09-09-2022 09:10 AM
سرايا - لكل نوع من الخيول الأصيلة صفات مميزة تفتقر إليها الأنواع الأخرى. لذلك، ومع انتشار رياضة سباقات الخيول والمنافسات في الفروسية والقفز بالخيل، خاصة في أوروبا، برزت الحاجة إلى إيجاد أنواع وسلالات من الخيول تفوق تلك الموجودة في الأداء والسرعة والرشاقة والقدرة على التحمّل، فبدأ البحث عن أنواع جديدة، وبدأت التجارب عن طريق تهجين أنواع مختلفة من الخيول للحصول على أفضل نتيجة ممكنة. فكان ثوروبريد من أفضل السلالات التي توصل إليها علم تحسين نسل الخيل، وكان ذلك في بريطانيا عن طريق تهجين أنواع مختلفة من الخيول العربية الأصيلة .
لم يكن استيلاد ثوروبريد عن طريق الصدفة، فقد كانت العملية مبنية على أسس علمية وتجارب مدروسة أدت في النهاية إلى نتيجة مذهلة لا تزال آثارها واضحة حتى اليوم في سجلات الخيول حول العالم.
خيول ثوروبريد هي من أكثر أنواع الخيول التي تشهدها ميادين السباق حول العالم، وتعتبر من السلالات ذات الدم الحار، ومعروفة برشاقتها، حساسيتها وسرعتها الفائقة. بدأ استيرادها في بريطانيا بين القرنين السادس عشر والسابع عشر. في ذلك الوقت، وعلى فترات متباعدة، تم استيراد ثلاثة فحول عربية هي جودولفين العربي، دارلي العربي وبرايرلي ترك إلى بريطانيا لتلقيح أفراس بريطانية من أنواع أصيلة.
وكانت نتيجة التهجين بين خيول ذات دم شرقي مع الأفراس بريطانية ملكية، حيث نتج عنها خيول جمعت بين القوة والسرعة المطلوبتين في السباقات التنافسية. وتابع العاملون في مجال التهجين بعد ذلك العمل لتحسين سلالة ثوروبريد بهدف أضافة المزيد من التحسين في مزايا الخيول للتنافس في السباقات على وجه التحديد، لذلك تم لاحقاً الدمج بين سلالة ثوروبريد وسلالات أخرى، وكانت حصيلة ذلك إيجاد سلالات جديدة كما حصل مع خيول الربع الأمريكية والخيول الإنجلو-عربية. وتوجد اليوم ملايين الأعداد من خيول ثوروبريد تجوب الميادين حول العالم، وتحصد الانتصارات والأمجاد.
والجدير ذكره هنا أن أحد أبناء الحصان دارلي العربي واسمه "بول روك" قد تم إرساله إلى فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية في العام 1730، وخلال السنوات اللاحقة تم تصدير المئات من خيول ثوروبريد إلى هذا البلد لتكون الأساس في عملية تحسين نسل الخيول فيها فيما بعد. وتمتلك الولايات المتحدة أكبر عدد من خيول ثوروبريد بين دول العالم ويصل عددها إلى الملايين.
تعود أولى سباقات الخيول المنظمة المعروفة إلى القرن الثاني عشر في إنجلترا حيث بدأ تنظيم السباقات على الأراضي المسطحة لمسافة أربعة أميال قرب لندن. وتتابع تنظيم السباقات لقرون بعد ذلك على مدى عهود طويلة لملوك اهتموا بهذه السباقات. والجدير بالذكر أن بعض السباقات في العصور الوسطى كانت تعمد إلى وضع أوزان إضافية على الخيول لمعادلة فرص فوزها، وكذلك خلال عمليات التدريب. جرى بعد ذلك تنظيم السباقات بشكل أفضل، وتم إعداد أول رزنامة لسباقات الخيول في العام 1727، وبشكل تدريجي إعداد كتب وسجلات عن الخيول الأصيلة، إلى أن تم تحقيق سجل خاص بخيول ثوروبريد تحت اسم "جنرال ستاد بوك" (GSB) في العام 1971 الذي وثق الجياد التي تعود إلى هذه السلالة. ويوجد اليوم العديد من الجهات المخوّلة تسجيل الخيول ومعرفة أصولها، كما يُذكر أن علم الجينات قد ساهم في إمكانية التأكد من نقاء سلالة أي حصان، ومعرفة ما إذا كان من فصيلة ثوروبريد أو لا عن طريق فحص الـDNA.
تمتاز خيول ثوروبريد برؤوس دقيقة، أجسام نحيفة وصدور عريضة، وظهر قصير نسبياً. وتمنحها عظام ساقيها القصيرتين خطى سهلة ورشيقة. وهي معروفة بحساسيتها المرهفة ومرونتها واستجابتها لفارسها. يبلغ متوسط ارتفاعها 163 سنتم، ومتوسط وزنها حوالي 450 كليوجرام عند البلوغ. ألوان ثوروبريد تتراوح بين الكستنائي، البني، الأسود والرمادي. وهي ذات سرعة وقدرة تحمل فائقتين، وهاتان الصفتان هما اللتان جعلتا هذه السلالة مرغوبة لتحسين سلالات أخرى من الخيول. يُذكر أن ثوروبريد، رغم أنها هجينة، فقد تم تسجيلها على أنها سلالة مستقلة بذاتها.
إضافة إلى السباقات ومسابقات القفز بالخيل، تستخدم خيول ثوروبريد في مجالات أخرى أخرى مثل الصيد، رياضة البولو، أو لمجرد الركوب كهواية. كما أن بعض هواة الفروسية من الأغنياء يحبون اقتناء خيول ثوروبريد بعد تقاعدها من السباقات، ويعتبر هذا الأمر مكسباً لهم وللخيول بحدّ ذاتها، حيث يمكنها أن تحظى بمكان هادئ وحياة سهلة ومريحة.
توجد في العالم أنواع مختلفة من الخيول التي تم تهجينها بهدف إنتاج خيول بمواصفات محددة. ولا شك أن خيول ثوروبريد هي من أنجح تجارب علم تهجين الخيول في التاريخ، فقد أثبتت أنها سلالة رائعة بمقاييس متعددة. تفوّق هذا النوع من الخيول في السباقات، وأثبت أنه يساوي وزنه ذهباً عندما يكون بأيدي مدرّب خبير، ويمتطيه فارس ماهر.
ينبغي أن نذكر في هذا المجال أن الفضل الأكبر في إنتاج هذه الفصيلة من الخيول يعود إلى الخيل العربي الأصيل، فقد كانت أولى الفحول التي تم استيلاد الثوروبريد منها خيولاً عربية أصيلة، واكتسب ثوروبريد منها الكثير من الميزات والخصائص.