بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
تُعتبر شبكات الانترنت المُظلم من الشبكات مغلقة، والتي تأسست بطريقة سرية بين أطراف موثوقة بين بعضها بعضاً ،وتستخدم لاغراض غير مقبولة اجتماعياً، وغالبا ما تكون من أجل عمليات إرهابية، ولا توجد وصلات إنترنت تصل إلى محتويات تلك العناوين على الشبكة المُظلمة . فالانترنت المُظلم عبارة عن شبكة كبيرة من المواقع، التي لا يمكن الوصول لها من خلال محركات البحث التقليدية، ولا يمكن الدخول لها من خلال متصفحات الانترنت مثل جوجل كروم، أو فاير فوكس،وهذا الشبكة من المواقع تستخدم تقنيات تشفيرية يصعب جداً تحديد ومعرفة أصحاب هذه المواقع، كذلك التعامل بين المسُتخدمين في هذه المواقع يكون باستخدام تقنيات تشفيرية ،ويصعب للغاية تحديد مكان أو هوية المستخدمين. والانترنت المظلم هو جزء لا يتجزأ من شبكة الانترنت، ولكنه موجود في الظلام، كل شيء هناك مُشفر، والمواقع في الانترنت المظلم مجهولة الهوية، والمستخدمين مجهولي الهوية يعملون بطريقة مشفرة لحجب الهوية ومكان والمتصفح المستخدم في عالم الانترنت المظلم مُصمم خصيصا لمُستخدميه.
ويعتبر أشهر ُمتصفح للانترنت المٌظلم " TOR " "The Onion Router"، والذي تشبه طبقات التشفير العديدة التي تحرس المعلومات التي تمر عبره، "طبقات البصل". ويعيش" Tor " على هامش الإنترنت ويعمل كتقنية أساسية للويب المُظلم. إضافة إلى توفير الخصوصية القصوى والحماية من المُراقبة ، ففي المُجتمعات الأكثر حرية يستخدم كأداة للإبلاغ عن المخالفات والاتصال لحماية الافراد من الانتقام أو إصدار الأحكام في مكان العمل أو المُجتمع .ويعمل بطريقة التشفير عن طريق عمل طبقات من الخفاء بحيث يصعب جدا الوصول إلى بيانات مُستخدمي نظراً لغياب الرقابة وإمكانية الرصد في عالم الانترنت المُظلم الذي أصبح ملاذاً لكل من يريد خرق القانون، فهو يحتوي على أقبح وجه ممكن للشر، حيث مواقع متخصصة في تجارة السلاح والمخدرات والسرقة والنصب، ومواقع تحتوي على أفظع العمليات كالاغتصاب والتعذيب والطقوس الشاذة ، والجرائم التي ترتكب من خلال الانترنت المظلم هي نتيجة استغلال العصابات لطبيعة هذا العالم ،فلا يمنع هذا من وجود الكثير من المواقع الشرعية على الانترنت المُظلم.
والتعامل المالي في الانترنت المُظلم يكون من خلال العملات الرقمية في هذا العالم الخطير الذي لا يستخدام بيانات البطاقات الائتمانية أو البنوك، فلا يتم استخدام أي عملة من العملات المتعارف عليها بين البائع أو المُشتري في شبكة الانترنت المظلم، ويتم استخدام العملات الرقمية في جميع الصفقات. وهذه الشبكة تجع َ أجهزة المستخدم لا تحتوي على أرقام مفهومة حتى يمكن التعرف على جهاز المستخدم وموقعه وأي معلومات عنه، وتسمح هذه الشبكة بالعديد من الممارسات غير القانونية وهو الهدف الرئيسي لها؛ مما يجعلها مرتعا لشتى أنواع الجرائم، وتجارة المُخدرات، والمواقع الاباحية والاتجار بالمخدرات ، ومن بينها المواقع التي تحتوي على الاتجار بالبشر ومواقع بيع الاعضاء البشرية، وتحتوي على كل ما هو غير مشروع وبعض المواقع المدرجة على الانترنت المُظلم تحتوي على مقاطع فيديو وصور لعمليات قتل وتعذيب في غاية الوحشية ، كما تنتشر مواقع تجارة وترويج المُخدرات في الشبكة المُظلمة ً بشكل واضح تماما وتحقق أرباحا طائلة، وبعض المواقع تعرض تقديم خدمات تأجير قتلة مُحترفين، وتضع أسعارا مختلفة بحسب أهمية الشخص.
ومن خلال الشبكة المُظلمة يمكن شراء النقود المزورة، فهناك مواقع تقدم مثل هذه الخدمات، ومواقع متخصصة في مجال تزييف العملات النقدية، إضافة إلى عشرات المواقع التي تعرض بيع وثائق ومستندات رسمية مزورة، مثل جوازات السفر لجنسيات مختلفة، ورخص القيادة، وبطاقات الهوية، وغيرها، وتحتوي مواقع الانترنت المُظلم على متاجر إلكترونية لبيع الاسلحة المختلفة، إضافة إلى بيع الذخيرة بأنواعها وأشكالها.
وفي هذه الزوايا المُظلمة من شبكة الانترنت يقوم موردو المواد المهربة من المُخدرات وغيرها من المواد غير القانونية بمزاولة أعمالهم، حتى أصبحت العملات الرقمية "البيتكوين " الاكثر شيوعا للدفع مقابل هذه المبيعات المشبوهة. فحركة البيع والشراء وهذه الانشطة على الشبكة المُظلمة تتم بالعملات الرقيمة، مما يساعد على صعوبة تتبع هوية المُتعاملين بها، ولهذا تستخدم هذه العمالت في تسوية التعامالت المالية غير السوية وغير القانونية والنظامية وغير المشروعة، كما أن الانترنت المظلم له نفس الصفات من صعوبة تتبع المُستخدمين له.
ومن هنا فإن شبكة الانترنت المُظلم ساحة خصبة خاصة لعالم الجرائم الالكترونية وتطرح من خلال دورات تدريب للهاكرز، وتعليمهم طرق إيجاد برمجيات خبيثة لاختراق الحسابات البنكية وبطاقات الائتمان واستهداف المواقع الحكومية في دول العالم، وبيع المعلومات والوثائق السرية وتسريبها ،وبيع ثغرات أمنية مُكتشفة من قبلهم؛ لتسهيل عمليات القرصنة، إضافة إلى القيام بتداول العملات الرقمية بعمليات اختراق مقابل مبالغ مالية، في أسواق الانترنت المُظلم بأنواعها المختلفة التي لا تزال تتوسع في أعمالها بطرق مُختلفة .