02-11-2022 12:03 PM
بقلم : عائدة محمود الأدهش المعايطة
المنظومة الاجتماعية في طريقها للتفكك والانهيار السريع، والأسباب كثيرة جداً، وأهمها استفحال ظاهرة شرب الكحوليات وتعاطي المخدرات عند الشباب والمتبطلين عن العمل وطلاب الجامعات والمدارس، وبين صغار الموظفين والشباب والشابات بشكل عام، وقد أصبحت هذة الظاهرة سبباً رئيساً في انتشار الجرائم بكافة أشكالها ابتداءً من السرقة وانتهاءً بالقتل، فهل نلقى الاتهام على الحكومة فقط، أم أن اللوم الأكبر يقع عليها فعلاً في وصول أبنائنا إلى هذا المنحنى الخطر، مع توفر أسباب كثيرة لذلك وأهمها تفشي البطالة وتقلص الطبقة الوسطى وتمدد بؤر الفقر، أم أننا نتناسى دور العائلة وأهميته في الحد من انتشار الجريمة في المجتمع، لم لا نقوم بإلقاء اللوم على الأساس، وهو العائلة والتربية المنزلية، والتي من أهم واجباتها إنشاء جيل سوي نفسياً وغير عدواني ومحب للعمل والإنتاج، عائلة ملتزمة اجتماعياً بقيود العادات والتقاليد، والخطأ والصواب.
عائلات تتبع طريقاً معينا في التربية، وتنبة أولادها وبناتها يومياً لمخاطر الكحوليات والمخدرات والسير في الطرق الأخرى المحفوفة بالخطر، ثم أين دور الوالدة التي تحاور وتسأل وتدقق وتتابع وتركز وتستعمل حاستها السادسة في استشراف الخطر، بالإضافة لوجود الوالد الذي يهذب أخلاق الشباب ويقدم النصح يومياً لهم وهم في طريقهم للمدارس والجامعات، فأين ذهب دور الأب والأم الحقيقي في كل ما يحدث حولنا؟!
ماذا حدث للأمهات والآباء في هذا العصر المخزي، فالأم حالياً كلمتها غير مسموعة في المنزل، والأب لا يكاد يسمع رأيه من الذكور، ومعظم الآباء لا يعلمون اين تذهب البنات أو من يصادق الشباب "طاسة وضايعة"، والآن، وبعد أن فشلنا في تربية أبنائنا، فهل نعتصم ونطالب الحكومة بتوفير مربيات من الخارج لشبابنا ولأطفالنا لإصلاح الواقع الاجتماعي المتردي حاضراً، والذي أفسده أمهات وآباء لم يقوموا بواجبهم وبدورهم الصحيح في الحياة؟!!!
نطالب يومياً بالإصلاح، وقرقعنا رأس الحكومة بمطالبنا المتعددة، ولكننا نسينا أن الإصلاح يبدأ من قاعدة الهرم أولاً، من العائلة، من الأسرة التي يقع عليها واجب الرعاية والتربية والتنشئة والتأهيل للمستقبل.
عندما أفتح صفحات الجرائد، أفزع من الجرائم التي ألاحظها: سرقة، قتل، دهس، نهب، اغتصاب، الترهيب بالسلاح، والمسبب دائماً في معظم الحوادث إما أن يكون مدمناً للكحول أو مدمناً للمخدرات، وهنا تبدأ المشاكل العشائرية، وتبدأ الجلوات والعطوات وتشرد العائلات، وضياع مستقبل أفراد العائلة والسجن، والإعدام، والسبب كما أراه من منظوري هو التربية المنزلية أولاً.
فمتى سنعي مسؤوليتنا تجاه أبنائنا ونعترف لأنفسنا وبأمانة، أننا لم نربيهم جيداً، ومتى سنعود لنتعرف على أولادنا وعلى مشاكلهم وهمومهم، ونحاول معا أن نحلها، فالفقر متواجد ومتجذر في الوطن منذ القدم، ولكن لم يكن الفقر سبباً لكي يتجة الشباب للانحراف والإدمان على الخمور أو المخدرات، لسبب بسيط، وهو أن الوالدات الأمِّيات كن يركضن ورائهم من زاوية إلى زاوية، ومن مكان لمكان، يتابعن ويتعرفن على أصدقاء الأبناء والبنات، يتعرفن على الأهالي، يسألن بانتظام الأبناء عن أين ذهبوا ومن أين أتوا، يذهبن للمدارس للسؤال عن التحصيل العلمي للأبناء، يتابعن تصرفاتهم وكيفية تعاملهم مع المعلمين والطلاب، يطبخن في المنازل، يغسلن، يقمن بجميع الواجبات المنزلية والاجتماعية ويقدمن النصح للصبايا والشباب طوال اليوم بلغة واضحةسليمة، يقمن بإلقاء الأوامر بتصميم وعزم مثل: ادرس، ولا تخرج، ولا تتأخر في الشارع، وعند رفض الأوامر، كانت الأم تحاور وترشد، وعند اللزوم كان القشاط يعمل عمله، وكانت حفايات البلاستيك هي الأخرى تعمل عملها، كانت الوالدة تنهى عن الأعمال السيئة، بينما الأمهات والآباء حالياً يشجعون أبناءهم على ارتكاب أعمال تبدو هينة لهم، وهي في الحقيقة مشكلة كبرى، مثل الغش في المدارس أو تشجيعهم على المبادرة بالاذى إذا تعرض الشخص لمشكلة تافهة، والتي من الممكن أن تمتد لنزاع عشائري وربما قتل أحياناً.
فمتى نعود لنربي أولادنا كما ربتنا أمهاتنا الماجدات، متى يتصرف الوالد كشخص مسؤول ويسأل ابنه أو ابنته: من أين لك هذا، وإلى أين أنتم ذاهبون، وأين كنتم، ومن رافقتم، لما تأخرتم في الخارج، ومن أين لكم هذا الكم من المال، وأين تقضون أوقات الفراغ؟!!!!
متى سيعود الأم والأب للقيام بدورهم الرئيسي بالحياة، وهو التربية، متى سنصحو لإنقاذ أولادنا وإنقاذ المجتمع من آفة مدمرة ستقضي على الأخضر واليابس؟!!!
متى سنعتمد على أنفسنا في حل مشكلة تخصنا فعلاً بدون أن نلقيها على شماعة الحكومة، متى سنعود لننقذ مستقبل الوطن.
عائدة محمود الأدهش المعايطة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
02-11-2022 12:03 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |