05-11-2022 09:42 AM
سرايا - يبدو أن امتناع الحكومة عن تقديم سردية أو خلفية مقنعة ومنطقية لأسباب إنهاء عقد المدير العام لمؤسسة الضمان الاجتماعي حازم الرحاحلة، وبعد أيام فقط على تعديل وزاري، ينتج عنه فوراً في الحالة السياسية والإعلامية والشعبوية الأردنية تدحرج أزمة جديدة، ولفت نظر شبه مجاني قدمته الحكومة على مستوى الرأي العام لقضية مثيرة للنقاش والجدل وبدأت فوراً على الأقل عبر منصات التواصل الاجتماعي تأخذ شكل المقاربة والمقايضة ما بين تعزيز حصة المعنيين بالفساد وطرد الشخصيات التكنوقراطية الحريصة على محاربة الفساد.
عدم وجود معلومات من أي نوع أو على الأقل قصة ترويها الحكومة لأسباب عدم تجديد عقد الرحاحلة، خصوصاً أن مؤسسته التي يديرها، وهي مؤسسة الضمان الاجتماعي، إحدى أضخم وأهم المؤسسات في البلاد. ونجحت بامتياز وتغنت الحكومة بنجاحها مراراً وتكراراً أثناء الاشتباك مع عامي الفايروس كورونا، الأمر الذي دفع باتجاه تساؤلات على مستوى الرأي العام واستنتاجات قد لا تكون في مكانها بكل الأحوال، لكن فراغ المعلومة بقرار مجلس الوزراء المباغت والمفاجئ وقف، أو عدم تجديد عقد عمل المدير الرحاحلة هو الذي أنتج هذه الحالة الهلامية من التكهنات والشائعات، لا بل والفرضيات التي تعود الحكومة للتعامل معها إعلامياً وسياسياً وكأنها عرس عند الجيران.
الشارع الذي لا توجد رواية رسمية متكاملة بين يديه اليوم، بدأ يتعامل مع الرحاحلة باعتباره من أبطال البيروقراط، والإيحاء الوحيد المتاح واليتيم هو خلاف له علاقة بحرص الرجل على المؤسسة التي تعتبر أغنى المؤسسات مالياً وأكثر المؤسسات إقراضاً للحكومة. وقالت السلطات الحكومية إن مجلس الوزراء قرر عدم تجديد عقد عمل الرحاحلة، وهو يعمل في موقعه منذ عامين، وبدا على منصات التواصل الاجتماعي أن لديه قدراً ليس سهلاً من الأنصار والمؤيدين.
لكن في كل حال، لم ترو الحكومة القصة كاملة، والقرار المتعلق بإقالة المدير العام للمؤسسة التي تمثل ضمانات وأموال ملايين الأردنيين قضية قيد التدحرج مجدداً في أحضان حكومة الرئيس الدكتور بشر الخصاونة، مع أن تعبئة الفراغ وعدم ترك مساحات للتأويل كان ممكناً إذا ما قررت الحكومة قرارها برواية أو بتوضيح بعض الخلفيات، حيث يتم تجديد عقود كبار الموظفين على هذه الهيئة ببساطة بالعادة ما لم يكن هناك سبب مفهوم وعلني.
في كل حال، يصطاد كثيرون هذه الواقعة الآن، خصوصاً أنها اتخذت بعد ساعات من اجتماع رئيس الوزراء في معهد الإدارة العامة بنخبة القيادات البيروقراطية في الوزارات والمؤسسات، وقرار مجلس الوزراء لم يكن معللاً، والشارع مليء بالتكهنات الآن. واللافت جداً أن قرار إقالة مدير عام في مؤسسة مهمة جداً، خصوصاً للناس وتتجه الأنظار إليها، هو قرار تخذ بالصدفة المحضة بعد أيام فقط من تعيين المديرة السابقة لاستثمارات الضمان الاجتماعي وزيرة في الفريق الحكومي، وتسلمت وهي المستشارة خلود السقاف، حقيبة الاستثمار.
بمعنى أو بآخر، ومن باب الإيحاء على الأقل، ثمة رابط ما بين جذب المسؤول الأبرز عن أضخم صندوق استثماري محلي ووطني أردني إلى الطاقم الوزاري، ثم إنهاء عمل المدير العام لنفس المؤسسة، وهي الضمان الاجتماعي بعد أقل من أسبوع. وحتى لو لم يكن هذا الرابط موجوداً أصلاً لتم التشبيك بين الواقعتين بصورة توحي بأن لدى الحكومة ملفاً أو اجراءً ما، له علاقة هذه المرة بمسألة الضمان الاجتماعي.
وأهمية مؤسسة الضمان الاجتماعي تكمن أصلاً في أن جميع العيون مسلطة عليها وعلى الوزيرة الجديدة للاستثمار السقاف، باعتبارها صاحبة النظرية المالية في الاستثمار والتي تؤمن بقناعة بأن إقراض الدولة والحكومة آمن وأفضل من إقراض القطاع الخاص والأفراد والشركات.
وليس سراً أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد عبيدات، كان للتو قبل أسابيع قليلة قرع جرس الإنذار محذراً الأردنيين من مخاطر مالية تتعلق بأموالهم في مؤسسة الضمان الاجتماعي، مشيراً إلى أن ديون الحكومة التابعة في هذه المؤسسة في طريقها للوصول إلى 10 مليارات، بينما موجودات المؤسسة لا تزيد عن 13 ملياراً.
محطة إضافية من الجدل في بيئة اجتماعية واقتصادية ومالية وسياسية أردنية مفعمة بفائض من الجدل والنقاش والتساؤلات بلا إجابة، والغرق في التفاصيل، والسبب اليوم هو قرار مفاجئ لمجلس الوزراء غير مبرر.
والرواية الوحيدة التي يقولها أو ينقلها بعض الموظفين في رئاسة الوزراء هي تلك التي تقول بأن حسابات الحكومة الخاصة بتمرير تعديلات مثيرة ومهمة على قانون الضمان الاجتماعي اصطدمت بسلوك المدير العام المقال حالياً الرحاحلة، واصطدمت ببرنامجه إما بترويج القانون الجديد أو بوضع اقتراحات وأفكار تستفز مجلس النواب والشارع الأردني.
تلك طبعاً تبقى نظرية، لكن إثباتها يحتاج إلى وقت، وما حصل باختصار أن إقالة مدير مؤسسة مهمة مثل الضمان الاجتماعي كانت الحكومة للتو تحتفي بنجاحها في التعاطي مع تداعيات الفيروس كورونا، هو حدث يبدو غريباً ويحتاج إلى تفكيك اللغز سياسياً وبيروقراطياً، ويوحي بأن ملف الضمان الاجتماعي نفسه قد يتعرض لنقاش ما على المستوى السياسي أو السيادي. وساهمت خطوة الحكومة عملياً في هذا الجدل الذي كانت تنطبق عليه فكرة جدل يمكن الاستغناء عنه.
القدس العربي
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
05-11-2022 09:42 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |