31-07-2022 11:56 AM
بقلم : أ.د. يونس مقدادي
أن من أبرز مدلولات مفهوم علم الهندسة والذي يبحث بالطرق العلمية المثلى في كيفية استخدام الموارد المادية أم غير المادية عملاً بتنطيمها وهيكلتها وترتيبها لتصبح بالتالي أكثر خدمة لصالح البشرية عبر أجيالها القادمة. وإنطلاقاً من هذا المدلول لو نظرنا إلى الأجيال القادمة واحتياجاتها في ظل تحديات وظروف زمانها المستقبلي لتوصلنا لنتيجة قد أوصى بها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه" ربوا أبناءكم لزمان غير زمانكم " وهذه الوصية تحمل بطياتها رسائل كثيرة وبشكلٍ خاص في تعليم الأبناء والأحفاد وما يليهم من أجيال ضمن مدخلات تعليمية تنسجم مع زمان جيلهم ليعول عليهم الآمال والطموحات في بناء المستقبل لهم ومجتمعهم.
أن عملية هندسة أجيال المستقبل تتطلب أفكار وتصاميم ابتكارية متنوعة ليكون لها دوراً في تغيير الواقع الحالي بمدخلاته وبمراحله الرئيسة بدءٍ من مرحلة الطفولة أي التربية الأسرية، والمدرسة، والجامعة وحتى كما يقال مكان العمل أيضاً وبالتالي سنجد بإن هناك شركاء حقيقيون ذو علاقة مباشرة وذات مسؤولية في هيكلة هندسة الأجيال لإخراجها لحيز الوجود ضمن أمكانيات وقدرات شخصية ومهاراتية ومعرفية وغيرها لتكون قادرة على التكيف والتفاعل مع واقع وظروف زمانها الحالي والقادم على الرغم من توقعات العديد منا بإنها ستكون صعبة في ظل ما يجري من تغيرات ذات تحديات خارجة عن الإرادة والتي أصبحت تفرض نفسها على فكر وثقافة ونمط الحياة للأجيال الحالية والقادم منها.
ولو أسقطنا ما نصبو أليه من مقالنا هذا على واقع ما يعانيه الجيل الحالي أي الشباب على سبيل المثال لوجدنا الكثير قد يعلق أسبابها على عدة أطراف ذات علاقة ومنها الأسرة وظروفها الاجتماعية والاقتصادية، والمدرسة وأساليب التدريس ومصادر التعلم ، وكذلك الجامعات بمدخلاتها والتي يراها البعض بأنها مازالت نوعاً ما بحاجة إلى التوجه نحو التطبيق العملي في مخرجاتها. أما أصحاب العمل تستوقفهم الأعداد الكبيرة من المرشحين للوظائف المحدودة بطبيعة الحال والتي ستفرز القلة منهم من خلال نتائج مقابلات وامتحانات التوظيف التنافسية في القطاعين العام والخاص، وهذه النتيجة تستوقفنا جميعاً بطرح السؤال الكبير ذو المدلول الواسع بمستقبل الأجيال وبالذات المتعلم منه والذي أصبح عاجزاً عن التفكير بحكم ضبابية المستقبل وأعباءه المحملة بالمفاجآت غير السارة في كثير من الحالات.
أن عملية بناء الأجيال لهي مسؤولية كبيرة على الجميع والتي أصبحت مطلباً ملحاً من جميع الشركاء بالتوجه وبشكلٍ مستعجل إلى إعادة هندسة بناء الأجيال بكافة مراحلها وتسخير كافة الموارد والامكانيات ضمن رؤى استراتيجية قادرة على تحسين حالها وتسليحها بالمهارة والمعرفة الجديدة لتسابق الزمن ومتطلباته لتمكينها من التكيف المناسب مع مستجدات هذا الزمان والقادم منه بدلاً من الانتظار طويلاً وبالتالي سنجد أنفسنا لا سمح الله قد ساهمنا في ضياع بوصلة بناء الأجيال والتي لا يحمد عقباها.