حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,23 ديسمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 2653

إنتاجية الإدارة العامة بين مطرقة: الضعف المهني .. وسندان: المراهقة الإدارية وغياب الاحتراف

إنتاجية الإدارة العامة بين مطرقة: الضعف المهني .. وسندان: المراهقة الإدارية وغياب الاحتراف

إنتاجية الإدارة العامة بين مطرقة: الضعف المهني  ..  وسندان: المراهقة الإدارية وغياب الاحتراف

07-11-2022 12:00 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المهندس خالد بدوان السماعنة
أثناء مسيرة عملي الفنية قدر الله لي وقبل قرابة خمسة عشر عاما أن أعمل في إحدى مستشفيات القطاع الخاص في العربية السعودية، كان عقدي يومها غير مغري أبدا من الناحية المادية لكن لما كان في المدينة المنورة - على ساكنها الصلاة والسلام - فعلت كل ما يمكن لأحظى بفرصة المجاورة فيها.

وفعلا كان عقدي حينها كفرد في فريق الهندسة طبية، بين جنسيات مختلفة، وكان رئيسي في العمل من الجنسية المصرية.

بعد شهرين فقط حزت ثقة أصحاب المال والعمل فتم تعييني رئيسا لقسم الهندسة الطبية في المستشفى، ثم بعد مدة وجيزة تم تكليفي بإدارة المواد Material Management

كانت قفزة نوعية حقيقية .. ولم يشفع لي في هذا التدرج الا مهاراتي الفنية الخاصة وإخلاصي في عملي.

الشاهد .. إني وجدت نفسي يومها وفجأة مديرا ومسؤولا عن عدد كبير من الموظفين والكثير من المهمات .. ودخلت في صميم عملية صنع القرار ..

فهل كان هذا القرار حينها صائبا؟

لأكن صادقا مع نفسي قبل غيري .. هل الحصيلة المعرفية الفنية والخبرة العملية حينها كانت كافية لأمارس الإدارة والقيادة في مثل هذا المستوى؟

اليوم وبعد ممارستي الإدارة في أكثر من موقع في وزارة الصحة وبعد أن خضت غمار رحلة الحصول على درجة الماجستير في إدارة الأعمال ودرست مساقات هامة جدا مع ما أعطاني الله إياه من نهمة القراءة، وبدأت في إعادة شريط الذكريات .. تغيرت وبشكل كلي مفاهيم مغلوطة كانت لدي حول فن الإدارة.

والنتيجة من كل هذه المقدمة: أين هو الإداري الناضج الذي يدير الدفة للارتقاء بالعمل ضمن استراتيجية معلنة لتحقيق أهداف واضحة؟!

بكل صراحة يكمن مقتلنا اليوم في مراهق إداري لا وظيفة له إلا الحرص على بقائه في كرسيه من خلال حرصه على اختيار ما ينسجم مع تحقيق حرصه ذاك .. وحتى لو كان ذلك من خلال إقصاء الكفاءات الحقيقية والإتيان بالموظفين الأكثر مراهقة الذين يضمنون بقاءه في مقعده ومقاعدهم.

في إحدى الأيام كنت اجلس مع صاحب المال الذي كنت أعمل لديه في السعودية وكان شيخا جاوز السبعين من عمره .. بنى إمبراطورية أعمال من لا شيء في رحلة كفاح طويلة.. وكان أحد أعضاء مجلس الإدارة لحظتها يحدثه عن فساد أحد رؤساء الأقسام الحساسة!

فكان جوابه: أنا أدري إنه فاسد، لكن ماعندي بديل عنه، أنا ماعندي مصنع للموظفين !!..

يومها بلعت جوابه على مضض؛ لكن اليوم وبعد أن شابت العوارض مني علمت أنه كان جواب الذي أسقط في يده، وأن صاحب القرار قد يجد نفسه في وقت ما أمام خيارين أحلاهما مر !! وأن السداد والتسديد يكون في اختيار أقل الضرر مع عدم زوال الضرر بالكلية.

هذا طبعا إذا كان صاحب القرار على علم ودراية مسبقة شاملة بالموارد البشرية المتاحة أمامه .. ولكن ما العمل إذا كانت الموارد البشرية المتميزة حبيسة الغرف المظلمة لا يعلم عنها شيئا؟

هذه الإحداثيات طبعا لا يعلمها الشعب، ولا من يطقطقون على منصات التواصل الاجتماعي. ودائما ما تقرأ هجوما على صانع قرار لأنه لا زال يبقي في جهاز إدارته على فلان أو علنتان. الكواليس تخفي الكثير مما لا يطلعون عليه، وأن تتحصل على شيء خير من أن تخسر كل شيء.

اعلم أخي القارئ الفاضل أنه ليس من السهل اليوم أن تجد شخصا هدفه من حصوله على الوظيفة القيادية وخاصة العليا منها هو ما يرى في نفسه من قدرة حقيقية على العطاء والتغيير .. لا كما يقول الكاتب البدارين:" أصحاب ربطة العنق ولوحة السيارة والسائق المرافق والجاهات والوجاهات الاجتماعية هي التي تمثل الإغراء الأكبر وتقود الموظف نفسه لاحقا وسط مجتمع المظاهر والنميمة إلى ضمان مقعد ما في المستقبل!!".

فقل لي بالله عليك أخي القارئ: كيف هو حال صانع القرار وهو يسعى لتحقيق إنتاجية وسط مجاميع غابت عنها المهنية الفذة، وقياداتها تفتقر للاحترافية؟

المهمة ليست سهلة، والعملية برمتها تحتاج إلى لجوء وصدق التجاء أن يسدد الله صناع القرار لاختيار الرجل المناسب في المكان المناسب.








طباعة
  • المشاهدات: 2653
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
07-11-2022 12:00 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
لا يمكنك التصويت او مشاهدة النتائج

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم