09-10-2022 09:35 AM
بقلم : الدكتور المهندس أحمد الحسبان
لم يعد التواصل الاجتماعي الاليكتروني بمنأى عن أيدي الجميع، صغارا وكبارا، ذكورا واناثا، شيبا وشبانا، ان أكثر من نصف سكان العالم يستخدمونه بشكل يومي نشط، ولكن وسائله تختلف حسب عدة عوامل منها: العمر، الجغرافيا، الهدف، طبيعة المحتوى، وغيرها، والاحصائيات بهذا الخصوص مذهلة وعجيبة، بعضها قد يؤدي بالمرء لتغيير نوع التواصل الاليكتروني او حتى مغادرته اذا ما علم انه ليس المكان المناسب له.
ومما أثار اهتمامي هو ان أكثر من ٧٠٪ من مستخدمي الانستقرام والبالغ عددهم ما يقارب ٢ مليار نشط يوميا هم من جيل الالفية، اي اعمارهم من ١٨ الى ٢٥، وبإجمالي ما يقارب ٨٠ ٪ دون سن ال ٣٥ سنه، حسب آخر الاحصائيات الموثقة لعام ٢٠٢٢. بالمقابل فان ١٩٪ فقط من مستخدمي الفيس بوك من اصل ١.٨٨ مليار مستخدم نشط يوميا هم من الفئة العمرية ٢٥ الى ٣٥ سنه والباقي من فئة الاكبر سنا، فما المقصود من هذا الطرح؟
مقصد القول؛ اذا اعتبرنا ان للتواصل الاجتماعي الحديث مجالس اليكترونية، فهذا يعني ان مجلس الانستقرام هو للشباب والمراهقين، ومجلس الفيس بوك هو للأجيال الاقدم فوق سن الاربعين او ال ٣٥ سنة، ويزداد عددهم فيه بازدياد العمر، اذن هم في مجلس ونحن في مجلس آخر في عالم التواصل الاليكتروني، اذن هم لا يشاركوننا خبراتنا ولا افكارنا ولا معتقداتنا، هم فقط مسجلون عندنا بمجلس الفيس كحضور فقط، وليس كتشارك فاعل نشط، ونحن غير مسجلين عندهم في مجالسهم الشبابية، فمثلا ابنائي لا يقرأون في الغالب منشوري هذا - ولا حتى غيره، ولن يقرأوه الا اذا بعثت رابطه اليهم عبر الواتس لمشاهدته، لأنهم لا يتابعون الفيس في اغلب الاحيان، واسمعهم احيانا يتهامسون هذا الفيس قديم ولكبار السن وليس لنا فيه مصلحة. وبهذا يكون التواصل الاليكتروني العمودي شبه مقطوع بين الاجيال، ومتوفر فقط افقيا بين ابناء الجيل الواحد، وبذلك تقل فرص تناقل الخبرات والتجارب بين الاجيال المتعاقبة في هذا العالم الاليكتروني المستهلك للوقت والجهد، وكأن الجيل الجديد ما بعد الالفية يبني نفسه بنفسه، فإن كان بناؤه صحيحا فخير، وان كان بناؤه موجها لاتجاهات اخرى فسلام على الدنيا، علما ان اكثر من ٨٨ ٪ من مستخدمي الانستقرام هم من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
خلاصة القول؛ اذا كان معدل استخدام الانستقرام هو ٣٥ دقيقة يوميا والفيس هو ٣٠ دقيقة يوميا عالميا، فان استخدامه من ابنائنا اكثر بكثير من ذلك حسب ما نرى، فهذا يدل ان الاجيال القادمة الشابة - اداة التغيير ومقصده - هي بأيدي مجالس اخرى لا تعرف عن محتوياتها اجيال المخضرمين، والكل فيهما يغني على ليلاه، بلا تواصل اليكتروني ولا حتى حسي واقعي بسبب انشغالهم بالاليكترونيات الانستقرامية والتكتوكية وما تصدر لهم من محتويات غير مراقبة. بالخلاصة؛ اجيال المخضرمين في الفيس بوك تتحدث، تتعارك، تتصادق، وتتسوق مع نفسها فقط، فهل دخلنا العصور المظلمة الجديدة من حيث لا ندري؟!
مقالات - الصمت في عالم الضجيج.
الدكتور المهندس أحمد الحسبان
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
09-10-2022 09:35 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |