26-07-2022 03:57 PM
بقلم : م. أنس معابرة
إذا كنت من الملايين حول العالم، والذين يمتلكون عدداً من الكيلوجرامات الإضافية، ويسعون الى خسارتها، فلا بد أن الكلام هنا سيعجبك كثيراً.
أنت تسعى لإنقاص وزنك، ذلك يعني أنت تمتلك وزناً إضافياً، وأنت غير راضٍ عن ذلك بتاتاً، وتسعى لأن تمتلك جسداً جميلاً متناسقاً، من خلال إتباع حِمية غذائية وممارسة التمارين الرياضية، ومن المؤكد بأن تلك المدة التي ستقضيها في خسارة الوزن ستكون بالنسبة لك كقطعة من جهنم.
لأنه من المؤكد أن ستنظر الى نفسك في المرأة كل يوم، وتزيد من كرهك لنفسك بهذا الشكل، وستزداد تعاستك وأنت تنظر في قراءة الميزان، وتحسب عدد الجرامات التي خسرتها، أو الكيلوجرامات التي يجب عليك خسرانها.
ينص القانون التراجعي للفيلسوف الآن واتس على أن: "الرغبة في التجارب الإيجابية تجربة سلبية، وقبول التجارب السلبية تجربة إيجابية". أي بإختصار؛ أنك كلما لاحقت أمراً ما بشدة وجعلته هدفاً، فإنك ستشعر بالسوء تجاهه، بينما لو تجاهلته جزئياً، فسيكون شعورك أفضل بكثير.
أنا لا أدعوك الى التوقف عن الحِمية الغذائية، أو التمارين الرياضية، ولكن دعوتي بأن لا تجعلها – هي أو غيرها - محور حياتك، وعدم تحقيقها سبباً لشقائك وتعاستك وإغتمامك.
كلنا يتطلع الى أن يصبح غنياً، أو وسيماً رشيقاً، أو محبوباً من الجميع، أو مشهوراً بين الناس، ولكن أن تضع واحدة من تلك السمات هدفاً لك؛ سيجعلك تركض خلفها طوال حياتك، دون أن تحقق هدفك الذي تطمح اليه، وفي نفس الوقت لن تعيش السعادة في مراحل الحياة المختلفة.
لقد كان الاهتمام المفرط بالجمال لدى بعض النساء سبباً لخوضهم غِمار عمليات التجميل، والعبث بما وهبه الله لهم من جمال، بل والطمع في الحصول على رسمة معينة للعين، ونفخة محددة للشفاه، وبروز في الخدين وغيرها، وبعضهن لم يستطعن التوقف عند حد معين من تلك العمليات، الأمر الذي تسبب في مضاعفات طبية لهن، ووفاة البعض الآخر. لقد تسببت ملاحقتهن المفرطة لموضوع الجمال وإهتمامهنّ به بضياع سعادتهن، والقضاء على أحلامهن.
ولمزيد من التوضيح؛ لتذهب امرأة جميلة الى أحد أطباء التجميل، وستجد أنها بحاجة الى عدة عمليات، فأنفها يميل بنسبة 0.005%، وخدها بحاجة الى بروز بمقدار 0.003%، وشفاهها بحاجة الى نفخ بمعدل 0.01%، هي لم تكن تعلم بكل تلك الحقائق، بل كانت سعيدة بتلك النعم التي حباها الله بها، لقد كانت على قناعة تامة بأنها جميلة، ولكن متابعتها المفرطة لهذا الموضوع جعلها تدرك أنها بشعة جداً، وبحاجة الى "تعديل".
المثال الثالث يتعلق بالمال، فطموحك لأن تصبح غنياً نابع من فقرك في الوقت الحالي، وبالتالي ستسعى الى جمع أكبر مقدار من المال، ولكن المشكلة لن تتوقف عند حد معين، وستتحول الى موظف يقوم بجمع المال وتكديسه للورثة من بعدك، وكلما تصل الى الهدف؛ ستقوم بتحديد هدف جديد بعدد أكبر من الأصفار.
خلاصة القول:
إن الإنسان الطَموح هو الإنسان الناجح، بل إن الإنسان بلا هدف أو غاية لا يتعدى كونه عالة على المجتمع، وسببٌ من أسباب الإستهلاك وكفى.
ولكن الإنسان العاقل هو من يستطيع أن يهتم بطموحه بعقلانية، وبعيداً عن أشكال المبالغة، والتي تؤدي الى إصابته بالغم، أو حتى الفناء قبل أن يصل الى هدفه.
إن الاهتمام المفرط في شيء ما سيدعوه للهرب منك، لأن تركيزك سينصب على حاجتك له، وسترتكب العديد من الأخطاء، أما في حال إستغناءك عنه – أو طلبه بإعتدال -؛ ستتمكن من العيش بسعادة، لأنك تعلمت الاهتمام دون الإغتمام.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
26-07-2022 03:57 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |