28-07-2022 09:24 AM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
لقد ادت علاقة الفضاء الإلكتروني بعمل المنشآت الحيوية سواء أكانت مدنية أوعسكرية لقابلية تعرضها لهجوم من خلاله إما يستهدفه كوسيط وحامل للخدمات أوبشل عمل أنظمتها المعلوماتية، ويكون من شأنه التأثير على القيام بوظيفتها ومن ثم فإن التحكم في تنفيذ هذا الهجوم يعد أداة سيطرة ونفوذ استراتيجية بالغة الأهمية سواء في زمن السلم أو الحرب، وهو ما برز في مخاطر عسكرة الفضاء الإلكتروني، وذلك سعيا لدرء تهديداته على أمن الفضاء الإلكتروني وبرز اتجاهات، مثل التطور في مجال سياسات الدفاع والأمن الإلكتروني وتصاعد القدرات في سباق التسلح السيبراني، وتبني سياسات دفاعية سيبرانية لدي الأجهزة المعنية بالدفاع والأمن في الدول ، وتزايد الاستثمار في مجال تطوير أدوات الحرب السيبرانية داخل الجيوش الحديثة.
وتبني العديد من الدول استراتيجية حرب المعلومات بحسبانها حربا للمٌستقبل، والتي يتم خوضها بهدف التشتيت وإثارة الاضطرابات في عملية صناعة القرار لدي الخصوم، عبر اختراق أنظمتهم، واستخدام ونقل معلوماته وهنا تري الدول الكبري أن من يحدد مصير تلك المعركة المٌستقبلية ليس من يملك القوة فقط، وإنما القادر على شل القوة، والتشويش على المعلومة، واتجهت العديد من الدول إلى تحديث القدرات الدفاعية والهجومية لمواجهة مخاطر الحرب السيبرانية والاستثمار في البنية التحتية المعلوماتية، وتأمينها، وتحديث القدرات العسكرية، ورفع كفاءة الجاهزية لمثل هذه الحرب عن طريق التدريب، والمشاركة الدولية في حماية البنية المعلوماتية، والاستثمار في رفع القدرات البشرية داخل الأجهزة الوطنية المعنية. وهنا، يتعلق التوجه الأخطر بنقل تلك القدرات من الدفاع إلى الهجوم عن طريق استخدام تلك الهجمات في إطار إدارة الصراع والتوتر مع دول أخرى.
وإن كانت عملية بناء القدرات العسكرية في مجال الأسلحة الإلكترونية تنطوي على عناصر أساسية، منها السعي إلى امتلاك التكنولوجيا، وأنظمة الحماية، وتطوير قدرات هجومية تعمل على تحقيق التفوق التقني والعمل على تطوير القدرات الهجومية، إما عبر بناء القدرات الذاتية، أو بالاستعانة بالأفراد والشركات المٌتخصصة، وتطوير القدرة على اختبار مدي الجاهزية لمواجهة الهجمات الإلكترونية، ، والعمل على توفير الميزانيات المٌخصصة لتطوير القدرات الهجومية والدفاعية، وخاصة مع قلة تكلفتها، مقارنة بحجم ما ينفق على الجيوش التقليدية.
وتتمثل متطلبات توافر الأمن الإلكتروني الدولي في التأكد من سلامة الدفاعات الإلكترونية، وعدم تعرضها لأي خلل فني طارئ، وألا تعالج هذه المسألة منفصلة عن غيرها، وإنما ضمن ترسانة شاملة للدفاع تشكل إطارا رادعا لأي حرب استباقية.، وهو ما يجعل تلك التهديدات تمثل خطرا على أمن الفضاء الإلكتروني باعتباره أصبح مرفقا دوليا .وجاءت تلك المظاهر لتبرز استخدامات غير سلمية للفضاء الإلكتروني وما يمثلة ذلك من تهديد للأمن الإلكتروني العالمي والبنية التحتية الكونية للمعلومات من جانب كافة الفاعلين في مجتمع المعلومات العالمي، كالدول والمنظمات الإرهابية والأفراد وعناصر إجرامية وآخرين،.
وهو ما يفرض على المجتمع الدولي التركيز على العلاقة بين الأمن الإلكتروني وبقضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستقرار السياسي، وصياغة إستراتيجية دولية لمواجهة تصاعد الأخطار الإلكترونية ، وأهمية تعاون كافة الفاعلين في مجتمع المعلومات العالمي لترسيخ ثقافة عالمية لأمن الفضاء الإلكتروني،وأهمية الموازنة بين اعتبارات الأمن وحرية استخدام الفضاء الإلكتروني ، وما بين الاحتكار العالمي للتكنولوجيا والعمل على انتقالها في دول العالم ،ومن ثم فإن التعامل مع النمط الجديد من التهديدات يتطلب تعاونا دوليا ،وأهمية الحاجة إلى فتح الطريق أمام التعاون المثمر بين الحكومات والأفراد والشركات العاملة في تكنولوجيا الاتصال والمعلومات ،ومن المٌهم أن يتم تعزيز دور الفضاء الإلكتروني في النمو الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين وحرية الرأي والتعبير ، وتعزيز التسامح بين الثقافات ، وبذل جهود دولية عاجلة ومتكاتفة لمواجهة تهديدات أمن الفضاء الإلكتروني بإمكانية العمل على حل الصراعات على أرض الواقع لمنع انتقالها إليه والعمل على توافق القوانين المتعلقة بالصراع الإلكتروني مع القانون الدولي وأهمية المبادرات الدولية لحماية الفضاء الإلكتروني فضلا عن البحث والتطوير في مجال الدفاعات ضد الأخطار الإلكترونية ، وتعزيز أشكال التعاون الدولي في سبيل مٌكافحتها من أجل تعزيز أمن الفضاء الإلكتروني باعتباره مرفقا دوليا وتراثا مٌشتركا للإنسانية.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-07-2022 09:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |