10-10-2022 08:58 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
إنّ تحقيق سيادة القانون، وتجاوز بعض المثالب والظواهر التي باتت ملحوظةً في مجتمعنا، باتت اليوم بحاجةٍ إلى وقفةٍ، من نوعٍ تربوي، وفكريٍ، وإعلامي، وثقافي حتى، ذلك أنّ القانون وسيادته هو الأساس الذي يحكم العلاقة بين المواطنين، والمؤسسات العامة، وبين المواطنين أنفسهم، وهو بات حاجةً في ظل ما بتنا نلحظة من ظواهر واسطة تتعاظم، أو تجاوزاتٍ باتت مُشاهدة في شوارعنا وطرقاتنا.
وثقافة إنفاذ القانون وسيادته، يجب أنّ تكون تربويةً بالدرجة الأولى، ومفهومةً لدى الأجيال، عبر المناهج الدراسية، ويجب أنّ تدفع بها وسائل الإعلام، وذلك لمواجهة طيفٍ مجتمعيٍ لا يريد أنّ يلتزم حتى بقوانين السير، ما يشكل حاجةً إلى بناء ثقافةٍ مضادةٍ قائمةٍ على الإيمان بالقانون كسبيلٍ أوحدٍ لتحقيق العدالة، وهذا الفهم هو حاجة قبل الردع.
ونحن في الأردن، ننعم بمؤسساتٍ قويةٍ قادرةٍ على حماية الوطن، وصون مقدرات المواطن، ولدينا قضاء عادل، ولكن، أحياناً الإشكالية في الثقافة أو النمط السائد لدى البعض، والذي يحاول حرف المسارات، واستغلال أيّ مفهوم لخلق حالة تجاوزٍ على القانون.
وقد حثت قيادتنا الهاشمية، على تطبيق سيادة القانون، فالورقة النقاشية السادسة لجلالة الملك عبدالله الثاني تحدثت عن سيادة القانون مصطلح رحب والورقة زاخرة بالأفكار.
واليوم، وعمر دولتنا يتجاوز مئة عامٍ، بمؤسسات عميقة الجذور، علينا أن ندرك أن ثقافة سيادة القانون هي ثقافة مهمة، لتحقيق أصول المواطنة القائمة على تطبيق القانون.
والحديث عن هذا الموضوع، يوجب الإشارة إلى ما شاب الإدارة العامة في وطننا من بعض إختلالات وهو أمر يمكن تجاوزه، عبر محاربة بعض من يسعون لحلق ثقافة التجاوز.
فالأردن، بٌني على إدارةٍ عامةٍ قويةٍ، ويصح هنا ذكر مثالٍ أوردته الوثائق الوطنية، وهو يعبر عن فكرة الدولة التي تأسست بالاضافة إلى عناصر الشرعية والمشروعية وبناء الإنسان على مبدأ سيادة القانون والحصافة بالإدارة.
إذ تقول وثيقة في عهد الإمارة أن متصرف لواء عجلون في عقد الثلاثينيات من القرن الماضي أمر قائد الدرك – آنذاك – بإلقاء القبض على رجل خطف إمرأة.
فجاء الرد من قائد الدرك بقوله: " لا أستطيع فعل ذلك إلا في حالتين الأولى إلقاء القبض عليهما متلبسين والثانية بأمر قضائي".
وهذه الحادثة على بساطتها تعبر عن قدر إحترام القانون وسيادته، في دولة كانت في مطلع شبابها، وكانت عديد مؤسساتها تتشكل.
كما أن الحنين في الوجدان الأردني ما زال حاضراً لتطبيق أسس العدالة التي هي فضيلة أصيلة في تشكيل مملكتنا.
وبالعودة إلى الورقة النقاشية التي صدرت عن جلالة الملك، بعد أن رفع البعض شعار الدولة المدنية مقدمينها على القانون، فالورقة أنصفت أيضاً تعريف الدولة المدنية، بهوية عربية وإسلامية وأردنية، أي أنها دعت إلى أن تكون تجربة أردنية خالصة لا مستوردة.
إذ جاء في تعريف الدولة المدنية أنها التي " تحتكم إلى الدستور والقوانين التي تطبقها على الجميع دون محاباة" لافتةً إلى الإرث العربي الإسلامي ودولة الرسول – عليه الصلاة والسلام – في المدينة ومساواتها.
وما بين الوثيقة العتيقة والورقة الملكية بون أكد فيه الأردن في كثير من المراحل أن مواطنيه جاهزون ثقافياً ومؤسساتياً ولكن السلوك لدى البعض سواء من بعض السياسيين أو غيرهم من قوى الشد العكسي بحاجة إلى أن نتجاوزه، والحوار في أفكار الورقة فيه خير كثير.
وإنفاذ القانون، هو ثقافة مواطنةٍ بحاجةٍ إلى تعزيز، وأنّ تكون أصيلة في ممارساتنا، والفضاء العام.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-10-2022 08:58 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |