17-08-2022 12:53 AM
سرايا - يحذر علماء النفس والاجتماع من تأثيرات هيمنة التكنولوجيا وشبكاتها الاجتماعية في تكوين جيل أناني منسلب وفاقد الوعي.
ويقول العلماء، حسب تقرير لموقع ”espritsciencemetaphysiques“، إننا صرنا في خضم هيمنة التكنولوجيا وشبكاتها الاجتماعية نعيش في مجتمع من الأشخاص المنسلبين، ومن الكائنات التي لا تستطيع حتى تفسير نص مكتوب، وأصبح أطفالنا ”مشروطي بالمدرسة“، لكنهم نادرًا ما يكونون متعلمين.
لسوء الحظ يبدو أننا فقدنا القدرة على التفكير وفهم السياق وتعقيد كل شيء من حولنا، لا أحد يناقش بجدية ما الذي يُبقي مجتمعنا مقاومًا مصاعب الحياة في هذه الأوقات التي أضحت مظلمة في كثير من الأحيان.
يقول الأشخاص الذين يشعرون بالاشمئزاز من المكالمات المزيفة العنيفة، يجب على طلبة الجامعات العودة إلى المدرسة الابتدائية، فنحن نختلف معهم جذريًا، لذلك يجب أن يعود هؤلاء الطلبة إلى عائلاتهم، من ثم يتلقون التربية الأساسية، التربية من أجل الحياة في المجتمع.
ويستعين الآباء بمصادر خارجية لتعليم أطفالهم، في عالم خالٍ من الوقت ومليء بالذنب، فهم يفوّضون تعليم أطفالهم لمعلمين لا يمكن محاسبتهم، حتى وإن كانت لديهم المهارة والتدريب للقيام بما يجب القيام به، لأن المعلمين في الحقيقة مُلقّنون عابرون بينما الآباء معلمون مدى الحياة!.
صراع مع الوقت
وفي هذه الأيام يمر الوقت بسرعة كبيرة جدًا لدرجة أننا لم نعد نملك الوقت حتى لمحاولة فهم ومعالجة ما مررنا به منذ بضع ساعات.
والأطفال يستيقظون مبكرًا ويذهبون إلى المدرسة، ويعودون إلى المنزل، ويتناولون الغداء وهم يشاهدون التلفاز، ويُرتّبون محادثاتهم على ”واتساب“، ويتصفحون حساباتهم على الشبكات الاجتماعية، ويلقون نظرة سطحية على الإعجابات والتعليقات في ”إنستغرام“ لأنهم لا يفهمون السياق والتعقيد.
لو سألتهم مَن شارككم طاولة الأكل (بينما على نفس الطاولة آباؤهم يلعبون أيضًا بهواتفهم المحمولة) فقد لا يدركون ذلك، لأنهم يكونون أقرب إلى الأصدقاء ”الافتراضيين“ من أولئك الذين يشاركونهم نفس المساحة والطاولة ونفس الطعام.
وحسب التقرير، إن الجزء الأكثر مأساوية من كل هذا هو أن الآباء أيضًا يجلسون على مائدة العشاء وهم يشاهدون التلفزيون، ويراجعون محادثاتهم على ”واتساب“، ويدققون شبكاتهم الاجتماعية، ويتابعون الإعجابات على ”إنستغرام“ ويُعلقون في سطحية على التقارير التلفزيونية.
وبعد الغداء يذهب الآباء إلى قضاء حوائجهم، ويذهب المراهقون إلى دروس الكمبيوتر، واللغة الإنجليزية والرياضة، وفي المساء يجلسون في غرفة النوم أمام الكمبيوتر المحمول، ويتصفحون المواقع التي لن يتذكروها أبدًا، وهم مع الدردشة على ”سكايب“، وممارسة الألعاب عبر الإنترنت، حتى موعد النوم.
وفي عطلة نهاية الأسبوع ينام هؤلاء الصغار ساعات طويلة للاستعداد للمساء، حيث سينضمون إلى الجميع ويمرحون إلى حد الإجهاد.
ما هي المعالم والأسس التي ستتعين على هؤلاء الشباب حتى يتغلبوا على صراعاتهم الشخصية؟
هؤلاء الصغار يتصرفون مثل البالغين وهم في سن 13 و14 و15 وفي كثير من الحالات يعامَلون مثل البالغين، لكنهم ليسوا بالغين، إنهم أطفال ومراهقون لا يعرفون شيئًا عن الحياة على الإطلاق، لكنهم متهَمون كما لو أنهم يعرفون كل شيء، والأسوأ من ذلك فهم يعتقدون أنهم يعرفون كل شيء، يريدون أن يتم قبولهم، لكن للأسف يريدون أن يتم قبولهم في عالم مظاهر غير واقعي!.
وفي مجتمع الجسد المثالي الاستهلاكي، والحياة الكاملة، والكائن المثالي، لا يوجد مكان تكون فيه ”كائنًا إنسانًا“، ولا مكان ”نكون فيه نحن من نكون“.
ولكن كيف يمكن تثقيف وتعليم الشباب إذا لم يكن لدى الآباء ”الوقت“ لمساعدة هؤلاء الشباب على بناء أسسهم؟.
ولا يملك الأطفال ”الوقت“ للاستماع إلى ما يقوله آباؤهم، ربما لأنهم غارفون في مؤتمر عائلي عبر ”واتساب“ أو ”سكايب“.
الأصدقاء ليست لديهم كل الإجابات، وليست لدى ”Google“ كل الإجابات.
ومن الضروري أن يفهم هؤلاء الشباب أنهم لا يملكون قيمة ما ”يُستهلك“ أو ما يستهلكونه من خلال الصور، والعروض، والإعجابات، والمشاركة، والتعليقات، القيمة ليست ”ذاتية وسائلة“، لأن هذه ”القيمة“ تكمن في الطريقة التي يقدم بها الشاب نفسه بصفته إنسانا حقيقيا.
الصغير لا يعرف كل شيء
عندما نكون صغارًا نعتقد أننا نعرف كل شيء، وأننا جاهزون للحياة، لكن الحياة تعلمنا في النهاية أننا لا نعرف شيئا عن الحياة.
أن نفهم ونعي ونقبل أننا لسنا ولن نكون كاملين أبدًا، وأننا لا نعرف شيئا تقريبا، وأننا لسنا متأكدين من كل شيء، يجعلنا أكثر انفتاحا، وأكثر إنسانية، وأكثر لطفا، وأكثر حبا وتسامحا، مع أنفسنا ومع الآخرين.
ولكن لكي يفهم شبابنا كل هذا علينا أن نربيهم ليكونوا أكثر إنسانية وتعاونا وإبداعا وتجاوزا وتسامحا.