13-11-2022 08:36 AM
بقلم : محمد يونس العبادي
جاء لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني، بالبابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، في توقيتٍ مهمٍ، يحمل العديد من الدلالات، بينها التأكيد الملكي الموصول، على أدوار الوصاية الهاشمية، ورسوخها، ومنطلقاتها التي تحافظ على هوية القدس، وما تمثله من رمزية.
فالوصاية الهاشمية، وفي جانبٍ منها، تؤدي أدوار حماية المقدسات المسيحية، وهي تتكامل مع الجهد الملكي، في الحفاظ على الموجود المسيحي في المنطقة، كمكونٍ أصيلٍ، وجزءٍ من المنطقة، ونسيجها الاجتماعي.
كما أنها تعبر عن أدوار ملوك بني هاشم الموصولة، والتي يواصل جلالة الملك عبدالله الثاني، أداءها، وذلك استناداً إلى إرثٍ عميقٍ في التاريخ، تأسس منذ العهدة العمرية.
ولأن التاريخ يتكامل مع الجغرافيا، فقد أحاط جلالة الملك، موقع المغطس بعنايةٍ كبيرةٍ، إذ أكّدت عناوين الزيارة الملكية إلى الفاتيكان، بأنّ الموقع سيشهد عملية تطويرٍ وتحسين، لمرافقه وخدماته للزوار القادمين إليه بقصد الحج المسيحي.
إنّ المتتبع لتاريخ الوصاية الهاشمية، وحاضرها، يؤكد بأنها وعلى مدار أكثر من مئة عامٍ، كانت عنوان سلامٍ وحمايةٍ، وعونٍ وصونٍ لهوية المنطقة، بجانبيها العمراني والبشري.
ومن بين الشواهد، على هذه الأدوار النابعة من الإيمان والتقوى، والشرعية والمشروعية الهاشمية، المستندة لديننا وقيمه، فقد كانت بيعة المغطس، عام 2017م، شاهداً ومعلماً، يجدد التعبير عن وقوف رجال الدين المسيحي خلف صاحب الوصاية، والأمين على المقدسات المسيحية، وبخاصة في مدينة القدس، ذلك أنّ جلالة الملك لطالما أكّد على رمزيتها، كمدينةٍ للسلام والتعايش.
وهذا الخطاب، وما يحمله من عناوين ومفردات، أحوج ما تكون منطقنا إليه، في ضوء ما تتعرض له المقدسات في القدس من هجمةٍ شرسةٍ من الاحتلال، وآلته، ذلك أنّ صون هذه المقدسات، وبناء خطاب قويٍ مدعومٍ محلياً، ودولياً، يدعم الوصاية الهاشمية، هو سبيل لأجل صون ما مثلته المنطقة من رمزيةٍ عبر تاريخها، لأرجاء المعمورة، وللمؤمنين في كل بقاع الأرض.
وفي دلالات التاريخ، فإنّ هذا الدور واصله ملوك بني هاشم، إذ كانت القدس، بما تمثله من جوانب اجتماعية، وعمرانية، دوماً هي الحاضرة في جهود الملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه) وقد بذل لأجلها، كجزءٍ من الارض المقدسة، وقد رعى على الدوام، أسس العيش المشترك.
وبقي الملك الحسين، وفياً وملتزماً، بما أرساه الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، من دورٍ موصول للوصاية الهاشمية، ورعاية الأماكن المقدسة المسيحية، ويعبر عن هذا الدور، مشاركته طيب الله ثراه، في تشرين الثاني عام 1949م، بإطفاء الحريق الذي اندلع في كنيسة القيامة.
فأدوار الوصاية الهاشمية، دوماً ما كانت عميقة، وقريبة من الناس، وتنبع من إيمانهم بأدوار ملوك بني هاشم، التي دوماً ما ارتكزت على إيمان الناس بشرعيتهم، ومشروعيتهم، وإيمان ملوكهم بالحق، وهذا ما ترويه العديد من الوثائق، وبينها مشاركة رجال الدين المسيحي بالبيعة للشريف الحسين بن علي، بالخلافة في عمّان، عام 1924م.
ومن هذه الوثائق، الخطاب الذي ألقاه بطريرك الروم الأرثوذكس ذاميانوس، أو ما يسمى بـ «تحية الروم» بين يدي الشريف الحسين بن علي (طيب الله ثراه)، مطلع عام 1924م، وقوله: «لأحمد إليكم الله، الذي أفضى عن مكارمه، وأسبغ آلاءه تعالى، فكال جهاد الأمة العربية العظيمة بالتوفيق وقرنه بالفلاح، فإذا البلاد العربية الجميلة، التي لا يبلغ الخيال الشعري شأو وصفها وتصويرها، والتي رصعت جبالها بدرتين ثمينتين، بل مدينتين عظيمتين، هما أشرف وأقدس المدن لملة من أعظم الملل بين سكان المعمورة، أقول فإذا هذه البلاد المباركة، قد استعادت ب?ون الله وتسديده وكرمه تأييد حريتها واستقلالها وزهت ببركة إدارة جلالتكم الرشيدة، ويمن ملكها الموفق..».
فهذه الكلمات، التي تؤكد أهمية الرابطة، والقومية العربية، التي أسست لها النهضة العربية الكبرى، فكانت ذات دلالات ممتدةٍ حتى حاضرنا، حول أدوار ملوك بني هاشم الموصولة، في تعزيز أدوار الوصاية الهاشمية، كجزءٍ من رسالتهم.
وبالعودة إلى زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني، إلى الفاتيكان، فقد حملت هذه الزيارة مقارباتٍ هامةٍ تؤكد أهمية السلام، وإدامة الحوار، المستند على حقائق منطقتنا، ووجهها الحقيقي.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-11-2022 08:36 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |