10-09-2022 02:04 PM
بقلم : د. ظاهر محمد الزواهرة
الروح تسرح في السماء، والقلب ينبض في حبّ العروبة واللغة، والبحر للبحرمدينتنا العظيمة، ولسانها الضاد القويم، والريح تعبث بالآمال في زهر الربيع، جاء الحصاد فما جنى غير الزارعين ثمرًا يانعًا، وما نزال نكتب للربيع من دمنا آيات المحبة والوفاء، خدعوك يا ولدي فجنّة الموت التي قالوا سراب، ومن الدماء ترتقي صرخات الصغار، إذ أصبحوا مع شروق الشمس يلعبون تحت قصف الصواريخ، وقنابل الموت التي جاء بها الغزاة.
جئنا هنا نعرض جهدنا وعشقنا للضاد والصحراء التي غدت حديقة للناظرين إلى البعيد أو القريب، جئنا هنا وكنّا نعدّ أنفسنا الباحثين عن التأويل في زمن انحراف المعاني والدليل، حتى إذا سمع اللبيب فاجعة البحار من هول البواخر صاح : يا رب ّ السماء! البرّ نار يحرق، والبحر أمواج تدمر شواطئ الصومال، والحال ليست الحال، إذ السودان تبدّلت وتغيرت، وانجبت سمًّا زعافًا في الجنوب، فمن يجوب بلاد العرب بعد سيل الدماء والقتل والترهيب؟
أيا زهير: قل لي بحق الضاد من جعل الحروف لوامعًا؟ ومن جعل القراءة والكتابة في غربة عند الساهرين على المرناة، ويتابعون مسلسلا قد ترجم إلى عدة لغات، وليس فيه رسالة إلا قرع الطبول، وامتزاج اللون فيه أمنية الباحثين عن لهو وتسلية؟
يا سيدي: عجلانَ جئتُ وفي نفسي السعادة بالألم، وبكيتُ لأنَّ حرقة الشرفاء على أوطانهم غريبة في زمن الغرابة والضياع، لو رآها ابن حيان لأرسل ألف رسالة تعلم المتفيقهين ما معنى الوطن؟ وما معنى الأمانة والقسم؟ وألف رسالة للناظرين إلى الأشكال والألوان ليعلموا: كم يخدع العينَ النظر!
يا زهير: إنّ العيون التي تذرف الدمع على وجع العروبة هي موطن الأصحاب، وهي التي لو رآها قيس بن الملوح خط فيها القصائد دون ليلى والسلام، ولو رآها العابثون في حق الشعوب والأطفال لتوقفوا من الساعات في صراع مع النفس، لعلّ الله يهديها، ويزرعون بدل الشوك أشجار النخيل.
في المؤتمر، كان الجميع مثل القمح في الخير، ومثل النخيل في شموخ واعتزاز، إذ يخدمون الضاد في عزّ، ومن يخدم الضاد ينال من الشرف العظيم.
جاء الأحبة من بلاد العرب أوطاني إلى الزرقاء، وفي الهاشمية التي غدت منارة العلم والإبداع، يقرأون أوراقهم، ويناقشون أفكار العقول النيرة، وحال كل السامعين إليك، وأنت تبكي على الشام الحزينة أن يغنّوا: بلاد العرب أوطاني من الشام لبغدان.
يا سيدي أبكيتنا، وحقها الشام أن تُبكى، وقد غابت دمشق عن الحضور، وامتزجت حبًّا في قلوب الحاضرين، فهل يُلام من يبكي على وطن العروبة، وقد تكالب عليه الطغاة ومن كل فج عميق؟ ومن قال إنّ الرجال لا يبكون؟ نعم نبكي إذا أصاب أطلس الصحراء وجع أو أنين، أو تعرضت آوراس لفتنة قبلية أو دين، نعم نبكي، وقد زاد سرت و مصراتة الورم الأليم ، ولم يُحقن الدم الذي أراقة الناتو اللعين، نعم نبكي أرض الجزيرة إذا دخلها الجراد، وجاءها الثعلب المكار يهدر الأخلاق والمبادئ والقيم، ويضع الحواجز بين دوحتنا والعين في الإمارات الحبيبة، ويعلل المرض الجراح بأنها تطوى إذ انطوت السنين.
فيا زهير: هي حرقة الدمع وأنّات القلوب، وبواعث العشق إلى وطني، فمن يقول إنّ الجراح تطويها الجراح؟ ومن أراق دماءنا في عراقنا؟ والموصل ما تزال تئن على وقع الراحلين، هو العراق يا سيدي شامخ مثل النخيل، وستبقى صامدة أرض السواد، ونغنّي من جديد: بغداد جئتك من فلسطين الهوى هل تذكرين عروبتي وجهادي؟ هل تذكرين؟ نعم نذكر، ولن ننسى فإنّ النيل يمتد في شرايين الحياة، نحن لا نموت، هي أمة البعث اليقين.
يا سيدي: نعدّ بحوثنا لحلقة الدرس وإذكاء الحوار، فايقظتَ فينا عبر بلاد العرب مشاعرَ الحبّ، وطرنا نرسم عشق البلاد قصيدة للقارئين معنى التحدي والصمود.
يا سيدي: وأنا أتيتُ حاملًا وجعي معي، وجع الكتابة والقلم، وما أردتُ صوغ عبارة أمام معلميّ حتى كتبتُ، ففي الكتابة بلسم يشفي العليل، نعم أتيتُ وبحثي معي: الحبُّ والحنين في شعر ناصر الدين.
• بقلم: د. ظاهر محمد الزواهرة / الجامعة الهاشمية، كلية الآداب، مبنى الملك الحارث الرابع، مؤتمر اللغة العربية الثاني، الأربعاء: 17/4/2019م ،الساعة الواحدة مساء.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-09-2022 02:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |