30-10-2022 12:53 PM
بقلم : الدكتور محمد عبد الستار جرادات
أدى الوزراء الجدد في حكومة رئيس الوزراء الأردني بشر الخصاونة، اليمين الدستورية أمام العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في الديوان الملكي، الخميس، في تعديل وزاري هو الخامس من نوعه منذ تولي الخصاونة رئاسة الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2020، وصدرت الإرادة الملكية بالموافقة على التعديل بخروج 6 وزراء من الحكومة، وإجراء مناقلات بين 5 حقائب وزارية ودخول 5 وزراء جدد بينهم 3 سيدات لحقائب: وزارة التخطيط والتعاون الدولي لتتولاها زينة طوقان، والشؤون القانونية في رئاسة الوزراء تولتها نانسي نمروقة، ووزارة الاستثمار التي تسلمتها مديرة صندوق استثمار أموال مؤسسة الضمان الاجتماعي خلود السقاف، ليرتفع بذلك عدد الوزيرات في حكومة الخصاونة إلى 5 وزيرات حيث بقيت وزيرة الثقافة هيفاء النجار وتسلمت الوزيرة وفاء بني مصطفى حقيبة التنمية الاجتماعية بدلا من الشؤون القانونية. جاء التعديل موضحا زيادة المشاركة السياسية في المملكة تماشيا مع الخطة الوطنية للتمكين الاقتصادي للمرأة (2025)، مع الأخذ بالإعتبار جميع الجهود التي بذلت من الأسماء السابقة في هذا المشروع العظيم، بالإضافة إلى الإنجازات السياسية والحزبية والإجتماعية والتنموية والإيمان المستمر بأن مشاركة المرأة بالحياة السياسية أحد مقاييس تقدم الشعوب.
منذ تصديق الأردن على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) في عام 1992، أدخلت المملكة سياسات جديدة لتعزيز التنفيذ الفعال للاتفاقية. فبالإضافة إلى الاستثمارات الكبيرة في قطاعي التعليم والصحة التي أفادت النساء والفتيات، حقق الأردن تقدما هاما في تعزيز وحماية حقوق المرأة. على وجه الخصوص، تبنى قرار برلماني تاريخي صدر في آب/أغسطس 2017، مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات تضمنت إلغاء المادة 308، التي كانت تبريء المغتصبين إذا تزوجوا من ضحاياهم. في كانون الأول/ديسمبر 2017، اعتمدت الحكومة الأردنية أول خطة عمل وطنية لتنفيذ قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1325، بشأن المرأة والسلام والأمن.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات، إذ يحتل الأردن حاليا المرتبة 135 من بين 144 دولة في مؤشر الفجوة العالمية بين الجنسين، مع وجود ثغرات كبيرة مستمرة في تنفيذ الالتزامات الدولية بالمساواة بين الجنسين. فعلى سبيل المثال، يعد معدل مشاركة النساء في سوق العمل الأردني واحد من أدنى المعدلات في العالم، حيث تبلغ نسبة مشاركتهن %13.3 مقارنة بنسبة %60.3 للرجال. إضافة إلى ذلك، فإن %3 فقط من النساء الأردنيات اللائي يتعرضن للعنف يعربن عن رغبتهن في طلب الدعم. كما يتفاقم الضغط على تقديم الخدمات بسبب العدد الكبير من اللاجئين الذين استضافهم الأردن، مما يؤثر على النساء والفتيات المستضعفات.
استكمالا لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة الوطنية للتمكين الاقتصادي للمرأة (2019 -2024) بدعم من برنامج البنك الدولي لتمكين المرأة في المشرق، يقدم البنك الدولي ومؤسسة التمويل الدولية والحكومة الكندية والنرويجية من خلال برنامج المشرق (برنامج البنك الدولي لتمكين المرأة في المشرق) المساعدة الفنية لبلدان المشرق الثلاث (الاردن، العراق، لبنان)، لتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء وزيادة الفرص المتاحة لهن، بوصفه عاملا حافزا لبناء مجتمعات أكثر شمولية واستدامة يعمها السلام، ويعود فيها النمو الاقتصادي بالنفع على الجميع. ومن خلال التعاون مع القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني وشركاء التنمية، يساند البرنامج الجهود التي تقودها الحكومات والأولويات على مستوى المملكة، والأنشطة الاقليمية والاستراتيجية التي ترمي لها؛ كتقوية البيئة الداعمة للأطراف المعنية للقيام على نحو فاعل بتحديد العقبات التي تحول دون مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي ومعالجتها، وتحسين قدرة النساء على الحصول على الفرص الاقتصادية، والتي تنسجم مع أهداف ومؤشرات استراتيجية المرأة في الاردن 2020 -2025.
يعمل المكتب الإقليمي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الدول العربية مع شركائه من أجل تحقيق جملة أمور، من بينها:
• توفير دعم سياساتي للحكومات لترجمة مستهدفات أهداف التنمية المستدامة إلى السياق الإقليمي والمحلي.
• تعزيز السياسات القائمة على الأدلة المراعية للنوع الاجتماعي من خلال إشراك الشبكة الاقتصادية للمرأة العربية "خديجة"، وهي منبر للدعوة ونشر المعرفة تحت مظلة جامعة الدول العربية.
• تعزيز قدرة المجتمع المدني على الدخول في حوار مع الحكومات بشأن ضمان أن تكون القوانين والسياسات ذات الصلة مراعية للنوع الاجتماعي.
• تعزيز قدرات المؤسسات الوطنية لتوفير خدمات مراعية للنوع الاجتماعي فيما يتعلق بالتمكين الاقتصادي.
• تعزيز العمل اللائق والعمالة المنتجة من خلال معالجة الأسباب الهيكلية لعدم المساواة التي تواجهها المرأة - بالاشتراك مع منظمة العمل الدولية.
• تعزيز روح ريادة الأعمال لدى النساء، وتخفيف الحواجز والمساهمة في تهيئة بيئة مواتية لتنمية روح ريادة الأعمال - بالاشتراك مع اليونيدو ومنظمة الأغذية والزراعة.
• تعزيز مبادئ تمكين المرأة (WEPs) والانخراط مع القطاع الخاص لتحسين وضع المرأة في الاقتصاد من أجل تحقيق نمو شامل ومستدام.
• تحدي الصور النمطية للجنسين، وزيادة الوعي والدعم للتصدي للتمييز القائم على النوع الاجتماعي على مستوى الفرد والأسرة والذي يعوق المرأة ويكرس عدم المساواة بين الجنسين في المجتمع.
كما تعمل هيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأردن على دعم جهود حكومة الأردن للاستمرار في الاستجابة للأزمة الإنسانية في المنطقة وفي الوقت نفسه تعزيز صمودها واستقرارها وأمنها، ضمن سياق السياسة العالمية (خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهدافها). تطبق هيئة الأمم المتحدة للمرأة نهج "الصمود والتمكين" المصمم لبناء الصمود على المدى القصير والمتوسط للأردنيات الضعيفات، مع تعزيز البيئة التمكينية طويلة الأمد لتمكينهن. تهدف هيئة الأمم المتحدة للمرأة إلى تحقيق ذلك من خلال ثلاثة مجالات رئيسية للعمل: تطوير السياسات والقواعد العالمية؛ والتمكين الاقتصادي للمرأة؛ وإعلاء صوت المرأة في أمور السلام والأمن والعمل الإنساني.
يشار إلى أن المرأة الأردنية تتمتع بعدد من الامتيازات التي حصلت عليها مؤخرا، لكن تأثير ذلك لا يزال حبرا على ورق حتى الآن. ففي فبراير/ شباط الماضي، دخلت تعديلات دستورية حيز التنفيذ بعد جلسات صاخبة ومناقشات برلمانية ساخنة، خاصة حيال إدراج مصطلح "الأردنيات" في الدستور الذي بات ينص على أن "الدولة تكفل تمكين المرأة ودعمها للقيام بدور فاعل في بناء المجتمع، بما يضمن حقها في تكافؤ الفرص على أساس العدل والإنصاف وحمايتها من جميع أشكال العنف والتمييز". أما في مارس/ آذار، فقد جرى تحديث قانون الأحزاب السياسية الذي ينص الآن على أن النساء يجب أن يشكلن نسبة لا تقل عن 10 بالمائة من عدد مؤسسي الحزب، وكذلك الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و 35 عاما، فيما يتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى 20 بالمائة في غضون ثلاث سنوات.
إن المرأة لاعب أساسي في المعركة ضد التطرف والعنف: إن مشاركتهن في سوق العمل يقوي الاقتصاد وتعززمشاركتها السياسية الشرعية، ومن خلال الأدوار الفاعلة التي تلعبها في الأسرة والمجتمع تعلم النساء شبابنا على التفكير بشكل ناقد ونبذ أيديولوجية التطرف. وكما قالت جلالة الملكة رانيا: "لم يكن هنالك وقت أفضل للفتيات لأن يقفن ويشاركن من الوقت الحالي حيث تتبدل وتستقر الأنظمة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في المنطقة.. أيتها الفتيات لم يكن المجتمع بحاجة لكنّ أكثر من اليوم".
وأما من المنظور الديني، فقد حث الإسلام على مشاركة المرأة في السياسة وفي المجتمع ككل، فالسيرة النبوية مليئة بأحداث سياسية كان للمرأة دور بارز فيها وأولها خديجة، فقد كان علماء السيرة يعتبرون الوزير الأول في الإسلام هو خديجة رضي الله عنها، ويشبهونها بمقام الوزير الذي يستعان به في تنفيذ المهمات والاستشارات وحل المشكلات، كما ورد في القرآن الكريم قصص لملكات صالحات على سبيل المدح لأنهن أنقذن أقوامهن من هلاك محقق، ومنهن سبأ ملكة بلقيس، والتي استطاعت بفضل حنكتها وخبرتها ودهائها أن تنقذ المدينة كاملة، وأسلمت بسليمان، كما ذكرت آيات الله تعالى في سورة النمل.
حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-10-2022 12:53 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |