30-07-2022 09:39 AM
بقلم : الاستاذ المهندس الدكتور محمد العبيني
بدأت مسيرة التعليم العالي في الأردن بإنشاء الجامعة الأردنية في الستينيات، ومن ثم جامعة اليرموك في السبعينات ومن ثم مؤته بجناحيها العسكري والمدني وختامها مسك جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام ١٩٨٦ تلتها فيما بعد آل البيت والهاشمية والحبل على الجرار.
تشرفت بأن أُبتُعثت من جامعة اليرموك عام ١٩٨٠ في عهد الدكتور عدنان بدران المؤسس -أي يرموكي النشأة- وقد عدت من الابتعاث لألتحق بجامعة العلوم والتكنولوجيا (التي وُلِدَتْ من رحم اليرموك) في عهد الدكتور كامل العجلوني المؤسس(أي تكناوي الانتماء).
تخرجت من جامعة الينوي في اوربانا-شامبين (أحد أفضل جامعات الأمريكية الأولى في الهندسة في تلك الحقبة) وقد رفضت الإغراءات الكثيرة للبقاء في بلاد العم سام وعدت للتكنو عام ١٩٨٩ ولا زلت بها ولا زال انتمائي وعشقي للتكنو -كما يحلو للجميع تسميتها- يكبر وينمو رغماً عن السنوات وقد تخرج منها أولادي جميعاً طب وهندسة وعلوم حاسوب.
حضِيَ التعليم العالي في الفترة الأولى بشخصيات وطنية لها ثقل سياسي وعشائري واجتماعي وتحمل سيرة ذاتية متميزة أكاديمياً واجتماعياً وعملياً ويحسب لها ألف حساب في المواقف والمجالس وصاحبة قرار حكيم رزين واضح من عيار عبدالسلام المجالي وعدنان بدران وكامل العجلوني مع حفظ الألقاب (عهد البلدوزرز) وقد تميّز هذا العهد باستقلالية الجامعات استقلالية كاملة كمؤسسات وطنية لا تستطيع أي جهة مهما كانت أن تفرض عليها رأياً أو اتجاهاً بالرغم من قلة الإمكانيات المادية والميزانيات المحدودة.
كانت طريقة إختيار رئيس الجامعة تتم بإرادة ملكية تستند إلى الثقة والمعرفة الوطيدة بالأشخاص وقدراتهم وقد يقول البعض أنها طريقة غير ديمقراطيه ولكنها حكيمة وعادلة وتخلو من الأهواء الشخصية ولذا فإن جلالة الملك عندما يصدر الإرادة الملكية السامية يدعمها بالثقة الملكية والدعم الملكي.
كان رئيس الجامعة في تلك الحقبة رئيساً حقيقياً بل وأنه في جامعته والمجتمع يكاد يكون رئيساً للوزراء مع فارق أن فترة رئاسته للجامعة تكاد تكون عشرة أضعاف فترة رؤساء الوزارات المعتادة والتي لا تتجاوز السنة الواحده او اثنتين على أحسن تقدير.
كان رئيس الجامعة الحاصل على الثقة لا يخشى الوزراء ولا الدوائر السياسية أو الأمنية ولا يأخذ أوامر من أية جهة ولا من نواب الأمة وأعيانها.
كان هذا هو العهد الذهبي لمؤسسات التعليم العالي ولم يكن هنالك وزارة للتعليم العالي وكانت الجامعات مستقلة تماماً وقد رد الدكتور العجلوني قائمة قبولات الديوان الملكي لتعديلها أكثر من مرة.
وقد استمر ت هذه الحقبة فترة طويلة دخلت فيها السوق الأردني جامعات حكومية أُخرى مثل الهاشمية والبلقاء……..
أما الرؤساء الأشاوس والذين لا يخشون في الحق لومة لائم ولا يجاملون على حساب المصلحة العامة ولا ينامون فاتحي الأعين (قلقاً) فأعد منهم كامل العجلوني وعدنان بدران وناصر الدين الأسد وعبدالسلام المجالي وفوزي غرايبة وعلي محافظة(مع حفظ الألقاب) وآخرين لا اذكرهم الآن.
بدأ حال الجامعات يسوء واستقلاليتها تهتز عندما بدأت الدوائر الأمنيه تدخل اللعبة وتتدخل في التعيينات وغيرها وقد أطلق رصاصة الرحمة على مكانة رؤساء الجامعات أحد وزراء التعليم العالي (الغير طيب الذكر) والذي أقال أو نحى أو اعفى (بالعاميّة روَٓحَ أو كحشَ) سبعة رؤساء -في ليلة ما فيها ضو قمر- وقام بتعيين أو تكليف أو إحضار سبعة أشخاص كرؤساء جامعات في اليوم التالي قبل نشرة أخبار السابعة صباحاً.
أذكر أننا تسائلنا: (ليش هدول روّحهم وليش هدول جابهم!!) ولم نجد جواباً شافياً على أيٍ من هذين السؤالين حتى الان.
أصبحت هذه الممارسة سنة حميدة وأصبحت ترويحة رئيس الجامعة مثل السلام عليكم.
منذ ذلك الحين أصبح وزير التعليم العالي والذي غالباً ما يكون رئيساً لجامعة قبل أيام أو ساعات ينقلب لمدير عام يتحكم بمدراء مراكز تعليمية (رؤساء الجامعات) وما عليه إلا أن يوعز بما يريد أو يرغب فيجيب مدير المركز (الرئيس) أحلامك أوامر يا سعادة البيه.
التغول ليس فقط من وزير التعليم العالي بل أيضاً من الدوائر الامنيه والنواب ورئيس الوزراء ورئيس مجلس الامناء…
لمجالس الامناء أيضا قصص لطيفة (منها قصة رئيس مجلس امناء اليرموك السابق مع رئيس الجامعة السابق)ساسردها في حلقةً قادمه.
تعاني الجامعات حالياً من مشاكل مختلفة لا يجرؤ أحد على ذكرها وغالباً ما يشار إلى نقص الموارد المالية والحاجة لأموال البحث العلمي ونقص…….ولكن لا يجرؤ أحد على تسمية الأشياء بأسمائها حتى لا يفقد منصبه وخصوصاً أنهم يخضعون لتقييم سنوي اعتباراً من السنه الأولى وقد عزل وزير التعليم العالي الأسبق ستة رؤساء جامعات وأبلغ بعضهم بالعزل وهو في طريقه الى عمان دون أن يمكنه من العودة لمكتبه لأحد حاجاته الشخصية.
من الطريف أن الوزير البطل كان يريد أن يعزل رئيس جامعة بعينه فأًرفق معه خمسة رؤساء بحجة التغيير الشامل ولكن تدَخُل في آخر لحظة حال دون إقالة الرئيس السوبر وذهب برؤساء لا ذنب لهم وبدون إنذار فسبحان الله القادر الواحد الاحد.
لا أقصد من موضوعي الإساءة لأحد ولكني أريد لجامعاتنا أن تعود لسابق عهدها.
أعتقد جازماً بأن الجامعات لن تعود لتتبوأ مكانتها إلا إذا قامت أولا ً بحل المشاكل الحقيقية التي تعاني منها جامعاتنا و التي لا تخفى على أي أكاديمي و لا يجرؤ أحد على طرحها في العلن حتى لا يفقد المنصب أو الوظيفة ولك الله يا تعليمنا العالي.
فيما يلي سرد المشاكل دون شرح وسأقوم بعرضها بشكل مفصل نقطه كل حلقه حسب التغذيه الراجعة.
اولاً:إختيار مجلس الامناء
ثانيا: استقلالية الجامعات
ثالثاً:إختيار رئيس الجامعة
رابعاً: تسلط وسيطرة وزير التعليم العالي على الجامعات.
خامساً: السماح للدوائر الرسمية و الأمنية التدخل في أمور الجامعات وخصوصاً الدائره.
سادساً: إعادة دراسة نظام جسيم وتطبيقه تطبيقاً صحيحاً.
سابعاً: إختيار تخصص أو اثنين لتصبح كل جامعة مركز تميز.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-07-2022 09:39 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |