25-09-2022 09:25 AM
بقلم : الدكتور محمد عبد الستار جرادات
لا يعرف العنف ضد الأطفال حدودا للثقافة أو للطبقة أو للتعليم. فقد يحدث ضد الأطفال في المؤسسات، وفي المدارس، وفي المنزل. كما يعتبر العنف بين الأقران مصدر قلق، وكذلك تزايد التنمر على شبكة الإنترنت. ويعيش الأطفال المعرضون للعنف في عزلة ووحدة وخوف، وفي حالة ضياع حيث أنهم لا يعرفون لمن يتوجهون لطلب المساعدة، خاصة إذا كان الجاني أحد أفراد العائلة. فبحسب دراسة أجرتها اليونيسف، لثلاث عينات مختلفة (العينة الوطنية، عينة المخيمات السورية، وعينة ذوي الإعاقة) إن 74.6% من الأطفال في العينة الوطنية للفئة العمرية 8 – 17 عاما تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف الجسدي في حياتهم و 58.3% من نفس العينة تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف النفسي في حياتهم. 69.9% من الأطفال في عينة المخيمات السورية للفئة العمرية 8- 17 عاما تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف الجسدي في حياتهم و58% من الأطفال في ذات العينة تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف النفسي في حياتهم. و 55.2% من الأطفال ذوي الاعاقة في الفئة العمرية ذاتها تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف الجسدي في حياتهم، و51.5% لذات العينة تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف النفسي في حياتهم. من جهة أخرى، ومن المؤسف، أن 27.3% من العينة الوطنية تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف الجنسي في حياتهم، و 24% من الأطفال في عينة المخيمات السورية تعرضوا لشكل واحد على الأقل من أشكال العنف الجنسي في حياتهم.
أقر مجلس الوزراء الأردني مسودة قانون حقوق الطفل في شهر نيسان/إبريل لسنة 2022، وذلك بمشاركة كل من وزارة التنمية الإجتماعية، الصحة، التربية والتعليم، بالإضافة إلى المجلس الوطني لشؤون الأسرة، لتعزيز حماية الأطفال ورعايتهم من خلال إيجاد تشريع ينظم العلاقة وينسق ما بين الجهات العامة والأهلية والخاصة المعنية بالطفل، أو المكلفة بتقديم خدمات له وفقا للتشريعات النافذة، وتبعا لمصادقة المملكة على الإتفاقية الدولية لحقوق الطفل في عام 2006. جاء ذلك بعد جلسة مناقشة مجلس النواب الأردني في 20 يوليو/تموز من عام 2022، مشروع القانون، وانتهت الجلسة بإحالته إلى لجنة نيابية مشتركة من لجنتي القانون والمرأة وشؤون الأسرة، مع توصيات من بعض النواب بالتأني في مناقشة مشروع القانون لضمان عدم مخالفته للقيم والثوابت المستندة إلى الشريعة الإسلامية.
أعلن المجلس البدء باعداد مسودة القانون في نهاية عام 2015، وبحسب الأسباب الموجبة للقانون، فإن الغاية منه توفير مرجعية قانونية عامة لحقوق الطفل، فضلا عن تغطية الفجوات التشريعية، إذ رفعت المسودة الى مجلس الوزراء في اذار/ مارس 2019، لكن إقرارها تأخر بحجة الكلفة المالية لمشروع القانون، فإن كلفته تقدر بـ78 مليون دينار، يبلغ منها تعزيز الخدمات الصحية بشمول الأطفال غير المؤمنين بخدمات الرعاية الصحية الأولية 56 مليونا، وتعزيز الخدمات التعليمية والتوسع بزيادة المراحل التعليمية الإلزامية بما فيها رياض الأطفال بـ21 مليونا.
ووفق دراسة نشرتها اليونسيف في عام 2021، تقدر نسبة الأشخاص دون سن 18 عاما بأكثر من 40% من سكان المملكة، أي حوالي 4.2 مليون طفل، وقالت الدراسة إن حوالي 50% من الأطفال تعرضوا للإيذاء الجسدي من قبل الوالدين أو الأوصياء القانونيين ومعلمي المدارس والأشقاء. يتضمن مشروع القانون نصا يمنع الضرب التأديبي للأبناء من الوالدين، وجاء فيه "لا تشكل صفة الوالدين أو الشخص الموكل برعاية الطفل، عذرا لارتكاب أي فعل من الأفعال الواردة والتي حددتها المادة السابقة بالحالات التي تشكل تهديدا للطفل"، ويقصد بالأفعال "تعريض الطفل للعنف وإساءة المعاملة والاستغلال".
ينص البند (أ) من المادة (7) على أن للطفل الحق في "التعبير عن آرائه، سواء بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأي وسيلة أخرى يختارها، وتولى آراء الطفل الاعتبار وفقا لسنه ودرجة نضجه". فيما ينص البند (أ) من المادة (8) على أن "للطفل الحق في احترام حياته الخاصة، ويحظر تعريضه لأي تدخل تعسفي أو إجراء غير قانوني في حياته أو أسرته أو منزله أو مراسلاته، كما يحظر المساس بشرفه أو سمعته، مع مراعاة حقوق وواجبات والديه أو من يقوم مقامهما وفقا للتشريعات ذات العلاقة".
وصف الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة القانون بأنه "دستور شامل لحقوق الطفل"، يتضمن تشريعات كفيلة بأن تصبح أداة رقابية تحقق لجميع أطفال المملكة القدرة على التعبير عن رأيهم والحصول على تعليم جيد وتغذية جيدة وصحة جيدة. كما أكدت مديرة مركز العدل للمساعدة القانونية، أن نص القانون المقترح لا يتعارض مع الدين، خلافا لما يشاع. وأشارت أيضا وزيرة الدولة للشؤون القانونية بأن "الأردن متحفظ على المواد من إتفاقية حقوق الطفل والمتعلقة بحق تغيير الدين والتبني، والحكومة راعت الخصوصية الأردنية في صياغة نصوص مشروع قانون حقوق الطفل لسنة 2022"، واستدلت الوزيرة بالمادة الخامسة من مشروع القانون التي تنص على أن " التنشئة السليمة للطفل تحترم الحرية والكرامة والإنسانية والقيم الدينية والاجتماعية".
تنص المواد الأولى من القانون على؛ حق الطفل في الرعاية الصحية المجانية لمن دون 18 عاما، وتقديم المعالجة بأقسام الطوارئ على أساس مجاني في المستشفيات الحكومية والخاصة. الحق في إقامة الملاعب والحدائق والمتنزهات، والتمتع ببيئة مرورية آمنة. الحق في إيجاد مراكز رعاية متخصصة للأطفال المدمنين، وهي غير متوفرة بالأردن. وحق حصول الطفل على المساعدة القانونية للتقاضي. الحفاظ على كرامة الطفل وحظر كافة أشكال العنف في المدرسة بما فيها العقاب الجسدي أو المهين والتنمر. للطفل الحق في المشاركة بالتجمعات والنوادي التي يمارسها من خلال نشاطاته الإجتماعية والثقافية والترفيهية، ومزاولة الألعاب والفنون بما يتناسب مع سنه ودرجة نضجه. إضافة إلى أن القانون يحمل الدولة مسؤوليات تجاه رعاية وحماية الطفل، ويحمي الأسرة الأردنية ويعزز تماسكها.
كما تنص المواد (25، 26، 27، 28، 29) من القانون والمتعلقات بالأطفال ذوي الإعاقة على (أ): للطفل ذي الإعاقة الحق في التعليم العام ودمجه في المؤسسات التعليمية، وتلتزم وزارة التربية والتعليم والجهات المختصة بتوفير الترتيبات التيسيرية المعقولة وإمكانية الوصول. وإذا تعذر التحاق الطفل ذي الإعاقة بالتعليم العام، تلتزم الوزارة بتأمين التعليم في مدارس تكون مناهجها مرتبطة بنظام التعليم العام، وملائمة لحاجات الطفل ذي الإعاقة، وقريبة من مكان إقامته أو يسهل الوصول إليها. (ب): للطفل ذي الإعاقة الحق في التدريب والتأهيل المهني عند بلوغه سن العمل في مؤسسات ومراكز التدريب والتأهيل ذاتها المخصصة لغيره من الأطفال. وفي الحالات الإستثنائية، تلتزم الجهات المختصة بتأمين برامج تدريب وتأهيل مهني خاصة في مؤسسات تأهيلية تكون ملائمة لإحتياجاته وقريبة من مكان إقامته.
(ج): تتخذ الجهات المختصة بالتعاون مع وسائل الإعلام جميع التدابير اللازمة للتوعية بحقوق الطفل ذي الإعاقة بما في ذلك البرامج الخاصة بدمجه في المجتمع. (د): تضع الجهات المختصة برامج خاصة بتدريب العاملين مع الطفل ذي الإعاقة، ويراعى في المواد والبرامج الإعلامية الموجهة للأطفال أن تكون بصيغ وأشكال ميسرة لتمكين الأطفال ذوي الإعاقة من الوصول إليها والإستفادة منها. (هـ): تتولى وزارة التنمية الإجتماعية تأمين الأطفال في دور الأحداث بالوجبات المتوازنة، والرعاية الوقائية والعلاجية المناسبة، والتعليم والدعم النفسي والإجتماعي، وبرامج إعادة الإدماج في المجتمع.
القانون بمواده وحذافيره يليق بالأردن الكبير دوما، ويمنح أبنائنا كافة السبل لمستقبل أفضل، كما يعد متكامل ويشمل جميع فصائل أبناء مجتمعنا الحبيب، ويعزز نسيجنا الوطني، ويحفظ حقوق أطفالنا، ويحافظ على ترابط أسرتنا الأردنية الواحدة.
حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-09-2022 09:25 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |