31-10-2022 09:17 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
حتى سنوات مضت، كان مفهوم الأمن الغذائي، يرتبط بحسابات السوق، والتجارة، وسلاسل الإمداد، والمزارعين، وكانت مسألة ما يفرضه هذا المفهوم من حضورٍ، لا تتجاوز بعض الأدبيات الاقتصادية.
في عالم اليوم، وبعد وباء كورونا، وما أدى إليه من ضرب سلاسل الإمداد، وما تبعه من حرب أوكرانيا، والتغير المناخي، أعاد هذا المفهوم إنتاج نفسه، وأخذ بعداً في السياسة الدولية، وصار دارجاً على ألسنة الساسة والقادة في العالم، ذلك أنه واحد من أخطر المفاهيم، إذ تقول منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، (الفاو) في آخر تقاريرها، أن الجوع في العالم قد ازداد مرة أخرى في عام 2021، مما يعكس تزايد عدم المساواة بين البلدان وداخلها.
ويشير ذات التقرير، إلى أن 828 مليون شخص عانوا من الجوع في 2021 بزيادة 46 مليونا عن 2020 و150 مليونا عن 2019 قبل كورونا.
وتقدر "الفاو" تداعيات الحرب في أوكرانيا، أنها "يمكن أن تؤدي إلى زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص التغذية المزمن بـ13 مليونا هذا العام، و17 مليونا في عام 2023".
وهذه الأزمات، التي نعيشها، توصف بأنها "غير مسبوقة" وقد أعادت إلى أذهاننا، وفعلنا السياسي، مفاهيم التعاون الإقليمي، والتعاون العربي، وأسست لمفاهيم إعادة إنتاج التكامل إقليمياً، في ضوء عولمة، يبدو بأنها تتراجع، أو تعيد ضبط واقعها الذي ألفناه في السنوات الأخيرة، ذلك أنّ الوقت لا يعطينا الترف في هذا السياق.
عربياً، يبدو بأنّ هناك إدراك لمّا يمّر به العالم من مخاطر، حيال أزمات الأمن الغذائي، يعبر عنه التصريحات الأخيرة الصادرة عن الجامعة العربية، من التحذير من تدهو مؤشرات الامن الغذائي، وأزمات الجفاف وتراجع حصص المواطن العربي من المياه، وغياب أو ضعف الاستثمار الزراعي، ما يجعل التفكير في هذه المسائل، أو الهموم الحاضرة والمقبلة، هو نوع من الواجب، والالتزام.
واليوم، ونحن على أبواب قمة الجزائر العربية، فإنّ التصريحات القادمة من هناك تشير إلى أنّ "الأمن الغذائي" يتصدر جدول أعمال القمة، وهو أمر مأمول، في ضوء التحولات المعاشة في عالم اليوم.
وقد تنبه الأردن باكراً، لهذه التحولات، وسياقاتها، والمخاوف التي تتركها في حال تركت دون مقارباتٍ أو حلولٍ أو تعاونٍ إقليمي.
وأشار جلالة الملك عبدالله الثاني، لأكثر من مرةٍ، إلى ضرورة صياغة تعاونٍ عربيٍ إقليميٍ، يؤسس لتعزيز الأمن الغذائي، وضمن رؤيةٍ إقليميةٍ بنت شراكاتٍ متعددة، مع العراق، ومصر والإمارات العربية المتحدة، والبحرين، والسعودية.
وقدم جلالة الملك عبدالله الثاني، رؤيةً متقدمة تجعل من الأردن، ونظراً لموقعه الجغرافي مركزاً إقليمياً للغذاء، فخلال مشاركة جلالته، في حوار "بورلوغ" الدولي، الذي تنظمه مؤسسة جائزة الغذاء العالمي، نبّه جلالة الملك إلى ما يمر به العالم من متغيرات، قائلا: إنّ إعادة ضبط العولمة ستساعد على توجيه الموارد العالمية لدعم قطاعات محورية كالبنية التحتية الزراعية، كما طرح مقاربة إقليمية تستفيد من موقع الأردن الاستراتيجي يمكّن من العمل كمركز إقليمي للغذاء.
ومؤخرا، تبنه العاملون في القطاع الزراعي، إلى أهمية الأمن الغذائي، وصلته بالزراعة، وتشير تقارير البنك الدولي إلى أنه "بالرغم من انخفاض نسبة مساهمة قطاع الزراعة والتي تشكل 5.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للأردن، الا ان سلسلة القيمة الزراعية والغذائية تمثل 15-20٪ من الناتج المحلي الإجمالي وتوظف أكثر من 15٪ من السكان النشطين في الأردن، وكذلك توظف الزراعة 52 في المائة من النساء اللواتي يعشن في المناطق الريفية."
إنّنا اليوم، وفي ضوء التأثير المتعاظم للأمن الغذائي، أمام تحدٍ جديدٍ مقبل، وأمام فرصةٍ جديدة أيضا، في الأردن لنصنع الفرق.. ونعيد كثيرين إلى الأرض، بعد عقودٍ من الهجرة..
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
31-10-2022 09:17 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |