17-08-2022 09:28 AM
سرايا - تُعرف ملابس "الجينز" عبر العالم بتأثيرها السلبي على البيئة، بسبب استهلاك صناعتها لكميات كبيرة من المياه، وبسبب ما تخلفه من أطنان النفايات التي تتنوع بين بقايا الأقمشة والملابس المستعملة، خاصة أن الناس يقبلون عبر مختلف دول العالم، على استعمال ما يفوق ملياري سروال جينز سنويا.
وأمام النسق السريع لدورة صناعة واستعمال الجينز، يعمل الخبراء على وضع حلول لتخفيف تأثيرات صناعته على البيئة، كما تشارك علامات أزياء الجينز العالمية في العديد من المبادرات الخضراء، نزولا عند طلب المستهلكين وحماية للطبيعة.
ويتم ذلك باللجوء لعمليات تصنيع مقتصدة في الطاقة، وباستخدام القطن العضوي والمعاد تدويره لطرح سراويل جينز صديقة للبيئة داخل الأسواق العالمية.
تجدر الإشارة إلى أن أغلب سراويل الجينز في العالم، حتى الماركات العالمية، يتم إنتاجها في مصانع بلدان بآسيا وشمال إفريقيا، ومن بينها تونس، التي صنفت سنة 2021 المزود الرابع للاتحاد الأوروبي في سراويل الجينز.
وفي مصانع تونس، بدأ منذ منتصف السنة الحالية العمل ببرنامج "سويتش ماد أونيدو" الصديق للبيئة، القاضي بإعادة تدوير الآلاف من سراويل الجينز وتحويلها إلى آلاف الأمتار من الجينز، ثم إلى ملابس جديدة.
وعملت ماركات "ديزل" الإيطالية و"رينزو روسو"، بالتعاون مع منظمة التنمية الصناعية التابعة للأمم المتحدة، على تطبيق أولى التجارب بمصانعها في تونس، من أجل إنتاج سراويل جينز صديقة للبيئة، بالاستعانة بفضلات القماش لإنتاج قطع جديدة صديقة للبيئة.
وقد ساهمت هذه العمليات في الحد من استهلاك المواد الخام، والتقليل من النفايات المؤذية للبيئة في الوقت نفسه.
ونقلت مواقع عالمية عن سفير ديزل للاستدامة، أندريا روسو، قوله: "نحتاج إلى استعادة المواد الموجودة وتنفيذ نهج دائري، وفي ديزل نعتقد أن هناك قيمة كبيرة للتعاون مع شركاء وموردين متشابهين في التفكير لتقليل الاعتماد على الموارد البكر، واستبدالها بمعالجة النفايات كمواد خام ذات قيمة".
من جانبه، أكد المركز الفني للنسيج بتونس، أن تطوير صادرات الملابس التونسية يتطلب عدة إجراءات، بما في ذلك الانتقال السريع إلى مشروع تدوير الأقمشة، حماية للبيئة، الذي بدأ في النصف الثاني من عام 2022 ويستمر حتى عام 2023.
وأوضح مدير عام المركز الفني للنسيج، محسن ميساوي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "قطاع النسيج في تونس يعتمد كليا على التصدير، وينتج ماركات عالمية توزع في الأسواق الأوروبية، التي تعطي أهمية للجانب البيئي".
وأضاف: "كما أن المستهلك الأوروبي يفضل المنتجات التي تحترم المواصفات البيئية، مما دفع الماركات العالمية التي تعمل من تونس إلى التوجه نحو المنتجات الصديقة للبيئة، على أمل تحقيق هدف وجود 30 بالمائة من الملابس المعاد تدويرها في الأسواق بحلول عام 2025، و100 بالمائة عام 2030".
وتابع: "تونس بدأت تجربة إعادة تدوير الملابس مع مصانع الجينز العالمية، فضلا عن اعتماد معايير إضافية للمحافظة على الجانب البيئي، من بينها إعادة تدوير المياه المستعملة في قطاع النسيج، واختيار تكنولوجيا تحافظ على البيئة لصبغ الٌأقمشة".
كما أشار إلى أن استهلاك المياه في صبغ الجينز، "تقلص إلى 10 لترات للسروال الواحد، بعد أن كان في حدود 120 لتر".
وعلق الخبير في تدوير النفايات، طيب رمضان، بأن "اعتماد مشروع إعادة تدوير الجينز ضروريا من أجل ترشيد استعمال المواد الأولية ومعالجتها بشكل يراعي الأبعاد البيئية"، مضيفا أنه "يمكن أيضا الاستفادة من فضلات الجينز في معامل الإسمنت".
وبدوره، أكد الخبير، عادل لحمر، أن "تدوير قماش ملابس الجينز والاستفادة منه، يعد مشروعا مجديا اقتصاديا، كما يمكن أيضا توظيف نفاياته لاستخراج الغاز والكهرباء".
من جانبه، تحدث خبير تثمين النفايات، فتحي لشهب، عن طريقة أخرى معتمدة في تونس للاستفادة من نفايات النسيج، بتحويلها إلى أغطية و"بطانيات"، وهي حلول تحمي من تحلل نفايات النسيج في الطبيعة، كما تخلق أرباحا اقتصادية.
وأمام جهود الخبراء في طرح منتجات صديقة للبيئة في الأسواق، تبقى مبادرات المصنعين محتشمة ومقتصرة على العلامات عالية الجودة، في انتظار تعميمها أكثر لتتحول إلى ثقافة لدى المٌصنع والمستهلك على حد السواء.