حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,21 سبتمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2297

يا صاحبي: لم يعد في البيت إلا صورة حائط

يا صاحبي: لم يعد في البيت إلا صورة حائط

يا صاحبي: لم يعد في البيت إلا صورة حائط

27-08-2022 10:58 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. ظاهر محمد الزواهرة
هوى القلب في وادٍ من الحزن العميق، وتجدّدتْ كلُّ المصائب والمحن، وكنتُ أظنّها بالصبر تأتي بالفرج، ومضى الزمان، وأنا الذي في حقيقة الأمر مضيت، وبقيتُ أنشدُ زهرةً للعيد، أو فرحةً لغدٍ أثكل أمسه بوجع الفؤاد وما رأى.
أنا حائرٌ بين سفرين، وكلاهما يثقلُ القلبَ وجعًا، ولم يعدْ في القلب متسعٌ لأوجاع جديدة، فقد جاءت الأوجاع زرافاتٍ ووحدانا، والدمع مطرٌ على خدٍ لوّحته الشمس يا أمي:
فَالعَينُ بَعدَهُمُ كَأَنَّ حِداقَها *** سُمِلَت بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ
يا صاحبي: لم يعد في البيت بَعدَهُمُ إلا صورة حائط، فإذا نظرتُ بلَّ دمعي محملي، وإذا مررتُ بكيتُ فقد خلتْ من أهلها الدار، حتى شجيرات الدار حزنًا عليهم صفراء عاجلها الخريف في قلب الربيع، وكبرتُ يا صاحبي في العام عشرات السنين، وهرمتُ في ريعان الشباب ولم أعد مثل الشباب، وإنما كهلٌ هدّه الحزنُ، والحوادثُ مروة كلّ يوم تقرع.
يا صاحبي: حدّق بوجهي ترَ الآمال ذاوية ولدغات الأفاعي زيّنتْ جسدي، ولامني ألفٌ فما وهنتُ في حزني، هو الحزن رفيق الوفاء، فكيف أملُّ رفيقًا لا يفارقني؟
يا صاحبي: والله جزعتُ وتعبتُ، وشوقي إلى السفر البعيد أكثر من شوق المفارق للديار يعودُ:
قَـــد ذُقـــتُ أُلفَــتَهُ وَذُقــتُ فِــراقَهُ *** فَـوَجَـدتُ ذا عَـسَـلاً وَذا جَمر الغَضا
يا صاحبي: لقد كبرتُ وأخذتني السنون، ولم أكن كاتب رسالةٍ تفرحُ بها عاشقةٌ تاه بها عنوان البريد، وتاهتْ بها، فحملتها وردة يهفو بها القلبُ، وقلبي مثخنٌ بالجراح، ولستُ جلمود صخرٍ لا تحركني ابتساماتٌ وزغاريد، لكنّه الحزن عيد يأتي بعده عيد، أتراني في طيبة القلب وهنت؟
يا صاحبي: ظنَّ الذين تسابقوا بالزور والبهتان، والغش والتدليس، وسحق حقوق الناس والقربات أنَّ الحياة طويلة كالنيل، هي عيونهم، والعين تخدع قبل القلب أحيانًا، هي عيونهم حين ابصرت الحرام فطابها، فتجاوزت أكل الحرام وغذّيتْ به، فما عاد للتمييز بين محلل ومحرم قيمة سوى طمع وبشع، وجمع مال سيتركونه وراءهم نارًا ستحرقهم تحت تراب الأرض، فكيف عند خالق عزيزٍ مقتدر؟؟؟
يا صاحبي: جزعتُ فلا تلمني إذ بكيتُ، إنّي رأيتُ في دمعتي راحة، ويعيدني دمعي إلى قلبي، وكم سألتُ ربي: ياربِّ لا تجعلني من القاسية قلوبهم، والتاركين وراءهم أبناءهم بلا خلق ودين، فيقفون يومًا على قبورهم، وينثرون تراب القبر بأقدامهم، ويشتمون ساكن القبر، فويلٌ للعاقين من شر مستطير:
وَليَأتِيَنَّ عَلَيكَ يَومٌ مَرَّةً *** يُبكى عَلَيكَ مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ
هبني سكتُ، فليس كلّ سكونت من ذهب، ولا كل سكوت قناعة ورضا، فلربما كان السكوتُ تفكرٍ في رحلة قلَّ من يحسُّ بها، وقد كثرتْ زينة الدنيا الغرور، فـــ:
لا بُدَّ مِن تَلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر *** أَبِأَرضِ قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ

• د. ظاهر محمد الزواهرة
• الجامعة الهاشمية – الزرقاء: 25/8/2022م، الساعة: 1:34 ظهرًا.


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 2297
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
27-08-2022 10:58 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم