23-08-2022 08:34 AM
بقلم : د. زيد حمزة
والحديث عنهما ليس سيرة ذاتية ولا تأريخاً سياسيًا تقليدياً، وهما ابراهيم هاشم الذي شكل عام ١٩٣٣ اول وزارة له استمرت خمس سنوات وكانت ما تزال تدعى «المجلس التنفيذي»، والثاني توفيق ابو الهدى الذي خلفه عام ١٩٣٨ حتى عام ١٩٤٤ اي طوال الحرب العالمية الثانية تقريباً فيما أصبح يسمى «مجلس الوزراء» بتعديل القانون الأساسي عام ١٩٣٩، وعاد لتأليفها عدة مراتٍ متفرقة استقال من آخرها عام ١٩٥٥ بعد فترة اصطخبت بالأحداث السياسية، اما ابراهيم هاشم فقد عاد اكثر من مرة أجرى في آخرها الانتخابات النيابية المعروفة (تشرين اول ١٩٥٦) التي اسفرت عن تكليف سليمان النابلسي بتشكيل الوزارة الحزبية البرلمانية الاولى والأخيرة في تاريخ البلاد، وجدير بالذكر ان الارقام التي تظهر في الجريدة الرسمية عن عدد المرات التي يؤلف بها أحد سياسيينا وزارته لا تعني شيئا ذا بال لان الدستور ينص على ان الملك هو رئيس السلطة التنفيذية وهو الذي يعين رئيس الوزراء وهو الذي يقبل استقالته.
الطريف ان الرجلين اللذين يظن البعض انهما خصمان سياسيان اسوة بالشائع عن باقي رؤساء الوزراء في هذا البلد، كانا يسكنان نفس الحي القديم من جبل عمان «الجديد» المشرف على وسط البلد ولا يبعدان عن بعضهما سوى خطوات ولا يتزاوران! الاول (توفيق ابو الهدى) في منزل مكون من طابقين انيقين بطراز فريد ولون زاهٍ وقد جرى ترميمه من قبل جمعية ثقافية اشترته، واشتهر في العام الماضي حين عرض التلفزيون الاردني ضمن «مئوية الدولة » برنامجًا عنه وعن صاحبه من إعداد محمد رفيع الذي أشركني في احدى حلقاته فتحدثت عن الرجل بموضوعية وانا اعرف بعض جوانب حياته وحاولت، رغم معارضتي لسياسته، أن أنصفه من حيث نظافة اليد واحترام القانون وقرارات المحاكم حتى لو كانت مخالفة لرغباته الشخصية في الشؤون الادارية.. اما الثاني فبيت ابراهيم هاشم المتواضع أصلًا حتى بمعايير ذلك الزمن الغابر فقد عرفته تفصيلاً حين كنت مع ابنه عبدالله رفيق الصف المدرسي نستعد للامتحانات، وعندما زرت الموقع قبل أيام كي أنعش ذاكرة وذكرياتٍ مضى عليها ثمانون عامًا تقريبًا، لم اجد فيه ما تغير سوى ترميم الجامعة الالمانية واستعمال أجزاء منه مكاتب لها مع إضافات لطلبة كلية الهندسة المعمارية والبيئة، وجاء في أخبار الأسبوع الماضي ان أمانة عمان مالكة العقار جددت اتفاقيتها مع الجامعة ضمن سياستها للمحافظة على التراث وتجميل وسط المدينة وهو ما تُحمدان عليه حقًا.. ومن التاريخ الذي يكاد ان يغيب ان ابراهيم هاشم استشهد في بغداد اثناء ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨ ومعه رفاقه من اعضاء الوفد الاردني الذي كان يجري مفاوضات مع حكومة نوري السعيد لإقامة الوحدة بين البلدين.
وبعد.. ما يلفت النظر دون قصد المقارنة او المفاضلة ان رئيسيْ الوزارة السابقين لم يحظيا من قبل الاعلامَيْن العام والخاص منذ رحيلهما بالاهتمام والاحترام كما حظي آخرون، وفي ذلك ظلم لا يستحقانه ولا يمكن تبريره بالسهو غير المقصود، فمن شيم هذا الوطن الوفاء لمن خدموه دون تمييز.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-08-2022 08:34 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |