08-08-2022 08:20 AM
سرايا - هل تتذكرون الأيام الذهبية لفيسبوك، عندما كانت المنصة مكان لنتشارك الصور والأخبار، ونشاهد مقاطع الفيديو ونلعب المزرعة السعيدة؟ حتى المناقشات السياسية والفكرية كان فيسبوك واحد من أفضل الأماكن لها!
كل هذا انتهى منذ 7 أو 8 سنوات تقريباً عندما تحول فيسبوك من الموقع الذي يحبه الجميع إلى الموقع المنبوذ الذي يبغضه الجميع، حتى إن أغلب مستخدميه اليوم ما زالوا يستخدموه لأنهم تعودوا على استخدامه وليس لأنها منصة يحبون قضاء الوقت بها!
فما الذي أوصل فيسبوك لهذا الوضع؟
قام مارك زوكربيرج وإدارته بالعديد من الأخطاء الكارثية التي تجمعت واحدة تلو الأخرى حتى بات فيسبوك يسير في طريق اللاعودة.
1. التضييق على صناع المحتوى من أجل الإعلانات
فيسبوك يُطلق ميزة مقاطع الفيديو القصيرة
إذا كنت صانع محتوى على يوتيوب فإن خوارزميات المنصة ستساعدك على الانتشار عند البحث عن مواضيع مشابهة لما تقدم. إذا كنت صانع محتوى على تيك توك فسيرشحك التطبيق للأشخاص الذين لديهم اهتمامات متقاربة، أما إذا كنت صانع محتوى على فيسبوك فعليك أن تدفع الأموال لكي تصل منشوراتك لمتابعيك.
نتذكر جميعاً كيف غير فيسبوك سياسة وصول المنشورات للمتابعين وبالأخص في الصفحات منذ ما يقارب 7 سنوات. لن تظهر منشوراتك لكافة المتابعين وسنقلل ظهور المنشورات التي بها روابط خارجية. إذا لم يتفاعل معك المتابع بشكل كافٍ فسنعتبره غير متهم وقد تمر أيام دون أن يرى منشوراً واحداً من صفحتك.
الحل الوحيد لكل تلك الضوابط الجديدة هي الإعلانات. ادفع الأموال من أجل يصل محتواك للمتابعين ولن نشاركك أي أرباح مثلما يفعل يوتيوب أو حتى تيك توك لاحقاً!
2. استخدام الأساليب القذرة مع المنافسين
الأمر بدأ مطلع العقد الماضي عندما كان مارك يحاول الاستحواذ على الشركات المنافسة الصغيرة. الملياردير الأمريكي حينها كان يتعامل بمبدأ أنه السيد وأنتم العبيد. كان يطلب من المدراء التنفيذين للشركات بأن يحضروا إلى مقر فيسبوك للمقابلة وليس العكس.
من كان منهم يظهر فقط مجرد رفض فكرة الاستحواذ كان يهدده مارك مباشرة. سنستحوذ على شركتك أو سنقضي عليها. بهذه السياسة هيمن مارك على واتساب وإنستاجرام ولكنه فشل في الاستحواذ على تيليجرام و سناب شات الذي رفض الفكرة وخرج مديروه ليفضحوا مارك.
لم يتردد زوكربيرج ليقضي على سناب شات وقام بنسخ الـ Stories كما هي دون أي تغيير حتى إنه لم يهتم بتغيير الاسم في رسالة واضحة لسناب شات وكل من تسول له نفسه بتهديد هيمنة الشركة على سوق مواقع التواصل الاجتماعي.
3. استغلال بيانات المستخدمين دون علمهم
ظل فيسبوك لسنوات يستغل بيانات المستخدمين في تطوير خوارزميات الموقع ليكون الوجهة الأولى للمعلنين. لم تكن سياسة استخدام فيس بوك وباقي التطبيقات بها الشفافية الكافية لتخبر المستخدمين صراحة أن الشركة تجمع بياناتكم من أجل توجيه الإعلانات المخصصة لكم.
انكشاف هذا الأمر جاء عبر سلسلة من الفضائح المتتالية التي دفعت فيسبوك للخروج والإعلان عن هذا الأمر بصورة صريحة ولكن بعدما فقد الموقع ثقة المستخدمين.
4. التلصص على المستخدمين
إذا سألت أي شخص حتى وإن لم يكن مهتم بمجال التقنية، هل لاحظت شيئاً غريباً في فيسبوك؟ سيخبرك فوراً أنه يجد إعلانات عن المنتجات أو الأماكن التي تحدث عنها مع أصدقائه وأقاربه دون أن يبحث عنها على المنصة. قد يضيف البعض أنهم وجدوا إعلانات لمنتجات لم يبلغوا أحداً بها، فقط فكروا بها ووجدوا إعلاناتها أمامهم.
أمر كهذا سيثير الذعر في نفس أي مستخدم. كيف استخدم منصة تتجسس علي بهذا القدر؟ كيف تقرأ المنصة أفكاري؟
توحش خوارزميات فيسبوك وإن جعل المنصة الأفضل بين المنافسين بالنسبة للمعلنين ولكنها جعلت المستخدم يفقد الثقة مرة أخرى في مكان كان يقضي به لا بأس به من يومه.
5. الطمع في بيانات واتساب
واتساب عرب هاردوير
منذ عامين تقريباً تفاجئ الجميع بأن شركة مارك ستقوم بربط البيانات التي تجمعها من واتساب بحسابات فيسبوك الخاصة بنفس المستخدمين.
إعلان الشركة عن الأمر جاء بصورة مباشرة وحادة. إما أن توافق على الشروط الجديدة وإلا سيتوقف واتساب عن العمل لديك. أمامك 15 يوماً للموافقة وإلا لن تتمكن من استخدام واتساب.
لم وقف فيسبوك عن استكمال تلك الخطوة سوى الغضب الشديد الذي عبر عنه كل مستخدمي واتساب لتضطر الشركة إلى زيادة المدة إلى 30 يوماً قبل تنفيذ السياسة الجديدة ولكن ولأن اعتراض المستخدمين لم يتوقف اضطرت الشركة للعدول عن هذا القرار.
6. فضيحة كامبريدج أناليتيكا
تعد فضيحة كامبريدج أناليتيكا العلامة السوداء الكبرى في تاريخ فيسبوك لاسيما في المجتمعات الغربية. أنت تتحدث هنا عن بيانات 89 مليون مستخدم تم الحصول عليها رغماً عنهم بصور ملتوية وتم استخدامها لاحقاً للتأثير على آراء الناخبين الأمريكيين.
الأسواء أن إدارة فيسبوك كانت تعلم بالأمر قبل عدة سنوات وكل ما فعتله هو أنها طالبت الجهة الجامعة للبيانات أن تكف عن الأمر وأن تمسح ما تمتلك من معلومات.
أنت هنا فشلت مرتين، الأولى في الحفاظ على بيانات المستخدمين الذين وثقوا بمنصتك والثانية عندما سكت عن استغلال تلك البيانات واكتفيت بمطالبة لن تؤثر بشيء.
7. التحريض على الصدام بين المستخدمين
من ضمن الأساليب القذرة التي تتبعها خوارزميات فيسبوك هي محاولة إنشاء أي صدام بين أصحاب الآراء المختلفة. خوارزميات المنصة قد تظهر لمستخدم منشور لا يعد ضمن اهتماماته بل منشور معاكس تماماً لرأيه فقط من أجل محاولة إنشاء صدام بين المستخدمين وبعضهم البعض.
لا مانع من إبقاء بعض الآراء المتطرفة حتى نضمن أن هناك صدام أكثر بين المؤيدين والمعارضين حتى وإن تسبب ذلك في عواقب وخيمة.
8. التضييق على فئات بعينها
فيسبوك
برغم أن فيسبوك يدعى دائماً أنه منصة حرة تقبل كافة الآراء إلا أن هذا الأمر ما إلا خدعة لجذب المستخدمين. فيسبوك له مواقف محددة من كل قضية في هذا الكوكب وتستخدم إدارة الموقع سلطتها من أجل تنفيذ سياسة تخدم هذا الموقف.
نشاهد جميعاً المحاولات المستمرة من قبل مجموعة المنصات التابعة لشركة ميتا لصد أي توثيق للانتهاكات التي تحصل للفلسطينيين أو حتى التي تتحدث عن القضية الفلسطينية. الأمر وصل أنه وفي العدوان الأخير على الفلسطينيين كان فيسبوك وإنستاجرام يحجبون أي محتوى متعلق بالأمر بل كانوا يحظرون الحسابات التي تدعم القضية الفلسطينية.
الأمر ذاته تكرر في الحرب الروسية مع أوكرانيا والموقف الموالي للحكومات الغربية الذي وصل لحجب أي شيء تابع للحكومة الروسية.
9. استثناء مشاهير من العقاب
واحدة من الفضائح التي طالت فيسبوك منذ فترة قصيرة هي وجود قائمة مخصصة من المشاهير في كل منطقة من العالم لا يتم حظر حساباتهم أو حذف منشوراتهم في حال خالفوا قواعد الاستخدام.
هدف فيسبوك من هذه القائمة كان ضمان أن الحسابات الكبيرة ذات التفاعل الكبير لا يتم إيقاف ما تنشر مهما كانوا ينشرون لأن هذا سيضمن بقاء المستخدمين على فيسبوك أكثر وقت ممكن.
كل تلك الأسباب ساهمت في أن يصل فيسبوك لما هو وصل إليه اليوم. منصة فاقدة لثقة المستخدمين، سيئة السمعة، تقف في أوجه صناع المحتوى، تحاول السيطرة على أكبر قدر ممكن من البيانات رغماً عن المستخدمين ولا يمكنها حتى حماية بياناتهم من الأطراف الخارجية.
الأسواء أن كل تلك الممارسات أفقدت فيسبوك أي تعاطف من المستخدمين. لا أحد يحب فيسبوك، بعد 10 سنوات من الآن وبعد أن يفنى فيسبوك لأنه من الصعب أن يبقى في وسط هذا الوضع السيئ لن يتذكره أحد مثلما نتذكر جميعاً برامج الدردشة والمنتديات القديمة.
الهروب إلى الميتافيرس مارك زوكربيرج فيسبوك
خطة مارك بالمراهنة على العالم الافتراضي (الميتافيرس) ومحاولة تقليد تيك توك ما هي إلا مسكنات في رأي ولكن على المدى الطويل فإن مارك زوكربيرج سيضطر لحصد ما زرع طوال السنوات الماضية وسيضطر لمشاهدة سفينته تغرق أو أن يطرد منها حتى تتمكن من الصمود أمام منافسه الصيني الأكبر تيك توك.