11-10-2022 04:28 PM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
أصبح العالم يشهد تطوراً متسارعاً ومُذهلاً في ثورة المعلومات والاتصالات التي أخذت استعمالاتها في التوسع لتشمل مُختلف ميادين الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وانعكست هذه التطورات على عمل المؤسسات والأفراد التي توجهت نحو النموذج الإلكتروني في المعاملات، حتى أصبحت الإدارة العامة تعتمد في إنجاز تعاملاتها على الوثائق ذات الطبيعة المعلوماتية مُبتعدة بذلك شيئا فشيئا عن المُعاملات الورقية . وتتم هذه المُعاملات في بيئة إلكترونية مفتوحة لا تحتوي على وجود مادي يمكن معه تحديد هوية الأشخاص أو إثبات هذه التعاملات والتصديق على مُحتوياتها، هذه الأسباب دفعت باتجاه تعديل القواعد القانونية المنظمة للمُعاملات الإلكترونية، فظهر التوقيع والتصديق الإلكترونيين.
وعرف المُشرع الأردني التوقيع الإلكتروني في المادة الثانية من قانون المُعاملات الإلكترونية رقم (58) لسنة 2001 بقوله أنه “ البيانات التي تتخذ هيئة حروف أو أرقام أو رموز أو إشارات أو غيرها وتكون مدرجة بشكل إلكتروني أو رقمي أو ضوئي ،أو أي وسيلة أخرى مُماثلة في رسالة معلومات ،أو مضافة عليها أو مُرتبطة بها ولها طابع يسمح بتحديد هوية الشخص الذي وقعها ويميزه عن غيره من أجل توقيعه وبغرض الموافقة على مضمونه ” .
ويُشير التوقيع الإلكتروني إلى ما يوضع على مُحرر إلكتروني ويتخذ شكل حروف أو أرقام ،أو رموز أو ّ إشارات أو غيرها، ويكون له طابع متميز عن غيره ّ ومُنفرد يسمح بتحديد الشخص الموقع ،وحتى يكون لهذا التوقيع حجية قانونية في الإثبات تعادل حجية التوقيعات التقليدية، لابد من توافر جملة ّمن الشروط على غرار ارتباطه بالموقع وهي السيطرة الكاملة للموقع ، وعدم قابلية التوقيع للتعديل أو التغيير، وفي ظل هذه الشروط اتفقت التشريعات الدولية والوطنية للمُجتمعات المتمدنة على الحجية القانونية للتوقيع الإلكتروني في الإثبات بالدرجة نفسها للتوقيع التقليدي .
وأمام التحولات التي شهدها ميدان تكنولوجيا الاتصال وتأثيراته على المُعاملات الإلكترونية عامةً والتوقيع على المُحررات الإلكترونية خاصة، ظهرت الحاجة إلى طرف ثالث وظيفته خلق بيئة تعاملات ّ بين المُتعاملين في هذه البيئة، فيؤكد هوية الأطراف ويحدد أهليتهم للتعامل، ويضمن سلامة محتوى البيانات المتداولة من خلال إجراءات موسومة بالتصديق الإلكتروني.
وعلى الرغم من الإيجابيات التي حملتها المعاملات الإلكترونية ،الا أنها لا تخلو من بعض السلبيات التي قد تقوض جهود الأطراف المعنية وتحول دون خلق بيئة آمنة وموثوقة لكافة المتعاملين، خاصةً مع تنامي ظواهر مثل القرصنة والتزوير الإلكتروني، الامر الذي جعل المشرع لسن القوانين الكفيلة بوضع آليات ووسائل الحماية الجنائية للتوقيع والتصديق الإلكترونيين.
ويُعتبر التوقيع الرقمي من أحدث أشكال التوقيع الإلكتروني وأكثرها أماناً، ويصعب تزويره او التلاعب به وذلك لمجموعة من الاعتبارات التي من أهمها ان استخدامه يُحقق الارتباط بين المُستند الكتابي والتوقيع الوارد عليه ، ويضمن عدم إمكانية التدخل في مضمون التوقيع أو المُحرر الذي يرتبط به ، ويؤدي للتحقق من هوية المُوقع وذلك للارتباط الكامل بين المفتاح العام والخاص، ويُعبر بشكل واضح عن إرادة صاحبه في الالتزام بالتصرف القانوني وقبوله لمضمونه، فيحقق القانونية المُتطلبة في المُحرر ليصلح كدليل كامل يُحقق سرية المعلومات التي تتضمنها المُحررات الإلكترونية، فلا يمكن قراءتها إلا ممن أُرسلت إليه وباستخدام المفتاح العام للمرسل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
11-10-2022 04:28 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |