30-08-2022 07:59 AM
بقلم : سلامة الدرعاوي
بات واضحاً أنّ مسار السياحة عاد لسكّته الصحيحة الّتي كان عليها قبل جائحة كورونا، فالأرقام تدعم بصورة قويّة حركة القطاع الّذي يعوّل الأردنّ عليه كثيراً في زيادة النموّ الاقتصاديّ وخلق فرص عمل جديدة للأردنيّين.
البيانات الأوّليّة الصادرة عن البنك المركزيّ أظهرت ارتفاع عائدات المملكة من الدخل السياحيّ بنسبة 4ر15 % إلى 8ر1 مليار دولار (نحو 3ر1 مليار دينار)، وهذا ناتج عن ارتفاع عدد السيّاح الكلّيّ بنسبة 5ر10 % بالمقارنة مع الفترة المماثلة من عام 2016.
وحسب البيانات، فقد ارتفع الدخل السياحيّ بنسبة 8ر6 بالمائة خلال شهر أيّار من العام الحاليّ إلى 5ر371 مليون دولار (حوالي 4ر263 مليون دينار)، وذلك ناتج عن ارتفاع عدد السيّاح الكلّيّ بنسبة 5ر3 % ليصل إلى 6ر420 ألف سائح بالمقارنة مع 4ر406 ألف سائح في شهر أيّار من عام 2016.
هذه المؤشّرات رغم ايجابياتها، إلّا أنّ مضمونها احتوى على تفاؤل كبير بأنّ هذا القطاع يملك من المقوّمات ما يمكنه للنموّ بشكل أكبر ممّا هو عليه الآن، ويكون له دور كبير في التصدّي للبطالة من خلال خلق آلاف فرص العمل في حال استثمار الميزة التنافسيّة العالية للقطاع والّتي ركّزت عليها رؤية التحديث الاقتصاديّ وكانت أحد محاورها الأساسيّة.
لدينا في الأردنّ تجربة عميقة في التصدّي لمفهوم ثقافة العيب الّذي استطاع قطاع السياحة أن يقلّبها رأساً على عقب، قبل 20 عاماً كانت غالبيّة العاملين في القطاع السياحيّ هم من العمالة الوافدة، واليوم ونتيجة لتنظيم المهنة وتأطير حقوقها العمّاليّة من ضمان وتأمين صحّيّ وساعات العمل وامتيازاته المختلفة كانت الفائدة إيجابيّة للغاية وهي أنّ غالبيّة العاملين اليوم وبنسبة تجاوزت الـ 90 % هم من الأردنيّين وبعدد يناهز الـ 45.5 ألف عامل من أصل 50.6 ألف عامل في القطاع.
رؤية التحديث الاقتصادي وضعت يدها على نقاط قوّة القطاع والّتي بإمكان الحكومات تسخيرها وتوظيفها وزيادة إيراداتها (1,5مليار دينار)، والعمل على تطوير السياحة الوطنيّة الّتي تمتلك أحد أكبر التجمّعات السياحيّة في المنطقة بمواقع متنوّعة، وخبرات وتجارب لسنوات طويلة، ونشاط إيجابيّ في هيكل القطاع، وطقس جاذب للسياح وموقع جغرافيّ استراتيجيّ، ناهيك عن توفّر الأمن والأمان في ربوع البلاد.
لكنّ الرؤية تمكّنت من تحديد تحدّيات القطاع والّتي أبرزها تكمن في تشابك البيانات ومحدوديّتها وضعف التعاون بين المؤسّسات الرسميّة والخاصّة المعنيّة بالسياحة، وغياب الحكومة المنظّمة لإطار عمل القطاع، ناهيك عن غياب التخصّصات والتعليميّ المرتبط باحتياجات السوق السياحيّة.
القطاع السياحيّ الّذي يشكّل 12 % من الناتج الماليّ الإجماليّ هو قطاع ما زال ضمن حالات النموّ الضعيف والّتي لا تتناسب أبداً مع واقع وإمكانيات القطاع الفعليّة، فالنموّ الحاصل قبل كورونا وبواقع 10 % ليست كبيرة كما يعتقد البعض، حتّى أعداد السيّاح (4.48) مليون سائح هي أرقام لا تليق مع الإمكانات الحقيقيّة الّتي يستطيع الأردنّ توفيرها وزيادة السواح لديه.
تمكين قطاع السياحة حسب الرؤية يتطلّب أن يكون على أجندة الحكومة برنامج عمل سريع يركّز على تفعيل العمل بالاستراتيجيّة الوطنيّة للسياحة مع العمل المساند على تطوير المنتجات السياحيّة التراثيّة والأثريّة والدينيّة والعلاجيّة والاستجمام بشكل متواز يعطي عناوين إيجابيّة على حركة القطاع.
هذا التميّز في التمكين يجب أن يكون مسانداً لعمليّات ترويج سياحيّ بشكل مؤسّسيّ تتوفّر لها الإمكانيّات بالشراكة مع القطاع الخاصّ، مع حزمة تبسيط الإجراءات والتعاملات في القطاع ورفع تنافسيّة المنتجات السياحيّة وتأطير العمل المؤسّسيّ وزيادة التوعية السياحيّة لدى مختلف فئات المجتمع الأردنيّ مصحوباً بتحديث تشريعيّ يتناسب مع تمكين مؤسّسات القطاع من زيادة الفاعليّة وزيادة جاذبيّة الاستثمارات فيه، مع تأهيل مادّيّ بشريّ إداريّ وفنّيّ للتعامل مع عوامل النهوض بالقطاع.
أجزم أنّ الحكومات لو أحسنت تنفيذ الاستراتيجيّة الوطنيّة للسياحة، فإنّها ستكون داعمة أساسيّة لتحقيق أهداف رؤية التحديث الاقتصاديّ إلى حدّ بعيد خاصّة فيما يتعلّق بخلق فرص العمل وتعزيز النموّ المستدام، فالسياحة في حال توظيفها بشكل غير تقليديّ ستكون فعلاً نفط الأردنّ.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-08-2022 07:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |