01-08-2022 07:53 AM
سرايا - تلاشت الضجة المثارة حول الشراء الآن والدفع لاحقًا BNPL في مختلف أنحاء العالم. أما الشركة السويدية Klarna والتي كانت في العام الماضي أعلى شركة ناشئة أوروبية في مجال التقنية المالية من حيث التقييم فانخفض تقيمها من 46 مليار دولار أمريكي إلى 6.7 مليار دولار فقط في آخر جولة تمويل، وخفضت العمالة بنسبة 10%. أما الشركة الأسترالية Zip فانخفضت أسعار أسهمها بنسبة 90% على مدار العام الماضي وألغت صفقة الاندماج مع شركة Sezzle بسبب ظروف الاقتصاد الكلي، وشركة Affirm في الولايات المتحدة شهدت أسهمها حالة تعثر بعد أن أعلنت شركة Apple تقديم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا الخاصة بها.
انخفضت مستويات إنفاق المستهلكين بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة التضخم مما أدى إلى مخاوف بخصوص عدم قدرة الأشخاص الذين يشترون السلع بنظام الشراء الآن والدفع لاحقًا على الوفاء بمدفوعاتهم. وبدأت الجهات التنظيمية التركيز على شركات الشراء الآن والدفع لاحقًا ومطالبتها بمستويات شفافية أعلى وتنفيذ فحوص أفضل لعملائها لتحديد مدى قدرتهم على تحمل التكاليف.
في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA، هذا الشعور السائد ليس قويًا إلى هذه الدرجة، فعندما ظهرت أولى الجهات الفاعلة، قدمت عروضًا فريدة في السوق كانت عبارة عن نوع من الائتمان في منطقة يحظى فيها المستهلكون بخيارات دفع محدودة.
تزايد استخدام خيار الشراء الآن والدفع لاحقًا في المنطقة زيادةً هائلة لدرجة أن "الأشخاص لا يمكنهم تخيل صفحة إتمام شراء دون هذا الخيار" هذا ما قاله عبد المجيد الصيخان، الشريك المؤسس في شركة Tamara السعودية ورئيسها التنفيذي.
وأضاف: "ظل السوق يعاني من قلة الخدمات لفترةٍ طويلة، ومنطقة مجلس التعاون الخليجي هي حالة فريدة حيث تركز أغلب البنوك على تقديم الخدمات المصرفية للشركات. فأغلب البنوك كانت تعزف عن تقديم القروض إلا في حالة عملك في القطاع العام، وكانت تضع كثير من الصعوبات أمامك عند رغبتك في الحصول على مبالغ ائتمانية بسيطة وصغيرة".
في أعقاب فترة الإغلاق وزيادة التسوق على الإنترنت، أصبح خيار الشراء الآن والدفع لاحقًا وسيلة تمكن المستهلكين من إدارة نفقاتهم في ظل تزايد حالة عدم اليقين المسيطرة على الاقتصاد وانعدام الأمن الوظيفي.
يقول الصيخان: "أؤمن أن هذه المنطقة اعتنقت رسميًا فكرة الشراء الآن والدفع لاحقًا" ويضيف أنها أصبحت خيار الدفع الرئيسي لنسبة 80% من المستهلكين عند إتمام الشراء. أما الأبحاث التي أجرتها checkout.com فتقترح أن 50% في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف يستخدمون خيار الشراء الآن والدفع لاحقًا في هذا العام.
ضجة مفرطة
أما حسام عرب، مؤسس شركة Tabby في الإمارات ورئيسها التنفيذي يرى أن نظام الشراء الآن والدفع لاحقًا "به مبالغات في الضجة المثارة حوله إضافةً إلى أن هذا القطاع حظي باهتمام زائد ومبالغ فيه".
عندما ظهرت الشركات الناشئة العاملة في الشراء الان والدفع لاحقًا لأول مرة في المنطقة، كانت بمثابة "الطفل المدلل" لشركات التقنية المالية ونجحت في تأمين أكبر جولات استثمارية في عام 2021. حصدت الشركات الناشئة في هذا القطاع ما يزيد على 232 مليون دولار، إلا أن الحرب في أوكرانيا رفعت أسعار الغذاء وأدت إلى ارتفاع معدلات التضخم ارتفاعًا حادًا مما جعل المستثمرين أكثر ترددًا وميلًا إلى الانتظار والترقب.
يقول عرب: " لا تبدو الأسواق العامة في حالة جيدة، فمجال التقنية عمومًا متضرر، والمدفوعات تعاني من أضرار أكبر، أما الشراء الآن والدفع لاحقًا فيعاني من أضرار أكبر بكثير. قبل اثني عشر شهرًا، كانت هذه الشركات الأعلى ربحًا، لكننا الآن في مرحلة إعادة الأمور إلى حالتها الطبيعية. أصبح القطاع شديد التنافسية بسبب الضجة المثارة حوله، وهذه الضجة تحتاج أن تهدأ قليلًا ونعيد القطاع إلى أرض الواقع".
في العام الحالي وحتى الآن، قيمة الاستثمارات في الشركات الناشئة العاملة في الشراء الآن والدفع لاحقًا وشركات التقنية المالية الأخرى التي تقدم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا تعدت 100 مليون دولار.
"إن حالة الهدوء التي وصلت إليها الأسواق نتج عنها هدوء في الشعور السائد لدى المستثمرين. سوف نرى قدر لا بأس به من صفقات الاندماج في هذا المجال وسيكون من الصعب على الجهات الفاعلة الحصول على رأس المال لأغراض التوسع لإن التوسع يحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة". هذا ما قاله عرب الذي نجح في إتمام جولة تمويل من الفئة ب بقيمة 54 مليون دولار بقيادة Sequoia Capital India وSTV في شهر مارس.
يقول عرب: "أما على المستوى الإقليمي، فأصبح الشراء الآن والدفع لاحقًا بمثابة "سباق متسارع نحو القاع من حيث الأسعار" ويضيف: "كلنا نحقق الدخل من خلال البائع، والبائعون يدركون أهمية أدوارهم في المعادلة ويستطيعون خفض الأسعار."
ولذلك، قلة من الشركات الناشئة في المنطقة تبنت نماذج أعمال مختلفة لمنع الاعتماد الزائد على البائعين والمستثمرين.
أما شركة Cashew التي تتخذ الإمارات مقرًا لها، فإن شراكتها مع بنك المشرق جعلتها لا تحتاج إلى البحث عن مستثمرين آخرين. هذه الشركة الناشئة التي غيرت مسار عملها من تقديم برمجيات مصرفية إلى تقديم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا أبرمت شراكة مع بنك المشرق الذي استثمر 10 مليون دولار لإطلاق خدماتها من خلال نموذج تقاسم الإيرادات.
تقول ابتسام واصف، الشريك المؤسس في Cashew: "تعمل البنوك في هذا السوق منذ عقود، ويمكننا الاستفادة من خبراتهم، وسنصبح أكثر قوة إذا تمكنا من دمج خبراتهم. نموذج عملنا يقدم التقنية ونتولى مسؤولية انضمام المستخدمين من البداية إلى النهاية، ونفضل الشراكة مع البنك لأغراض لها علاقة بالميزانية حتى نضمن عدم حاجتنا إلى البنوك في المستقبلولنضمن وجود مؤسسة بنكية بصفتها شريكة في أعمالنا."
وفقًا لواصف، لا تستطيع البنوك تقديم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا بأسلوب سلس وتقول: "لو كان بإمكانها تقديم هذه الخدمات، لكانت قدمتها بالفعل. المسألة ليست مسألة مهارات، بل مسألة امتثال ولوائح، فالشركات العاملة في خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا أو شركات التقنية المالية تستطيع التحرك أسرع وهنا تكمن قوتها، إنها التقنية في حد ذاتها والحفاظ على الرحلة بأكملها".
في الوقت الحالي في مصر، حيث أكبر سوق لخدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا بعد الإمارات والسعودية، تقدم إحدى شركات التقنية المالية نموذج "الادخار الآن والدفع لاحقًا" حيث يدفع العملاء مبلغ 100 جنيه مصري مقدمًا للاستفادة من خيار الدفع على أقساط. أما مؤسسو الشركة الذين كانوا يعملون سابقًا في ValU التي تقدم خدمات الشراء الآن والدفع لاحقًا من بنك الاستثمار EFG Hermes يصفون Sympl بكونها النسخة المطورة من ValU.
"لاحظنا أن القوة الشرائية للأشخاص الذين لديهم أموال وسيولة في حساباتهم تؤثر في السوق وتتحكم فيه" هذا ما قاله محمد الشبراوي الفقي، الشريك المؤسس في Sympl ورئيسها التنفيذي. "نسبة الأشخاص المحتاجين أو المحتاجين للائتمان، فهذه هي الشريحة التي تتنافس عليها كل المؤسسات المالية".
أما رحلة Sympl التي استطاعت في العام الماضي الحصول على تمويل بقيمة 6 مليون دولار فتبدأ عند إتمام الشراء مما يقلل الحاجة إلى تكبد تكاليف تسويق.
يقول الفقي: "نظهر أمامهم في مرحلة إتمام الشراء وهم يدفعون مقابل المنتجات أو الخدمات التي يحتاجونها ونوفر لهم خيار الدفع لاحقًا – ادخر نقودك وادفع لاحقًا. إذا كنت تطالب بدفع القسط الأول مقدمًا فهو يساوي 25% من المبلغ الموجود في حساب العميل وهذا لا يتماشى مع خطة الادخار التي نريد الترويج لها".
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا
لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا