13-10-2022 05:06 PM
بقلم : الدكتور فارس محمد العمارات
يقع حقل كاريش النفطي داخل الخط الحدودي البحري بين لبنان والمحُتل والتي تبلغ مساحته حوالي 1430كم2، وحسب التحققات الجغرافية والجيوسياسية يقع جزءاً كبيراً من حقل كاريش داخل الحدود اللبنانية فيما تصرّ دولة الاحتلال على أنه يقع بأكمله ضمن منطقتها الاقتصادية الخالصة ، مما يجعلها تتمسك وبقوة في هذا الجزء من الجغرافيا التي تقع بين المُحتل ولبنان لما له من أهمية كبيرة ستنكعس على اقتصاده.
وبالرغم من المفاوضات المارثونية بين الطرفين ومن خلال الامم المُتحدة ، واطراف أخرى لها مصالح من نتاج هذا الحقل ، فان الحدود البحرية المُشتركة مع المُحتل، والتي طالب لبنان بتعيين الخط 29 بدلاً من الخط 23 ،والتي تبلغ مساحته حوالي 360 كم2 ، ويعني ذلك بان المُطالبة بمساحة إضافية لحدود لبنان البحرية باتجاه المُحتل تبلغ ما مساحته 1430 كم2 .
وتقدر إحتياطيات الغاز في الحقل بحوالي 1.3 تريليون م3. ويقع هذا الحقل على بعد 100 كم من ساحل المُحتل، وهو آخر الإكتشافات التي اجرتها على البحر المتوسط، وهو أصغر من حقلي "تمار ولڤياثان" للغاز اللذان جعلا من المُحتل مُصدراً مُحتملاً للغاز. فيما تصل المُكثفات المُقدرة في الحقل إلى حوالي 12.7 مليون برميل.
حقل كاريش وما سيجلبه من غاز ، سيكون دافعا قويا لتمسك الولايات الُمتحدة الامريكية بخيار المفاوضات التي ستصل إلى حلول وسطية بين الجانبين ، وتنافح من أجل ان لا يكون هناك أي مواجهة بين الطرفين وهو أمر ليس " لسواد عيون لبنان" ، بل من مُنطلق ان الحرب الاوكرانية الروسية آتت على الاخضر واليابس سواء في مجال الطاقة أو الغذاء ،أو غيرها من المُساعدات العسكرية التي نالت من كل جوانب الجدار الامريكي والاوروبي ، والذي جعل غاز روسيا أمنية كبيرة لبعض الدول وحلم قد لا يكون مناله قريباً خاصة بعد ان رفض بوتن دفع اسعار الغاز بالدولار مما شكل منحنى خطير بالنسبة لاوروبا والشتاء وما يحمل في طياته من زمهرير على الابواب ، مما يجعل الطاقة عامل هام تصارع اوروربا وامريكا الزمن وتسابقه ليل نهار للوصول الى طاقة بسعر مُناسب وامن .
لقد جاء حقل كاريش كصدمة انعشت قلب اوروبا بعد ان أصابه الوهن ونال منه برد الشتاء ، فما ارتفعت أرقام التضخم بشكل غير مسبوق منذ عشرات السنين، وارتفعت أسعار السلع المرتبط انتاجها بالطاقة والغاز فيما جثمت كثير من المخاطر على صدر اوروبا جراء ما تمسكت به تجاه الحرب بين اوكرانيا وروسيا وشكل لها هاجساً مُستقبلياً قد لا يكون كما تشتهي سُفن اوروبا ، وذلك بعد أن نالت رياح روسيا العاتية بكل الاتجاهات سواء من ناحية ضم أراضي جديدة أو انقطاع الغاز ، أو دفع الثمن بالروبل ، فضلاً عن تراجع الانتاج بالنسبة للحبوب وغيرها من المواد الغذائية التي كانت اوكرانيا تصدرها لكثير من دول العالم .
حقل كاريش الذي سيبدأ العمل به المُحتل قريباً ،سيُضخ الغاز من اعماق البحر إلى قلب اوروبا وسيُنعش كل شي فيها بعد ان فقدت الامال بان يكون هناك أي بصيص أمل بمدها بغاز يكون سعره في متناول اليد ليتغلل إلى قلبها البارد عله يُعيد بعض الدفئ اليها .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-10-2022 05:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |