13-09-2022 09:00 AM
سرايا - عندما يكون الحديث عن تجربة شاعر وناقد أمضى جلّ عمره بين أروقة الكتابة والإبداع، وبقلم ناقد حصيف صاحب علمٍ ودراية في فنون النقد الأدبي، فنحن أمام نتاج أدبي رفيع حريّ أن يختار له الناقد د. حسام عزمي العفوري عنواناً يبدأ بالإيقاع ويذيله بـ(الحكائي).
الإيقاع الحكائي، هو العنوان الذي تم اختياره لدراسة التجربة الشعرية والإبداعية للشاعر القدير عبد الرحيم جداية، الذي صدر له العديد من الدواوين الشعرية والتي أثرت المشهد الثقافي العربي والأردني، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: ديوان الخيل على مشارف قلبي، حتف الكلمات، سندباد في رحلته الأخيرة، ثالثة الأثافي، وكيف أمسي، وما لون الوقت، ذاكرة تحمل أزرقها، دوائر حيرى، ولادة متأخرة، قلق أنا... وغيرها من الدواوين والدراسات.
قسم د. حسام العفوري كتابه الصادر عن دار الخليج للنشر والتوزيع إلى تمهيد وأربعة فصول، وزيّن غلافه الأمامي بلوحة للفنان العراقي صادق طعمة، أما غلافه الخلفي فقد جاء يحمل كلمات الشاعر والناقد الأردني نضال القاسم.
في التمهيد عرض د. حسام تشكيلات المفاهيم والمصطلحات عند الشاعر والناقد عبد الرحيم جداية، فتناول الفضاء الشعري في كتاب جداية (قراءات في الشعر الأردني المعاصر) فتحدث عن: الفضاءات الرحبة، ومفهوم الفضاء والفكرة، الفضاء والعتبات، الزمن في الفضاء الشعري، ثم تابع د. العفوري حديثه عن المفاهيم والمصطلحات بشيء من التفصيل.
وفي الفصل الأول تناول أحد العناوين المهمة، (الدلالة والعرفانية بين الإيقاع والظلال) وذلك من خلال دواوين الشاعر، فقد تناول الإيقاع الحكائي في ديوان (ثالثة الأثافي)، ومن ديوان (ولادة متأخرة) تحدث عن ظلال المعنى بين الدلالة والعرفانية.
فقد تتبع د. العفوري قصائد الديوان مركزاً على الحكاية والحوادث التي وقعت في الزمن الماضي للشاعر والتي تم نسجها بأسلوب ولغة قص شعري وظف فيها الإيقاعات الحكائية. فالناقد د. العفوري يقول: أن الدراسة نظرت إلى ملامح أسلوب خطاب القص الشعري، التي وظفها الشاعر فنياً، محافظاً على أصولها العروضية لغةً وشكلاً ومضموناً عبر اجتماع ملامح القصة الفنية أو تفرقها في مجمل نصوصه الشعرية «
وقد عنون الفصل الثاني بعنوان « إيقاعات الفراهيدي بين تماهي التماثل الزمني والإيقاع» وتحت هذا العنوان برزت مجموعة من العناوين الفرعية:
فلسفة وهوية في ديوان (ما لون الوقت)، عبد الرحيم جداية يسكن دوائر الحيرى مع إيقاعات الفراهيدي، تماهي الإيقاع الزمني في قصيدة (ساعة العمر)، التماثل الزمني في إيقاع الشعر وموسيقاه قصيدة (أنا ابن الماء) نموذجاً.
وفي موضوع التماثل الزمني في إيقاع الشعر وموسيقاه، يتناول الناقد د. العفوري قصيدة (أنا ابن الماء) نموذجا، والمبنية على البحر الوافر، ويخوض في شرح المصطلحات المستخدمة في بحر الوافر من زحافات وعلل مثل العصب، والعقل، والقطف، والنقص، والعضب، والعقص، والقصم....ثم عرّج على بعض المصطلحات التي تناولها في دراسته للقصيدة: التماثل، التباين، التوافق، والتداخل....متوقفاً عند كل مفردة من هذه المفردات بالشرح الوافي، مستعيناً بالأمثلة التي توضح الفكرة.
وفي الفصل الرابع تناول الناقد ظاهرة من ظواهر الأدب الحديث (شعر الهايكو) الذي اشتهر به الناقد والشاعر عبد الرحيم جداية واختار عنواناً لهذا الفصل (على إيقاع خطى الهايكو) فتوقف عند تشكيلات الهايكو السمعية والبصرية عند عبد الرحيم جداية ووصفه ممن أجادوا في هذا اللون من الشعر « حيث صاغ الهايكو بصبغة عربية خالصة، وزناً ومعنى، ووصفاً وتوصيفاً وتصويراً، واختار أخر دواوين الشاعر
(وحدي أنا والناي) لعرض مجموعة من الأمثلة والنصوص لاستكمال الدراسة .
ويظل هذا الكتاب وهذه الدراسة من الكتب الهامة جداً التي تؤرخ وتلقي الضوء على تجربة شاعر كبير من الذين يتصدرون المشهد الثقافي العربي والأردني، فهو شاعر وناقد صاحب نتاج أدبي غزير يستحق هذا الجهد من الناقد د. حسام عزمي العفوري الذي يتمتع بسيرة علمية وأدبية حافلة بالعطاء. ونختم بكلمات الناقد والشاعر نضال القاسم التي ظهرت على الغلاف الخلفي للكتاب «هذا الكتاب وميض مشع بألق الأصالة، ومشبع بعطر الإبداع الحقيقي، الذي تمتزج فيه دقائق الحياة الأكاديمية، مع خيوط انفعال عاطفي ووجدان مرهف.......»