حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,24 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 4224

وصف العرب في مقدمة ابن خلدون

وصف العرب في مقدمة ابن خلدون

 وصف العرب في مقدمة ابن خلدون

25-10-2022 11:22 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عبد الله طعيمات
تطرَّق ابن خلدون في مقدمته عن الاختلافات الصغيرة منها والكبيرة في طبائِع البشرِ والشعوب والأمم وبيئتها، وأثرها على الإنسان، كما اهتم أيضًا بدراسة تطور الأمم والشعوب.

سبقَ ابن خلدون غيره الكثير من المفكّرين إلى العديد من الأفكار، الّذي دونها في مقدّمته وكتابه، حتى اعتبر مُؤَسّسًّا لعلم الاجتماع.

يقول ابن خلدون في مقدّمته (الفصل السابع والعشرون): "إنَّ العرب لا يحصل لهم المُلك إلّا بصبغة دينية من نبوة أو ولاية"..

يصفُ ابن خلدون سبب كلامه هذا دلالة على التوحش الّذي فيهم وبأنهم أصعب الأمم انقيادًا، وأكثرهم غلظة وأنفة.

قد نختلف أو نتفق مع ابن خلدون في كلامه هذا، ولكن عندما نستبحر في تاريخ العرب، نجد أنَّ العرب قبل الإسلام كانوا ينقسمون إلى شعوب وقبائل متفرقة، يختلفون فيما بينهم أكثر ممّا يتفقون، ويعود سبب ذلك كلّه إلى الطبيعة العربيّة المتجذرة منذ الأزل في كل عربي.

فنجد أنَّ العربي حرٌّ ثائر رافض التبعية إلى غيره.. فالعرب بأصلهم ثائرون بطبيعتهم البيئية والنفسيّة.

فكلّ العقائد غير الدينيّة مثل القوميّة العربيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة عند العرب، فشلتْ فشلًا ذريعًا، باستثناء العقيدة الدينية.

فجاءتْ الرسالة الدينيّة رسالة توحيدية للعرب خاصة والعالم كافة، توحّد الدين في البداية ثمّ توحّدتْ الثقافات العربيّة بسبب توحيد الدين.

قد يجتمع مسلمًا من أقصى الشرق مع مسلم في أقصى الغرب ليس لارتباط العِرق أو لاشتراك الدم أو لتشابه الثقافة؛ بل بسبب الدين.

بينما يختلفون في كثير من الاتجاهات القوميّة والاجتماعيّة والثقافيّة والفكريّة والتقليديّة.

وعلى مدار التاريخِ لم يعرفْ العرب المُلك أو السيادة المطلقة، إلّا بعدما جاء الدين، فالدين عند العرب هو صلة الربط للحكم والسيادة.

والبلاد الّتي امتدّت من شرق الصين إلى جنوب فرنسا غربًا لم يكن دافعها إلّا انتشار الدين في شتّى بقاع الأرض.

يرى أيضًا ابن خلدون أنَّ العربي يتوق إلى الزعامة، ويبذل في سبيلها الغالي والنفيس، وأنّهم متنافسون في الرئاسة والحكم فيما بينهم.

وعندما نفهم الطبيعة البشرية نجد أن ما يقوله ابن خلدون عن العرب في هذا الشأن، أقرب إلى الفطرة البشرية الّتي دائمًا تحبّ القوة والسلطة والسيطرة على الحكم، وهي أبعد ما أن تنحصرَ هذه الصفات في العرب وحدهم، فغيرهم من الأمم تشاركهم هذه الصفات الفطرية والتنافسيّة والسباق نحو القوة المطلقة.

وهذا يعني بأن العرب كغيرهم من الأمم، يتشاركون في أهداف مشتركة لدى الأمم جميعها.

وعندما نعود إلى المقدّمة (الفصل الحادي والعشرون) في قول ابن خلدون عن العرب، نجده يقول: "العرب أبعد الناس عن الصنائع".

وأنّ الأمم الأخرى -يقصد هنا أهل المشرق والمغرب- أقوم الناس عليها؛ لأنهم أعرق في العمران الحضاري، وأبعد الناس عن البداوة وعمرانه كما هم العرب.

في الحقيقة نتفق مع ابن خلدون في جزء، ونختلف معه في الآخر

ممّا لا شكّ فيه، أنّ البيئة العربيّة هي بيئة بادية وصحراء، وهذه البيئة عامل أساسي في تكوين الشخصيّة والهويّة العربيّة الّتي تسودها الخشونة والصلابة والطباع الحادّة الّذي يدفعهم كما ذكرنا في البداية أن يكونوا ثائرين متعصّبين متحرّرين من كل القيود الّتي تفرض عليهم، رافضين للانقياد والانصياع لغيرهم، أو لأنفسهم من ذات عرقهم.

إنّ الصنائع العربية (الماديّة) ضعيفة عند مقارنتها بصنائع أهل المشرق والمغرب.

ولكن، كلّ أمة ولها طباعها وصنائعها في التقدّم الحضاري والعمراني.

ربط ابن خلدون الصنائع بالتقدّم العمراني الحضاري، وهذا لا شكّ فيه

فنتفق أنَّ لكل أمة من الأمم لها طباعها، وقد تشكّلتْ هذه الطباع لعدّة أسباب منها: البيئة الجغرافية، الثقافة، اللغة، سياسة البلاد، التقاليد، المجتمع، إلخ...

أسهمت هذه الطباع في تكوين الهوية العربية البدوية كما وصفها ابن خلدون، فصنعوا من بيئتهم، ثقافتهم، لغتهم سياستهم، تقاليدهم، ومجتمعهم، ما لم يصنعه غيرهم في الأدب والشعر والفصاحة والبلاغة.

فمثلما تقدّم الشرق والغرب في تقدمهم الصناعي، تقدّم العرب في تقدمهم اللغوي الّذي يعدّ في الواقع أصل الحضارة، فلا تتقدّم أمةً ولا تبنى حضارة إلّا بتقدّم وبناء لغتهم الدّالة على حضارتهم وهويتهم.

فجعلوا العرب من لغتهم نقطة البداية ونقطة النهاية، وإرثاً حضارياً كبيراً للقاصي والداني.

فكل أمة تتقدّم بمزاياها ومكوناتها وصفاتها، فإذا تقدموا الشرق والغرب في الفلسفة والعلوم، يتقدّم العربي في الأدب والشعر، وكلاهم أساس العمران.

إنَّ اللغة لدى العربي، هي دليل على حضارتهم الّتي جالوا بها العالم، ولنا في البلاد الّتي سكنوها العرب، أو فتحوها خير مثال.

ما زالت النقوشات والزركشات والزخرفات العربيّة إلى اليوم، دليلًا قاطعًا على التقدّم العمراني والحضاري.. الّذي لم يكن ليكون لولا تقدمهم في لغتهم، وإقرار التاريخ أنه كانت هنا أمة عظيمة، كعظمة لغتهم.








طباعة
  • المشاهدات: 4224
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
25-10-2022 11:22 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم