23-10-2022 05:25 PM
سرايا - يحدث في بعض المدارس أن يفتح طلاب مزادات على ألعاب تسمى «بوكيمون»، وهي صور لشخصيات كرتونية معروفة فيما بينهم، يتبادلونها لتجميع سلسلة أرقام متصلة، وقد وصل سعر البطاقة منها في هذه المزادات إلى 1000 درهم، ولك أن تتخيل طالباً يحمل هذا المبلغ ويستخدمه في سبيل اقتناء «قطعة كرتون».
لتبسيط الصورة فإن أحد المراهقين قد يبدي استعداداً لشراء بطاقة واحدة من زميله بسعر أغلى من سعر شراء المجموعة الكاملة التي يتم بيعها في البقالات بدرهمين، الأمر الذي يشكل حالة تنافسية بين الطلاب على التبادل والمساومات والاتفاقات عالية الحرفية من أجل الحصول على أفضل مجموعة.
هذا الأمر دعا إدارات مدارس إلى التعميم بعدم جلب هذه البطاقات، لا سيما وأن أحد الطلاب قد أبدى استعداده لشراء بطاقة واحدة يحتاجها لإكمال مجموعته بقيمة 1000 درهم في إحدى المدارس.
وقالت الاختصاصية الاجتماعية بخيتة الظاهري، إن بطاقات بوكيمون استحوذت على شريحة كبيرة من أبنائنا الطلاب، فشغلتهم في إنفاق ما لديهم من مال لشراء هذه البطاقات، وليس هذا فحسب، إذ يتنافسون فيما بينهم في اللعب بها، وشراء المزيد منها.
وأضافت بخيتة الظاهري أن الأطفال شديدو الولع والشغف بالشخصيات الكرتونية التي تعرضها وسائل الإعلام، وحتى في المنصات الرقمية، وهم بالتالي يتعلقون بها وتشد انتباههم.
وختمت بالقول: «يتحتم علينا كتربويين ضرورة خلق ثقافة حوار ناجح ومناقشة مع الطلاب، وتعريفهم بسلبيات وإيجابيات كل ما يتعلقون به».
خطر
وأوضحت الدكتورة نعيمة عبد اللطيف قاسم، تربوية واختصاصية نفسية، بأن بطاقات بوكيمون استطاعت بأن تفرض نفسها في حقائب الطلاب، بل واقتحمت فصولهم الدراسية، ويتم تبادلها في باحات المدارس مع زملائهم.
وأضافت: «نعم علينا الاعتراف بذلك، حيث أصبح محتوى البطاقات من صور وبيانات لكل شخصية من شخصيات بوكيمون ومدى قدراتها وقوتها قدوات لأبنائنا، وتُستخدم البطاقات للعب الألعاب، حيث يلعب اللاعبون أدوار مدربي بوكيمون، ويستخدمون بوكيمون لمحاربة خصومهم، من هنا يأتي خطر هذه البطاقات.
حيث استخدامها ينعكس سلباً، وخاصة على طلبة المدارس، مما تتربى لديهم نوازع العنف والتنمر، والأسوأ من ذلك تداولها وبيعها وشراؤها داخل حرم المؤسسات التعليمية، والتي ينشأ عنها تربية الأبناء على الاستغلال والتكسب بوسائل غير تربوية تصرفهم عن الاهتمام بالعلم وحسن الخلق».
ودعت إلى عدم التهاون التربوي مع هذه الظاهرة التي تغلغلت من جدران المدارس، وأنشأت لها سوق تداول في المكان والوقت غير المناسبين.
وشددت على ضرورة رصد الباعة الصغار في المدارس، واستدعاء أولياء الأمور ليكونوا جنباً إلى جنب مع الأخصائيين والمعلمين، لأن الموضوع يحتاج إلى وقفة، وردع من يتهاون في مصير هؤلاء الطلبة، فهم أمانة في أعناقنا، وهم غدنا المشرق.
وأشارت خبيرة التميز والمستشارة التربوية المعلمة، هبة الله عبد العزيز، إلى أن ظاهرة انتشار بطاقات لعبة بوكيمون باتت خطراً كبيراً على الجيل بما تتضمنه من محاذير تتنافى مع ثقافتنا وديننا، ولما لها من خطورة فادحة على عقول الطلاب، وآثار تربوية وسلوكية سلبية.
وأضافت أن هذه البطاقات تهدر وقت الطلاب، وتشغل عقولهم، وتستحوذ عليها وتأخذ حيزاً كبيراً من تفكيرهم، مما يؤدي إلى تدني مستواهم الدراسي، وكذلك تؤثر على علاقاتهم الاجتماعية، وتعرقل اكتسابهم المهارات الحياتية التي تنفعهم في إثراء حياتهم العلمية والعملية.
تقليد
وقالت التربوية فوزية الشيخ: «إن بطاقات بوكيمون انتشرت بين طلاب المدارس كنوع من التقليد، والدخول في عالم التداول والبيع والشراء، وقد يصل بينهم الأمر إلى بيع البطاقة الواحدة بـ 200 درهم أو يزيد على هذا المبلغ، ونخشى بأن تصبح هواية مرهقة، تشغلهم عن العلم والتوجه للتفكير بكيفية جمع المال غير المقبول، وقد تؤدي إلى المشادات الكلامية والشجار باليد.
لذلك تسعى المدارس إلى توعية الطلاب بالنشرات والإذاعة المدرسية، ومن قِبل المعلمين في الحصص الدراسية». وأضافت فوزية الشيخ: «من المهم جداً إشراك أولياء الأمور وإرشادهم بالضرر الذي سيلحق بأبنائهم إذا تطور الأمر إلى التداول غير المقبول لبطاقات بوكيمون».
من جهته، قال الدكتور محمد الأحبابي، الطبيب المقيم في قسم الطب النفسي بمستشفى توام، أن الأطفال يبحثون بين الحين والآخر عن وسائل المتعة والترفيه، وهذا حق من حقوقهم، ولكن يجب أن يدرك أولياء الأمور في المقابل أن تلك الوسائل سليمة، ويتناسب محتواها مع أعمارهم.
وكذلك عدم تشكيلها لأي خطر أو أذى عليهم.وأضاف الأحبابي أن هناك الكثير من الألعاب التي تشكل مصدر تعليم وتثقيف وحتى في جانب كسب مهارات مختلفة، إلى جانب الترفيه الذي يرافقها، وعلى النقيض هناك ألعاب لا تؤدي هذا الغرض.
وإنما تحمل من الضرر الكثير ومنها «بوكيمون»، وأرى أن لهذه اللعبة آثاراً تربوية وسلوكية سلبية على أبنائنا الطلبة، أولها أن انتشار هذه اللعبة هو مضيعة لوقتهم، ناهيك عن أن بعض أسعار هذه البطاقات تصل إلى مبالغ خيالية لما يقال عنها بطاقات نادرة أو شخصيات تحمل قوة كبيرة وغيرها، علماً أن هذه المبالغ الخيالية يتكبدها الآباء.
الدكتور محمد الأحبابي أردف بأنه من الأفضل أن يحرص الآباء على ألا يقتني أبناؤهم هذه البطاقات، ويرفعوا سقف وعيهم بسلبيتها وما تحويها من أفكار غير سوية، كما أن للمدرسة دوراً جوهرياً في ردع انتشارها من خلال مبادرة الأخصائي الاجتماعي الذي يسن قواعد تمنع الطلبة من إحضارها إلى المدرسة، وكذلك يقوم المعلم بالإبلاغ عنها، فطلابنا أمانة، ولا بد أن نحرص عن دفع ما يضرهم.
الأخصائي الاجتماعي بمدرسة التفوق بالعين، سلطان النعيمي، شدد على حرص مدرسته على مصادرة بطاقات بوكيمون التي يتم تداولها بين الطلبة في المدرسة، إلى جانب التواصل مع ولي أمر الطالب الذي يجلب هذه البطاقات للمدرسة وإعلامه، والتشديد على منع إحضار البطاقات للحرم المدرسي؛ لأنه يعد من ضمن المخالفات، وتنبيهه بضرورة الحديث مع ابنه حول هذا الأمر.
وأضاف النعيمي: «الطاقمان الإداري والتدريسي في المدرسة يتكاتفان يداً بيد بتقويم سلوك الطلبة، الأمر الذي من شأنه أن يحقق ارتقاء سلوكهم بما يتزامن مع مبادئ وقيم ديننا الحنيف، وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة».
حرص
من جانبها، لفتت التربوية رانيا محمد، إلى أن هناك طلاباً يبذلون جهداً كبيراً ويصرفون الكثير من الأموال للبحث عن النادر من هذه البطاقات، وإبهار زملائهم باقتنائهم لها، وجمعهم حولهم فيصبحون بهذه الطريقة مركز اهتمام الجميع ومحط أنظار الزملاء من الصف، بل والصفوف الأخرى.
وتابعت: على الجانب الآخر نجد طالباً يعاني من حالة مادية متواضعة، إلا أنه يجتهد في الحصول على بعض البطاقات النادرة بأساليب ملتوية كالمقايضة على أشياء معينة مع بعض زملائه، أو التنمر على البعض الآخر، ويأخذ هذه البطاقات ويبيعها بأسعار غير معقولة لزملاء آخرين، وهو بهذا يكون قد حقق ربحاً مادياً كبيراً.
وأوضحت رانيا محمد بأن كل ما سبق وأكثر عبارة عن سلوكيات ملتوية صدرت من بعض الطلاب، ورصدناها بعين الخبير الناصح، وتدخلنا في الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة بالنصح والإرشاد والتوجيه ووضع خطط واعية من الفعاليات والأنشطة المدرسية المدروسة والورش التوعوية الهادفة.
وشددت رانيا محمد على ضرورة تعاون أولياء الأمور مع المدرسة بتوعية أبنائهم بخطورة تداول مثل هذه البطاقات التي تصرف الطلاب عن تركيزهم في الدراسة ودورها القوي في إشاعة سلوكيات اجتماعية غير مرغوبة في مجتمعنا الإماراتي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-10-2022 05:25 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |