16-10-2022 09:58 AM
بقلم : أ.د. يونس مقدادي
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم " وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ " (القلم 1)، وكذلك أول ما ما أنُزل على سيدنا ورسولنا الكريم محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم ويقول فيه "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ، اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" (العلق 1-5) . فهذا اسشتهاد الالهي واضح عن أهمية القلم بالنسبة للأنسان والأمة كأداة في تدوين العلم والمعرفة لتوظيفهما في كافة مناحي الحياة والسمو بالأنسان والمجتمعات وتحضرها.
أن إيماننا جميعاً بإن القلم هو المفتاح الحقيقي لتمكين الأنسان من التزود بالعلم والمعرفة والتثقف كسلاح يوظف لغايات عديدة وبالمحصلة تحقيق بما يسمى بالنقلة النوعية لحل مجمل العقبات ومشاكل الحياة ومتطلباتها ناهيك عن السمو الفكري والحضاري والذي نراه حق مكتسب تتطلع اليه الأجيال لتكون صانعة لللمستقبل بعلمها وفكرها وثقافتها الممزوجة بحب العمل والتغيير لتستمر عجلة الحياة بعزيمة وإرادة مجللة بقيم العلم والدين والأخلاق والتي جميعها من صناعة القلم.
جميعنا يعترف بإن القلم هو صانع التحصيل العلمي ، والمسير لحياتنا الوظيفي والشخصية وغيرها الكثير مما يدل على أن استخدامنا للقلم ليس أداة وإنما هو وسيلة لغايات تسمو بها حياتنا طول العمر، ومن هنا نرى بإن من الواجب علينا أن نقدم للقلم ما يستحق من التقدير والعرفان لتحمله المشقة لتاديتة لرسالة العلى والتي أوصلت الأنسان بزيارة سطح القمر، والحصول على جوائز نوبل، والاختراعات في مجالات عديدة، والاكتشافات والبحث العلمي، والتفقه في الدين والعلوم الأنسانية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.
بالرغم من كل ما قام به القلم نجد أنفسنا اليوم نبتعد نوعاً ما عن أهميته ودوره وخاصة في ظل التطور التكنولوجي والذي نشهده بكل أعرافه وتقنياته والتي شكلت تحولاً واضحاً من الأنسان نحوها لدورها ومزاياها والتي أفقدت دور القلم كما عهدناه. فنجد اليوم وعلى سبيل المثال لا الحصر بإن طالب العلم لا يهمه القلم بشكلٍ رئيسي إلا عند الضرورة بسبب مصادر التعلم الالكتروني عبر شبكة الانترنت، والكتب الالكترونية، وطباعة وتحضير واجباته الالكترونيا، حتى عملية استخدام القلم بأنواعه في العملية التعليمة بدأت تنحصر في ظل التقنيات الحديثة ، ناهيك عن العديد من المعاملات الرسمية والتجارية والوظيفية وجميعها أصبحت لا تحتاج إلى القلم وإنما إلى التوقيع الالكتروني والذي يُعد الدليل القانوني لتسيير المعاملات بإنواعها وغاياتها.
على الرغم من مزايا وعيوب التطور التكنولوجي لكننا سنجد أنفسنا وبالوقت القريب نفقد الكثير من مزايا القلم في تنمية مهارة الكتابة ، ومهارة التعبير عن ما تجول به أذهاننا من أفكار تهمنا جميعاً، وغيرها من المهارات الذهنية، والتي أفرزت ضعف عام عند الأجيال الحالية في الكتابة والتعبير وغيرها وهذا بالفعل ما نشهده جميعاً في المدرسة والجامعة والوظيفة وذلك بسبب ابتعادناعن القلم بإعتباره الأداة المسؤولة عن صناعة المصوغات الذهنية للأنسان، وهذا ما استوقف الكثير من المختصين والمهتمين والمتابعين في الشأن التربوي والأكاديمي بحديثهم الموصول عن المهارات المكتسبة والتي صنعها القلم والتي يجب علينا جميعاً الحرص على استخدام القلم لأهميته في صناعة الأجيال والذي لا يقل أهمية عن التقنيات التكنولوجية الحديثة.