01-10-2022 11:00 AM
سرايا - دعا متخصصون في قطاع الصناعات الدوائية، إلى دعم وتمكين صناعة الدواء المحلية، كونها تعد محركا أساسيا لعجلة الاقتصاد الوطني.
وأكدوا، أن التمكين يتم من خلال تبسيط وتسهيل الإجراءات الرسمية لتسجيل الأدوية الجديدة، وتحسين الإنتاجية وتعزيز تنافسية الدواء المصنع محليا عن طريق تخفيض التكاليف.
وأشاروا لأهمية تأهيل وتطوير الكوادر البشرية المتخصصة في صناعة الأدوية، وتبني سياسة تسويقية وترويجية للصناعات الدوائية المحلية والعمل على فتح أسواق تصديرية جديدة، وإيجاد قواعد تسعير ميسرة تضمن استقرار الأسعار.
واكدوا ضرورة استقطاب استثمارات جديدة لقطاع صناعة الأدوية ودعم القائم منها وتنمية عمليات البحث والتطوير وتعزيز الابتكار في هذا المجال والعمل على مراجعة المناهج التعليمية لتلبي متطلبات السوق.
وقال رئيس مجموعة الحكمة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مازن دروزة، إن السوق الأردني يشكل قاعدة متينة لصناعات الأدوية كافة، إلا إن حجم سوقه الداخلي الصغير نسبيا، يحتم أن يكون توجه الشركات الأردنية للتصدير ،حيث تشكل الصادرات حوالي 80 بالمئة من إنتاج الأدوية.
وأضاف أن شركات الأدوية الأردنية تقوم بتغطية ودعم المواطن بصورة غير مباشرة عن طريق العطاءات الحكومية، مبينا أن غالبية المواطنين أي 85 بالمئة مؤمنون صحياً، وبالتالي يحصلون على الأدوية بأسعار رمزية تصل إلى سعر التكلفة تقريبا، أما غير المشمولين بالتأمين الحكومي فيتم تغطية كلف أدويتهم إما من خلال التأمين الخاص، أو الشراء المباشر من الصيدليات.
ولفت دروزة إلى أن حصة الشركات الأردنية من سوق الدواء انخفضت إلى 30 بالمئة، بعد أن كانت 60 بالمئة، وذلك نتيجة طرح أصناف جديدة غالية الثمن من قبل الشركات العالمية، والتي تتمتع بهذه الميزة كون السوق المحلية سوقاً حرة.
وأشار إلى أهمية المحافظة على الميزة التنافسية للدواء الأردني في أسواق التصدير، وتعد الأردن دولة مرجعية من حيث تسعير الأدوية ويعد سعر الدواء في السوق الأردني هو السقف، لذا نجد علاقة طردية بين سعر الدواء الأردني في الأردن وحجم الصادرات، أي أن انخفاض سعر الدواء الأردني سيؤدي حتما إلى انخفاض الصادرات الوطنية.
وأكد دروزة أهمية التركيز على زيادة الصادرات الدوائية والعمل على فتح قنوات تسويقية جديدة، بدلا من استدعاء مستشارين خارجيين لعمل دراسات بحثية من أجل دراسة كيفية زيادة الصادرات، والتي ترتب تكاليف مادية مرتفعة، مشددا على ضرورة قيام الجهات المعنية بدراسة الإجراءات التي تؤثر بشكل مباشر على أسعار الدواء بشكل واف وشمولي لتلافي انخفاض الصادرات الدوائية.
وبين أنه لتحسين الصادرات إلى مختلف دول العالم، يجب فتح أسواق تصديرية جديدة وغير تقليدية مثل الولايات المتحدة، أوروبا، إفريقيا، والشرق الأقصى، إضافة إلى إيجاد رؤية وخطط استراتيجية واضحة للمدى الطويل، لتتمكن شركات الأدوية من التخطيط المناسب.
ولفت إلى وجود حوار مستمر وتشاركية مع الجهات المختصة في مجال تعزيز الصادرات الدوائية، وذلك من خلال اتحاد منتجي الأدوية، الذي يقدم باستمرار الحلول المناسبة مع وزارة الصحة والمؤسسة العامة للغذاء والدواء.
وأشار دروزة إلى أن شركات الأدوية بالتعاون مع وزارة الصحة تعمل على توفير الأدوية المرتفعة الثمن غير المنتجة في الأردن بسعر مناسب سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة أردنيا، وذلك من خلال برامج الوصول للمرضى، حيث قامت المؤسسة العامة للغذاء والدواء بوضع الضوابط اللازمة لهذه البرامج على نطاق ضيق ما يسمح بتوسيعها مستقبلا على نطاق أوسع.
وشدد على أهمية إيجاد استقرار تشريعي للقوانين الاستثمارية كافة، بحيث تتيح التخطيط على المدى البعيد بهدف استقطاب المزيد من الاستثمارات في الأردن، ولاسيما في قطاع الصناعات الدوائية، مبينا أنه ليس هناك معوقات تقف أمام تطور وتعزيز الاستثمارات في قطاع الأدوية.
وأوضح أن الأردن يمتاز بالعنصر البشري، حيث هناك أعداد كبيرة من الصيادلة والكيميائيين والمهندسين ممن يجيدون العمل في مختلف مكونات الصناعات الدوائية، مطالبا بضرورة توفير برامج تحفيزية لصناعة الأدوية ما يسهم بتوفير فرص عمل لأعداد كبيرة من الخريجين ما يسهم في تقليل معدلات البطالة في المملكة.
ودعا دروزه إلى أهمية الاستمرار في تدريب الكوادر العاملة في هذا القطاع، وإجراء المزيد من عمليات البحث والتطوير بالتعاون مع أساتذة الجامعات للنهوض وتطوير المخرجات العلمية لتلبية احتياجات تلك الصناعات في المستقبل، إضافة إلى تعاون الجامعات وشركات الدواء لوضع مناهج وبرامج مختصة في الصناعات الدوائية بهدف تقليل الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل.
وقالت الأمينة العامة للاتحاد الأردني لمنتجي الأدوية الدكتورة حنان السبول، إن قطاع الصناعات الدوائية يواجه العديد من التحديات أهمها؛ ارتفاع حجم المديونية المترتبة لشركات الأدوية على الحكومة نتيجة لتأخرها بسداد أثمان الأدوية الموردة للعطاءات لسنوات، مبينة أن حجم هذه المديونية يتجاوز مئة مليون دينار، ما يؤثر سلبا على السيولة المتوفرة لدى الشركات لإنجاز أعمالها ويهدد استمرارية العمليات الإنتاجية والتصديرية والتوظيف وغيرها.
وأضافت، أن من التحديات التأخر في تعديل التشريعات التي تساهم في تسريع تسجيل الأدوية، منها تعديل نظام فحص الأدوية، ما يؤخر دخول الدواء الأردني للسوق الدوائي المحلي وأسواق التصدير، إضافة إلى قلة الموارد في المؤسسات المعنية بتسجيل وفحص الأدوية وإنجاز المعاملات المتعلقة بها.
وأشارت السبول إلى أن السوق الدوائي في الأردن صغير نسبيا، والمنافسة قوية، لهذا يركز القطاع على التصدير، إلا أن التوجه لتوطين الصناعة الدوائية في أسواق التصدير يفرض تحديا كبيرا أمام تصدير الدواء الأردني، حيث تفرض الدول العديد من المعيقات غير الجمركية على الأدوية المستوردة وتؤخر تسجيلها وفي المقابل تزيد من اعتمادها على الأدوية المحلية دعما للصناعة المحلية، إضافة إلى الميزات التي تمنحها الحكومات في أسواق التصدير لاستقطاب المستثمرين ودعم الصناعة الوطنية ما يؤثر على تنافسية الدواء الأردني في هذه الأسواق.
وبينت أن ارتفاع كلف الإنتاج في الأردن مقارنة بالدول المجاورة، بما في ذلك كلف الطاقة والعمالة وغيرها، يؤثر على تنافسية الدواء الأردني محليا وخارجيا، إضافة إلى عدم توفر مصانع محلية تغطي حاجة شركات الأدوية من المواد الأولية، وبعض مواد التعبئة والتغليف، وعدم الاستقرار في سلاسل التوريد والارتفاع المستمر بكلف المواد الأولية وكلف الشحن.
واعتبرت أن غياب الربط والتشبيك المؤسسي بين الصناعة والجانب الأكاديمي، يؤثر على توجيه الأبحاث في الجامعات لمواكبة تطور الصناعة الدوائية، ويزيد الفجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات القطاع، وضعف التنسيق بين المؤسسات الرسمية المختلفة في القضايا التي تخص الصناعة الدوائية، وغياب التخطيط الاستراتيجي على المستوى الوطني يحد من فرص النمو في القطاع ويؤثر على صادراته وفرص العمل للأردنيين، ناهيك عن تأثيره على تحقيق الأمن الدوائي في المملكة.
وطالبت الدكتورة السبول بتسديد الحكومة للذمم المالية المترتبة عليها لشركات الأدوية الأردنية، لضمان ديمومتها واستمرارية العمليات فيها وزيادة مخصصات الشركات في البحث والتطوير، ما سيعزز دور القطاع في رفد الاقتصاد الوطني من خلال خلق مزيد من فرص العمل للأردنيين وتقليل العجز في الميزان التجاري.
وأكدت أهمية إقرار النظام المعدل لنظام فحص الأدوية، ودعم جهود المؤسسة العامة للغذاء والدواء في تسريع تسجيل الدواء الأردني ورفد المؤسسة بالكوادر اللازمة، وتبسيط الإجراءات لتمكين الدواء الأردني من الدخول مبكرا للسوق المحلية ولأسواق التصدير، و أتمتة جميع العمليات و إصدار الشهادات اللازمة للتسجيل والتصدير.
وأوضحت أن تعزيز تنافسية الدواء الأردني وتحسين الإنتاجية في شركات الأدوية الأردنية يأتي من خلال تخفيض كلف الطاقة والتشجيع على التوجه للطاقة البديلة بمنح الموافقة على مشروعات الطاقة الشمسية لشركات الأدوية، ومنح حوافز جمركية وضريبية مثل إعفاء قطع غيار ماكينات التصنيع ومختبرات البحث والتطوير من الجمارك و إعفاء مدخلات البحث والتطوير من ضريبة المبيعات.
ودعت إلى تبني سياسات لزيادة الاعتماد على الدواء الأردني محليا والتشجيع على وصف وصرف وشراء الدواء الأردني في القطاعين العام والخاص، وتقليل الاعتماد على الدواء المستورد لتوفير العملة الصعبة وتقليل العجز في الميزان التجاري.
وطالبت بتطوير استراتيجيات وطنية تعنى بتنمية البحث والتطوير وتعزيز الابتكار ودعم تطوير الأدوية ذات القيمة المضافة ومنح حوافز لتطوير الأدوية المتطورة مثل: الأدوية الحيوية البديلة، وأدوية جنيسة مضافة القيمة والأدوية ذات الأشكال الصيدلانية غير التقليدية، والتركيز على الربط المؤسسي والتشبيك بين المؤسسات البحثية والعلمية وشركات الأدوية وخلق صناديق لتمويل البحث والتطوير في مجال الأدوية.
وطالبت الدكتورة السبول، بمراجعة المناهج التي تدرس بالجامعات وتعديلها لتلبية احتياجات قطاع الصناعة الدوائية وتقليل الفجوة ما بين مخرجات التعليم وما يحتاجه سوق العمل من معارف ومهارات، إضافة إلى ضرورة اعتبار الصناعة الدوائية قطاعا استراتيجيا والتركيز على الدور الهام للصناعة الدوائية الأردنية في تحقيق الأمن الدوائي ورفد الاقتصاد الوطني.
من جهته، قال الخبير في الصناعات الدوائية الدكتور عدنان بدوان، إن الصناعة الدوائية في البلدان النامية، تعاني من فقدان الأفق الاستراتيجي من حيث التوجه، ويمارس الصناعيون دورهم كتجار أكثر من صُناع، موضحا أن ذلك يربك مسارهم الصناعي بدل أن يشكل الزمن قاعدة أقوى للانطلاق نحو المستقبل.
وأضاف بدوان أن الصناعة الدوائية الأردنية تصنع الأدوية الجنيسة، وأن كثرة التنافس بين مصنعي الأدوية الجنيسة في جميع البلدان العربية، ودخول الشركات مالكة الدواء الأصلي إلى منافسة الأدوية الجنيسة عن طريق خفض أسعارها، جعل المنافسة تنفرد بعامل وحيد وهو السعر ما يعكس ذاته نحو تخفيض الأسعار في مختلف الأسواق، وهذا يؤدي إلى تدني الربحية وعدم القدرة على التطور.
وقال بدوان، الذي شغل سابقا رئاسة الاتحاد العربي لمنتجي الأدوية والمستلزمات الطبية “أنه رغم وضوح هذا المسار إلا أن شركات الأدوية لم تتجه نحو تطوير صناعتها الجنيسة أي الأدوية ذات القيمة المضافة الأعلى”، مشيرا إلى أن مؤسسة الغذاء والدواء الأردنية سنت قانونا لتشجيع الشركات نحو التوجه لهذا المسار.
و أضاف أن منافسة الأسعار محليا وفي أسواق التصدير يمكن الحد من تأثيرها السلبي من خلال تصنيع أدوية ذات قيمة علاجية أعلى، إضافة إلى أن الإمكانات الفنية والصناعية متوفرة وتحتاج إلى قرار استراتيجي من مالكي الشركات .
وأكد أن الصناعة الدوائية صناعة محكومة بقوانين عالمية شبه موحدة، والجهات الرقابية الحكومية في البلدان العربية كافة، أصبحت ترتبط بهذه القوانين والتعليمات بشكل مباشر أو غير مباشر، ما سيقلل فرص التصدير.
وبين بدوان أن هذه التعليمات الديناميكية تحمل في طياتها تغيير النمط الإنتاجي من إنتاج التشغيلة المحددة، الى تشغيلة تنتج عبر تشغيل متصل متتابع دون فواصل، ما يفرض تغيرا في الجو الصناعي العام من حيث التصنيع والرقابة.
وتابع أن هذا النمط يستلزم الاعتماد على أدوات قياس متطورة ومرتبطة عبر حواسيب ما يجعل الجهات الرقابية الحكومية قادرة على المتابعة الحثيثة لعمليات التصنيع في المصانع عن بعد.
بدوره، قال ممثل قطاع الصناعات الدوائية في غرفة صناعة الأردن مازن طنطش، إن التحديات التي تواجه قطاع الصناعات الدوائية تنقسم إلى داخلية وخارجية.
وأضاف أن التحديات الخارجية تكمن في الصناعات المتشابهة في أسواقها الرئيسية، إضافة إلى توجه الكثير من البلدان نحو السياسات الحمائية ولاسيما بعد جائحة كورونا، لاعتقادهم بأهمية توطين الصناعة الدوائية في الأسواق التصديرية وهذا يفرض تحديا كبيرا أمام تصدير الدواء الأردني.
وتعرف “السياسات الحمائية” أنها سياسة تجارية تهدف إلى حماية الإنتاج الوطني من المنافسة الأجنبية، تستند إلى مجموعة من الأدوات التي تحد من الاستيراد وتعيق ولوج السلع الأجنبية إلى الأسواق الداخلية.
وحول التحديات الداخلية، أشار طنطش إلى أن اتخاذ بعض القرارات الاقتصادية التي تحمل طابعا شعبويا تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة على القطاع، كون الأردن هو البلد الوحيد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المصدر للدواء أكثر من السلع الأخرى، مؤكدا ضرورة أن تبنى السياسات الاقتصادية على أساس أن الأردن مصدر للدواء وليس مستوردا.
وطالب طنطش الجهات المعنية بضرورة توحيد السياسات التسجيلية والتسعيرية بداية من بلد المنشأ الأردن، لأنه هو من يحدد السقوف التسعيرية لبلدان التصدير، داعيا إلى استغلال العلاقات السياسية لمكاسب اقتصادية من خلال قيام السفارات والملحقات الخارجية في تشجيع وترويج الصناعات الدوائية الأردنية.