22-10-2022 04:10 PM
بقلم : حسن محمد الزبن
هناك من يبدؤون قطاف الزيتون قبل موعد "شتوه المسطاح"، أو " شتوة النقطة"، كما يسميها البعض لأهميتها بغسيل الشجر من الأتربة والغبار، فتكون بالنسبة لهم إيذانا بموعد قطاف ثمر شجر الزيتون قد حان، مع أن هذا ليس مقياسا عند بعض العارفين والمهتمين، وليس شرط للبدء بالقطاف، ولا يُعد نزول المطر الموعد الأمثل الذي يعني ميزة في جودة الزيتون ونوعية الزيت، فالجودة في الزيت تتفاوت بحسب المنطقة ونوعية الصنف والمناخ ونوعية التربة ومدى الاعتناء بها وظروف الرعاية لشجرة الزيتون من فلاحة وتقيم وري، وكذلك لعمر الشجر دور، والبيئة الجغرافية التي تختلف من منطقة ساحلية أو غورية عن مناطق الهضاب وسفوح الجبال، مما يجعلنا أمام أصناف الزيتون الكثيرة منها "النابلي البلدي"، و "السوري"، و "المليس"، و "الصوراني"، و "الزيتي"، و "القيسي"، و "برنيع"، وغيرها من الأسماء في اليونان واسبانيا وفرنسا وبلاد الغرب.
ويتميز هذا الموسم في القرى بطقوس قلّ أن نجدها أفي أماكن أخرى، فهي إرث والتصاق بالأرض، يجتمع فيه الآباء والأبناء والأحفاد والجيران، هذه عادة أريافنا وقرانا التي تزرع الزيتون وتنتظر موسمه بفرح، يجتمعون في أجواء من الألفة والمحبة بفطرة الإنسان المحب وبساطته ما بين تندر وفكاهة، ورواية قصص وحكايات، فلا تجد بينهم وجها عبوسا، أو نفسا فيها كدر، لأنهم ببساطة ينتظرون الموسم بشوق وأمل، تلتقي على "العونة" لأجل القطاف، تميزهم اللمّة على "الزوادة" و "المقسوم" بعد التعب تحت فيء شجر الزيتون، وتلتقي قلوبهم على الأهزوجة والفرح وقت الفرط والجد بالموسم، يلتقون على عبق رائحة الأرض والزيتون، وكأنه عرس يزفون فيه حبات الزيتون للخوابي وأحضان الوطن.
يُخلدون في هذا الموسم معنى التعاون، ومعنى التمسك بالعادات والتقاليد، ومعنى أن تسعى إلى الأرض باكر استبشار بالخير والبركة، ورغم ما يحمله الموسم من تعب وإرهاق لهم، فإن الشوق لليوم الثاني والذي يليه أكبر، وهكذا حتى ينتهي القطاف، لينتقلوا بعدها لمراحل الفرز والنقل وانتظار الدور على المعصرة.
ولا تختلف ظروف هذا الموسم وطقوسه في كل المناطق شمالا وجنوبا، وحتى في دول الجوار وغيرها من مناطق العالم، فهذا الموسم ينتظره المزارعون وأصحاب الأراضي المزروعة بالزيتون بفارغ الصبر، وكأنه الموسم الذي يجدد الأمل والتفاؤل، ويغسل القلوب، والألسن تلهج بكل ما فيه من خير، فلا مكان للشر، ولا مكان للنفاق، ولا مكان للكراهية، ولا مكان إلا للتلاقي والتقارب، ويدا بيد، والدعاء بالخير، والدعاء للبركة والرزق.
جعل الله أيامنا كأيام الحصاد مثلما كانت عند الأجداد،
وندعو الله أن تكون أيامنا كأيام مواسم قطاف الزيتون،
وحماك الله يا أردن،
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-10-2022 04:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |