06-10-2022 10:30 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
لطالما كانت قيمّنا الأردنية، تعبر عن أصالةٍ وأخلاقٍ حميدةٍ، وما تزال تظهر إرثنا الممتد، والمليء بمفرداتٍ إيجابيةٍ، صاغت مجتمعاً مطمئناً، محباً لعمل الخير، ويستقي من إرثهِ مقدرةً على المعاصرة، والمواكبة، مع الحفاظ على الأصالة.
غير أنّ اليوم، ثمة سؤال يطرح نفسه على المتأمل في يوميات الأردنيين، والسالك لدروبهم وطرقاتهم، هو أن كثيراً من الظواهر باتت تجتاح مجتمعنا في التفاصيل، ومنها حالة التوتر التي تلقي بظلالها على المارة والسائقين.
فكثيراً ما نحلظ أنّ بعض الوجوه المتجهمة التي لربما أثقلتها ظروف الحياة وأعباءها المادية، وكثيراً ما نحلظ أنّ هناك حالة من تغير كثيرٍ من الأخلاق التي لطالما ألفناها من إيثار وهدوءٍ وأخلاقيات سلوك في الدروب.
إذ كثيراً ما بات يعترضك وأنت في دربك أحدهم إما محاولاً إعاقة مسيرك أو تسمع تلك الكلمات النابية المتداولة التي لأعوام مضت لم تكن دارجة أو تطرق أسماعنا!
ما يطرح تساؤلات، فماذا دهانا؟ وما الذي نشب فينا أظفاره؟ هل هو تغول المدنية علينا؟ أم هو الحياة التي داهمتنا بتفاصيلها الكثيرة وعلى حين غرة!
لسنواتٍ مضت، كنت وأنت تسير في الدروب تدرك من اللباس والسلوك الخلفية الثقافية والحالة المادية لأي ممن تلتقيه، ولكنك اليوم تتأمل ولا تكاد تلتمس الحدود الفارقة، فتماهى الفقير مع الغني والقروي مع المدني، والمتعلم مع الجاهل، ولم يعد هناك أي فرقٍ يذكر، وهذا تغير طبيعي، في زمن الاستهلاك، والانفتاح، ولكنه، يبدو بات يؤثر في النفوس كثيراً.
فحديثي هنا، عن تغييرات وصلت إلى حدود التماهي، وغياب اليوميات التي عهدناها من إيثار وألفة كانت تطوق مجتمعنا ببساطته، وهل هي تكلفة التغيرات التي اجتاحتنا؟
أخلاق تغيرت وقيم جديدة غرست من أوتادها بيننا، وحالة من الصراع بين " الحداثة" و"الماضوية" وازدواجية الشخصية ولربما تعددها بتنا نلمسها في المجتمع.. ومفاهيم من الأنانية التي وصلت إلى حدود القطيعة مع الآخر، وتعزز الفردية وغياب المنافسة وتحولها إلى صراعٍ هي ظواهر لربما ليست بجديدة ولكنها أيضاً ليست بقديمة!
وتساؤلات تطرح بات على علماء الاجتماع في وطننا الولوج إليها.. لعلنا نوقف ما يجري من استنزاف قيمي يتراءى بمجرد المسير في أي من طرقاتنا..!
فالقيم هي مادة الروح الإنسانية التي تعبر عن خصوصية المجتمع، وتبدلها على هذا النحو من السلبية يعني قرع الجرس من قبل الأطر المعنية.. والتي من بينها وزارة التربية ووسائل الإعلام والجامعات وغيرها من الأطر المعنية ببناء النموذج الذي يجب أن نكون عليه.
مع الأخذ والإدراك لما حل بنا من حداثة منها تبدل النظم الاقتصادية فمجتمع شهد تحولاً سريعاً من نمط ريفي زراعي وغاب ريفه (أي مستودع قيمه) بحاجة إلى توليفة جديدة تبث فيه القيم توفرها الأطر المدركة والواعية بدءاً من المدرسة وصولاً إلى أقصى وسيلة إعلامية خاصة وأننا بتنا نرى جيلاً يتشكل كثيراً ما تغلب على مفاهيمه سلبيات من الأنانية والصراع واللامبالاة بمصالح الآخرين ، ولو بحقهم في الطريق ببعض الأحيان.
وختاماً، فإنّ آبائنا وأجدادنا، والأوائل منا، وحتى بعض الأجيال المتأخرة منا، مرّت بظروفٍ أقسى، ولربما كانت الحال الاقتصادية أكثر ضيقاً، ولكنها لم تغير بهم وبقيمهم، ولم تؤثر حتى في طبيعة توادهم، وتراحمهم، وقيمهم، وأخلاقهم.
فمن يوقف استنزاف القيم... ويصون ما تبقى من مفاهيم حميدة تكتنز كثيراً من نفوس الأردنيين الكرام.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-10-2022 10:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |