07-11-2022 01:01 PM
سرايا - بعد بضعة أشهر على نهاية الحرب العالمية الأولى، اهتزت فرنسا يوم 19 شباط/فبراير 1919 على وقع محاولة اغتيال فاشلة استهدفت الوزير الأول ووزير الحرب جورج كليمونصو (Georges Clemenceau) الذي كسب شهرة كبيرة ببلاده بفضل إنجازاته السياسية خلال العقود الماضية وقيادته فرنسا أثناء فترة الحرب الكبرى التي انتصر فيها الحلفاء على قوى الإمبراطوريات الوسطى.
وقد جاءت محاولة الاغتيال هذه لتسلط الضوء على ظروف العمال بالبلاد وتنامي نفوذ الأناركيين الذين نجحوا في اغتيال عدد من الوجوه السياسية الفرنسية.
أثناء مسيرته السياسية، شغل كليمونصو منصب الوزير الأول بفرنسا بمناسبتين. فبعد أن قضى فترة أولى ما بين عامي 1906 و1909 بهذا المنصب، عاد هذا السياسي الفرنسي، الذي مثل أبرز الوجوه الراديكالية المستقلة، ليحصل مرة أخرى ما بين 1917 و1920 على حقيبة الوزارة الأولى.
من جهة ثانية، سجّل وجوده على الساحة السياسية بقوة أثناء قضية دريفوس (Dreyfus) مطلع القرن العشرين، كما صنف أيضا كأهم مؤيدي مبدأ فصل الكنيسة عن الدولة وإنهاء تدخل رجال الدين بالتعليم.
ومع نهاية الحرب العالمية الأولى التي قتل أثناءها 1.4 مليون جندي فرنسي، لقب بأب النصر.
فخلال المفاوضات التي أسفرت عن توقيع معاهدة فرساي، طالب كليمونصو بالنصر الشامل على ألمانيا مؤكدا على ضرورة حصول بلاده على تعويض مادي وتجريد الألمان من مستعمراتهم وتسليحهم وإعادة إقليم الألزاس لورين (Alsace-Lorraine)، الذي خسره الفرنسيون لصالح بروسيا بالحرب البروسية الفرنسية عام 1871، لفرنسا.
اغتيال فاشل
أثناء فترة توليه لمنصب الوزير الأول ما بين عامي 1917 و1920، اعتاد كليمونصو مغادرة منزله بشارع فرانكلن بنجامين بباريس في حدود الساعة الثامنة والنصف ليركب سيارته الخاصة التي أقلته نحو وزارة الحرب. وبطريقها تتوقف سيارة كليمونصو لوهلة عند مفترق طرق باسي (Passy) بسبب حركة المرور وسكة الترامواي بالمنطقة.
في الأثناء، كان الشاب الأناركي إيميل كوتين (Emile Cottin)، البالغ من العمر 22 سنة، على دراية بتحركات كليمونصو حيث راقب هذا الشاب تحركات الوزير الفرنسي على مدار أيام وحدد موقع مفترق باسي لإنهاء حياة كليمونصو.
عاش برصاصة بين رئتيه
ويوم الأربعاء 19 شباط/فبراير 1919، مر إيميل كوتين قرب سيارة كليمونصو قبل أن يستهل مسدسه ويباشر بإطلاق وابل من الرصاص صوب الوزير.
وبناء على تقارير الشرطة الفرنسية، أطلق كوتين 9 رصاصات صوب كليمونصو الذي أصيب إصابة بليغة استوجبت تدخلا جراحيا. وعلى الرغم من نجاحهم في إنقاذ حياته، عجز الجراحون عن استخراج رصاصة استقرت بين رئتي الوزير الفرنسي الذي اضطر لمواصلة العيش بها داخل جسمه.
وألقت الشرطة الفرنسية القبض على كوتين بموقع الحادثة. وأثناء التحقيق معه، تبنى الأخير العملية مؤكدا أنها جاءت ردا على سياسة كليمونصو تجاه العمال المضربين بمصانع السلاح.
كما استنكر أمام المحكمة، تصرفات الحكومة الفرنسية محملا إياها المسؤولية عن مقتل أكثر من مليون فرنسي بالحرب العالمية الأولى.
إلا أن المحكمة أصدرت حكما بإعدامه، ثم تم تخفيفه فيما بعد لعشرة سنوات سجن.
وخلال الثلاثينيات، انتقل كوتين لإسبانيا للمشاركة بالحرب الأهلية. وهناك، قتل عام 1936 أثناء إحدى المعارك.