20-09-2022 08:26 AM
سرايا - طول انتظار علاج مرضى يعانون أمراضا مزمنة ومستعصية في مستشفيات حكومية وخاصة، ومراجعاتهم المستمرة لاطباء اختصاصيين، دفعت بهم لاختيار طريق قديم، بالتوجه الى العلاجات الشعبية والتقليدية في محاولة يائسة للتخلص من معاناتهم.
وفي ظل عدم وجود نظام يحكم مهنا غير صحية او رقابية ينظم سير عملها، نشطت في صفحات مواقع تواصل اجتماعي إعلانات عن علاجات تستخدم فيها ديدان العلق وسم النحل، يزعم اصحابها قدرتهم على علاج ما عجز عن شفائه الطب الحديث.
وزارة الصحة، تعتبر امتهان طرق علاج باستخدام الديدان أو سم النحل، أو كاسات الهواء (الحجامة)، أو أي انواع من العلاجات التقليدية او الشعبية، “مهنا غير صحية، تستلزم اصدار شهادة مزاولة مهنة، واي مخالف يحول الى المدعي العام”، وفق تصريح لمدير مديرية تراخيص المهن والمؤسسات الدكتور امين المعايطة.
وأكد المعايطة أن المديرية لم تتلق أي شكاوى رسمية من مرضى يتجهون للعلاج بطرق تقليدية حتى الآن”، قائلا “ليس من صلاحياتنا مراقبة أي علاجات غير مرخصة تجري في المنازل، لكن يمكن تحويل من يعلنون عن علاجاتهم التقليدية الى المدعي العام عن طريق وحدة الجرائم الالكترونية، وملاحقتهم أمنيا، كونهم يتاجرون بصحة الناس”، محذرا من “المضاعفات الجانبية للعلاج بالديدان مثلا، حتى لا تنتقل العدوى والامراض لكم”.
وبرغم التحذيرات المستمرة من الجهات الأمنية والصحية بشأن من يتجهون للعلاج بطرق تقليدية غير مرخص لأصحابها مزاولتها، إلا أن المعلنين المضللين ينشرون قصصا حول نجاحاتهم عبر مقاطع فيديو، تحتوي على شهادات حية لمتعالجين بهذه الطرق، حصلوا على الشفاء، بعد فشل اختصاصيين من الأطباء بعلاجهم.
معالجة مضللة بدود العلق
ورصدت إعلانات في صفحات في مواقع تواصل اجتماعي مثل “فيسبوك” و”تك توك” و”واتس اب” لمعالج اردني، يبث مقاطع فيديو على “فيسبوك” خلال معالجته لقدم شاب اردني من الاغوار، تعرض لحادث سير، وأصيبت بانسداد في الشرايين الدموية والتهاب شديد، منذ عامين من دون أن تتحسن، لكن المريض في البث يقول “ان ديدان العلق، قامت بمهمة فيها اعجاز طبي، إذ التهمت جرحا غائرا في قدمه، وبدأ جرحه يلتئم بعد عدة جلسات، نفذها المعالج”.
واذ تحسنت الحالة الصحية للمريض بنسبة تزيد على 50 %، أشار المعالج في الاعلان اثناء مخاطبته للجمهور، الى ان تلك الديدان، منعت بتر قدم المريض المصابة بـ(الغرغرينا)”، موضحا “ان الديدان علاج ودواء معا، فهي تعالج الجلطات الدماغية والشقيقة وديسك الرقبة، وضعف السمع والبصر”.
وفي نطاق آخر، فإن مريضا آخر، اجرى عمليات قلب مفتوح وركب شبكية العام الماضي في مستشفى خاص، لكنه في العام الحالي، أصيب بانسداد أوعية دموية دقيقة اسفل قدمه، فطلب منه طبيبه المختص استكمال العلاج، الا انه اختار علاج ديدان العلق على اجراء عملية لقدمه لأنها أسرع وأقل كلفة.
وأجري العلاج عبر وضع المعالج 4 ديدان في موقع عملية القلب و3 ديدان على القدم ودودة تحت الركبة، متأملا شفاء المريض سريعا، وفق تعبيره عبر فيديو بثه على “فيسبوك” على صفحته الخاصة.
بدورها تم التواصل مع المعالج ذاته عن طريق الاتصال برقم هاتفه الموجود على صفحته، مؤكدا ان “هذه الطريقة مستعملة منذ عصور قديمة في علاج الامراض، لكن الكثير يجهل فوائدها الطبية وقدرتها على علاج امراض عجز الطب عنها”.
ووفق المعالج الذي يجري أعماله العلاجية في منزله، فإنه يستورد ديدان العلق من تركيا، ويوفر لها بيئة نظيفة لكي تتكاثر، فبعض الامراض التي يعالجها، تحتاج الى عدد كبير من الديدان، وجلسات قد تستمر لاكثر من شهر، حسب طبيعة المرض الذي يعاني منه المريض.
وتباع دودة العلق الواحدة بـ10 دنانير، وفي تركيا يصل سعرها الى 10 دولارات (7 دنانير اردنية)، وتوجه خلال استخدامها في العلاج، نحو منطقة الإصابة، بخاصة القدم السكرية التي يقوم الأطباء ببترها، لكن وفق زعم هذا المعالج التقليدي، فإن دودة العلق تحقق الشفاء تماما.
مركز طبي يعالج بالديدان
وفي مركز طبي مرخص في عمان الشرقية، يضم أطباء وممرضين، يعلن اختصاصي عظام عن علاجاته الناجعة بديدان العلق عن طريق “فيسبوك”، مؤكدا عبر اتصال هاتفي، بأن صاحب المركز يستخدم منذ سنوات علاج ديدان العلق، ولم يشتك أي مريض من أي مضاعفات، بل كانت نتائج المرضى ممتازة.
كما ينشر المركز إعلانات حول فوائد دود العلق الطبي، وما يعالجه من أمراض كعلاجه لـ”دوالي الساقين”، ومنع حدوث التجلط وتصلب الشرايين وغيرها من الأمراض.
ويفيد معالجون يستخدمون دودة العلق، أنهم يستخدمونها في علاج المصابين بالتهاب مفصل الركبة، فهي تخفف كثيراً من آلامها، وتتفوق وفق زعمهم على المراهم الطبية، ويزعمون ايضا أن اهم مميزات العلق، وفق إعلاناتهم، بانه يمكن وضعها على اماكن لا يمكن إجراء حجامة فيها كالعين والشفتين ودوالي الخصية.
منصة (فتبينوا) المتخصصّة في مجال التحقق من الأخبار، نشرت تصحيحا حول بعض الخرافات المتعلقة باستخدام العلق في المعالجة، مبينة أن هذا النوع من المعالجة، كبديل للجراحة الطبية والدواء الموصوف من طبيب، ما هو الا خرافة، والحقيقة بأنّ العلاج بالعلق، خيار مكمّل للعمل الجراحي وليس بديلًا عنه.
كما أن “العلق لا يزحف وحده إلى موقع الإصابة لعلاجها، أو يفضل الأماكن المصابة من الجسم البشري للتغذي عليها، بل يضع الأطباء في المكان المناسب للعلاج المناسب”، وفق “فتبينوا” التي استندت في معلوماتها هذه كما تقول على مراجع علمية طبية عالمية، تفيد بان “العلاج بالعلق الطبي، لا يتغذى على الصديد أو القيح في المنطقة المصابة، بل على الدم فقط، ويستفاد طبياً من المواد الكيميائية التي يفرزها ومن امتصاصه للدماء”.
وكما هو الحال بالنسبة لديدان العلق وسم النحل، لم تجز وزارة الصحة ايضا العلاج بكاسات الهواء (الحجامة)، غير أن إعلانات تنتشر على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، تروج لهذا النوع من المعالجة، تزعم بأن كاسات الهواء تعالج التصلب اللويحي (…) وتزيد المناعة وتحفز النخاع العظمي لإنتاج دم نشط غني بكريات الدم البيضاء، والتي تنشط المناعة، وأيضا تعمل على تنشيط الجهاز الليمفاوي.
وذهبت معالجة بالحجامة الى الإعلان عن خدماتها في صالون تجميل، مع عرض لعنوان موقعها على نحو تفصيلي.
الحاجة لرقابة مشددة
اختصاصي الامراض الصدرية الدكتور محمد حسن الطراونة وعضو لجنة الشكاوى السابق في نقابة الأطباء الأردنيين، أكد ان هذه المهن غير المرخصة تحتاج الى عمليات رقابية مشددة من الجهات الرسمية والأمنية لوقفها ومنع الترويج لها، لأنها تهدد الامن الصحي.
وقال الطراونة، إن مرضى يلجأون لهذه الطرق الشعبية التي لا تعتمد على اسناد علمي، لكن بعض المرضى يستعجلون في الشفاء لإنهاء الألم، لكنهم قد يقعون ضحية ممارسي هذه المعالجات المضللين، موضحا ان علاج الامراض المزمنة والمستعصية، يتطلب وقتا طويلا للوصول الى مرحلة الشفاء بحسب تعليمات الطبيب.
وبجانب تعويل الطراونة على وعي المرضى بعدم اتباع معالجات شعبية او بديلة غير مرخصة، حفاظا على سلامتهم من إصابتهم بآثار جانبية لوصفات المعالجة، اقترح على الوزارة تخصيص رقم ساخن عبر”واتس اب” للمواطنين، للابلاغ عن مزاولي مثل هذه المهن من دون ترخيص.
ويحمل نقيب الأطباء السابق الدكتور احمد العرموطي الوزارة، مسؤولية انتشار ما وصفه بـ”الشعوذة الطبية”، حول هذا النوع من المعالجة، كون الوزارة صاحبة الصلاحية والجهة التنفيذية لملاحقة هؤلاء الذين يتاجرون بحياة الناس، سواء في منازلهم او في مراكز خاصة بأعمالهم.
وقال العرموطي اختصاصي الامراض الباطنية لن تنجح الوزارة بمهمتها الرقابية، الا عند تعاون الجهات الأمنية والنقابة والاعلام، وتنفيذ حملات توعوية تمنع نشاط هؤلاء المعالجين، وفق العرموطي.
مضاعفات جانبية وزيت الدود
اما بالنسبة لمضاعفات العلاج بسم النحل وديدان العلق، فأشار العرموطي الى ان بعض الاجسام تتشكل لديها حساسية من سم النحل قد يودي بحياة أصحابها المرضى، متسائلا: من سيحاسب هؤلاء “الدجالين” في حال حدوث مضاعفات جانبية خطرة؟
وفي السياق نفسه، لا تقتصر المعالجات الشعبية على استخدام دود العلق، بل تمتد إلى تصنيع زيت العلق من الدودة نفسها، والترويج لمثل هذا المنتج في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد ضبطت فرق ادارة البحث الجنائي فرع حماية حقوق الملكية الفكرية الشهر الماضي، اصحاب صفحة على “فيسبوك” تعرض وتروج لمستحضرات طبية وصيدلانية جنسية من زيت دودة العلق.
وهذه المنتجات، بحسب ملف القضية، غير مجازة من المؤسسة العامة للغذاء والدواء، وقد ضبط المشتكى عليه في منطقة “الجاردنز” بعمان، وبحوزته المضبوطات، وادعى انه يعمل سائق توصيل في شركة الخطوط السريعة لخدمات البريد.
ولم تكن هذه هي القضية الوحيدة التي وصلت الى القضاء، بل هناك عدة قضايا استغلت مواقع التواصل للترويج لزيت دودة العلق، إذ أدين المشتكى عليه ويقطن مدينة سحاب، بجرم تداول اغذية تكميلية من دون تسجيلها او اجازتها بقرار من “الغذاء والدواء” خلافا لاحكام المادة (88/ب/1) من قانون الدواء والصيدلة، والحكم عليه بغرامة قدرها 1000 دينار ودفع الرسوم.
وتشير المادة (88) من قانون الدواء والصيدلة الى معاقبة كل صيدلي قام بأي من الأفعال التي يصل عددها الى 26 فعلا من بينها: تداول أي مادة بصفتها دواء ولم تكن كذلك، ونشر إعلان عن أي دواء أو أي مادة أو جهاز له ادعاء طبي علاجي من دون موافقة المدير العام، ومن يروج أو ينشر إعلان دواء مزور بغرامة لا تقل عن 1000 دينار ولا تزيد على 5000 آلاف دينار.
من جهته، جدد الناطق الرسمي باسم مديرية الامن العام عامر السرطاوي تحذيراته لأصحاب الإعلانات للعلاج بالطرق التقليدية المضللة، وقد أطلقت هذه التحذيرات، تفاديا لوقوع أي مواطن في فخ اشخاص غير مرخصين او مؤهلين لممارسة مهن ذات طبيعة طبية، داعيا للانتباه والحذر من المعالجة في أي مركز غير مرخص رسميا من وزارة الصحة.
ودعا السرطاوي من لحق به ضرر معنوي ومادي من إعلانات مواقع التواصل للمعالجين التقليديين، الى تقديم شكوى الى وحدة الجرائم الالكترونية، لملاحقتهم ومعاقبتهم.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-09-2022 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |