25-08-2022 10:08 AM
سرايا - صدر في دار «العائدون للنشر» كتاب قصائد للشاعر الفارسي المتصوف محمود الشبستري بعنوان «حديقة ورود من الأسرار»، وقد كتب قصائده هذه في القرن الرابع عشر ميلاديّة، وهي تُعدُّ واحدة من أعظم الأعمال الفارسية الكلاسيكية للتقاليد الصوفية الإسلامية، وتستند القصائد في الغالب إلى الإسلام والصوفيّة والعلوم التي تعتمد عليها. وهو نصّ صوفي فارسي لقي شهرة هائلة وقت صدوره في القرن السابع الهجري، وظلّ موضعَ اهتمامٍ من قبل العلماء المسلمين، السنّة والشيعة والإسماعيلية على السّواء.
قامت بالترجمة الكاتبة والمترجمة الدكتورة لمى سخنيني، المهتمّة بعالم التصوّف والمتصوّفة، وسبق وترجمت عددًا من الكتب الصوفيّة، وكتبت سخنيني مقدّمة للترجمة جاء فيها:» كتاب «حديقة ورود من الأسرار»، هو مجموعة قصائد كتبها الشيخ الشاعر محمود الشبستري في القرن الرابع عشر ميلاديّة، كما أنها تُعدُّ واحدة من أعظم الأعمال الفارسية الكلاسيكية للتقاليد الصوفية الإسلامية، وتستند القصائد في الغالب إلى الإسلام والصوفيّة والعلوم التي تعتمد عليها.
وتقول سخنيني قبل التوقف مع هذا الكتاب، سنسعى في البدء للتعرّف إلى هذا الشاعر الصوفيّ العظيم، وعوالمه التي شكّلت شخصيته التي صرنا نعرف. فمن هو هذا المتصوّف المتميّز بشعره ومقولاته؟ كيف عاش، وفي أيّ زمن، وأيّة ظروف؟
«بحسب تاريخ وفاة الشاعر الصوفي الشبستري (1317م/720هـ) عن عمر ناهز الثالثة والثلاثين عامًا، نستطيع تقدير تاريخ ولادته كما يلي (1284م/ 687 هـ). وقد دُفن في شبستر، وأصبح مرقده مقصدًا للزوّار والسائحين في أذربيجان. ومن تفاصيل حياته المسجّلة، أنه كان مرتبطًا بإخلاص بأحد تلاميذه الذي عُرف باسم الشيخ إبراهيم، وأنه بالإضافة إلى «حديقة ورود من الأسرار»، ورغم عمره القصير، ترك لنا الكثير من الآثار، ومنها «سعادة نامه» الذي شرح فيه بعض أحواله، وألقى الضوء على الأجواء الدينية في عصره، وكتاب «شاهد نامه» وهو عن العشق والمعشوق والعاشق، و»مرآة المحققين» في معرفة النفس والله والعالم، و»حقّ اليقين في معرفة ربّ العالمين» ويشتمل على حقائق ودقائق في الحكمة الإلهية والتصوف».
وتبين سخنيني أنه لا توجد معلومات أخرى عن ظروف حياته، إلا أننا نعلم من كتاب «حبيب السِّيَر في أخبار افراد البشر» المعروف اختصارًا باسم «حبيب السِّيَر» وهو كتاب تاريخ فارسي، من تصنيف غياث الدين خواند مير المتوفّى 942 هـ، وفي سجلات أخرى، أن ولادة الشّبستري كانت متزامنة مع توغل المغول الوثنيين تحت قيادة هولاكو خان، الذين غزَوا بلاد فارس وسوريا وبلاد ما بين النهرين، والذي تزامن مع سقوط الخلافة العباسية. وبأن الشاعر قد عاش بالفعل في تبريز، عاصمة إمبراطورية المغول التي كانت قد تأسست حديثًا، ولا بد أنه شهد الصراع الطويل الذي تلى ذلك بين المبشرين المسيحيين والمسلمين من أجل كسب سلاطين المغول إلى دياناتهم، وهو صراع قد شهد نهايته، عندما اتّبع الإمبراطور محمود غازان بن أرغون (1271–1304م)، مع ما يقارب مائة ألف من أتباعه، الديانة الإسلامية. وقد زارت تبريز بالفعل بعثات من البابا نقولا الرابع، والبابا بونيفاس الثامن، وكذلك من قبل الرحّالة المعروف ماركو بولو؛ ولربما تكون معرفة الشبستري بالمذاهب المسيحية قد تحسّنت من اللقاء مع بعض الرهبان المرافقين لهذه الإرساليات.
وبخصوص قصائد الكتاب، تكتب سخنيني: عن وردة الصوفيّين»نعلم من مصادر عدّة أن الوردة تحتل مكانة مميزة في الصوفية، إذ تبدو وكأنها احتفال وصلاة عميقة، وتبدو وكأنها برزخ العبور من العالم الأرضي إلى العالم السماوي. وتوجد رمزية الوردة في الشعر الصوفي الفارسي، حيث تمثل ألغاز وجمال المسار الروحي. وإذا كانت الأزهار ترمز إلى عالم الأرواح، فإن الوردة تجسد مسار حياة الإنسان. يقول حافظ الشيرازي:»كان للوردة جمال المحبوب، عشقها العندليب ولم يستطع أن يُحبّ غيرها وهي لم تنطق بكلمة»
وتضيف: كتب الشبستري كتابه هذا في حوالي عام 1311م، في إطار المثنويّات، كلّ بيتين معًا. وقد جاءت ردًا على خمسة عشر سؤالًا عن الميتافيزيقا الصوفية طرحها روح الدين أمير حسين الهروي الملقّب بالجنيد الثاني (ت 1318م) على «الأدباء الصوفيين في تبريز».