسي، ويقول الباحث في الأكاديميّة الصينيّة للعلوم الاجتماعيّة ليو شيانج وفقاً للصحيفة، بأن على بيلوسي أن تفهم بأنها ستكون مسؤولة عن إثارة نزاع، ربّما يكون أكثر خطورةً من أزمة مضيق تايوان العام 1996.
مكتب بيلوسي من جهته لم يُؤكّد أو ينفي زيارة رئيسته لتايوان وعدد من دول أخرى في آسيا، وذلك كما أعلن “لأسباب بروتوكولات أمنيّة عديدة”، لكن هذا التباين والغُموض الأمريكي حول الزيارة، يُرجّح مراقبون بأنه يُريد دراسة حجم الرد الصيني، وإلى أي مدى يُمكن أن تصل جُرأته، كما واختبار استمرار قدرة الولايات المتحدة على تنفيذ قراراتها، ومدى حجم تلاشي ردعها من عدمه في العالم، وخاصَّةً أن البيت الأبيض هو الآخر ماطل في التعليق على خطط السفر في الكونغرس.
الرئيس الأمريكي جو بايدن، أوحى الأربعاء بأن قرار زيارة بيلوسي لتايوان غير محسوم وقيد النقاش، ونقل عن الجيش الأمريكي مخاوفه بخُصوص الزيارة، ويعتقد الجيش وفقاً لبايدن أنها ليست فكرة جيّدة في الوقت الحالي، وتبدو هُنا تقييمات الجيش الأمريكي للرد الصيني على الزيارة، أكثر واقعيّة، ومُقاربةً للواقع، وجرى أخذها على محمل الجد، كما وبشكلٍ لافت جاءت تصريحات بايدن بعد يوم فقط على تحذير الصين من زيارة بيلوسي، الأمر الذي أوحى بالتراجع عنها، ولكن في نفس الوقت لم يطلب بايدن من بيلوسي عدم السفر إلى تايوان، ولا يستطيع الجيش الأمريكي رغم توصياته بمخاطر الزيارة أن يمنعها.
وكانت بيلوسي (82 عاماً) التي يحضها سياسيّون أمريكيّون على المُضي قدماً بالزيارة لتايوان وعدم الخُضوع لتهديدات الصين، وإظهار ضعف السياسة الأمريكيّة الخارجيّة لصالح الحزب الشيوعي الصيني، قد ألغت زيارة كانت مُقرَّرةً في إبريل الماضي لتايوان، بسبب إصابتها بفيروس كورونا، فهل تشاء الأقدار ويحول الفيروس بينها وبين زيارة تايوان مُجَدَّدًا؟
صحيفة “فاينانشال تايمز” أشارت من جهتها بأن حساسيّة توقيت الزيارة بأن بكين تُحيي في 1/ أغسطس ذكرى تأسيس الجيش الصيني.
وموضع الخلاف بين الصين وتايوان، بأن الصين تعتبر جزيرة تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها، في حين أن حكومة تايوان التي تعتبرها بكين انفصاليّة تعتبر نفسها سلطة مُستقلّة عن حكومة الصين، ومع هذا لا يعترف أحد بحكومة تايوان كدولة رسميّة مُستقلّة، فيما تستعد الأخيرة لهجوم صيني مُحتمل، تهدف منه بكين فرض السيطرة العسكريّة الكاملة على تايوان.
رأي اليوم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-07-2022 10:52 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |