22-11-2022 02:43 PM
سرايا - تعافت فاتن الحمد ذات السبعة وعشرين عاما من "متلازمة القلب المكسور" خلال ثلاثة أشهر من العلاج المكثف، وهو مرض يقول أخصائيون إنه يصيب مختلف الفئات العمرية، ويمكن الشفاء منه بالتزام التعليمات الطبية بشكل صارم.
فاتن، الشابّةٌ المنفصلةٌ عن زوجها السابق بعد خلاف حاد أحست بألم مبرّحٍ في صدرها، أُسعفت فوراً إلى الطبيب الأخصائي لتظهر فحوصاتها المخبرية مؤشرات أزمة قلبية، على الرغم من أن صورة شرايين القلب الطبقية طبيعية، موضحة أن حالتها شُخصت بـ "متلازمة القلب المكسور"، وهو ما أظهره تصوير صدى القلب (الإيكو).
وإنْ كانت مقولة "قلبي مكسور" مجرد تعبير مجازي عن شدة الحزن بالنسبة للبعض، إلا أنه قد يكون توصيفا حقيقيا لما يمرون به من مواقف صعبة أو تأثرهم بإجهاد نفسي أو بدني وهو ما تعرفه الأوساط العلمية/ الطبية بـ "متلازمة القلب المكسور" أو "اعتلال تاكوتسوبو القلبي".
ويشير استشاري أمراض القلب الدكتور أيمن حمودة الى دراسة أجراها حول وجود علاقة بين أزمة كورونا وتزايد نسب الإصابة بهذا المرض أجريت على 300 عينة لم يصابوا بالفيروس لكنهم أصيبوا خلال الجائحة بجلطات قلبية حادة أو مرض "القلب المكسور" الذي يكون أحيانا سببا بالموت المفاجئ أرجعته الدراسة الى ضغوطات نفسية شديدة تؤثر بشكل خاص على من يفقدون أعزاء، أو يفقدون وظائفهم وأعمالهم، وأولئك الذين أصيبوا بحالات حادة من الخوف أو الاكتئاب.
يقول الدكتور حمودة إن متلازمة القلب المكسور باتت تصيب مختلف الفئات العمرية محليا وعالميا، مؤكدا أهمية أن يتعرّف الناس على هذه المتلازمة التي تشتبك أعراضها مع سواها من الأمراض، وأهمية العلاج المبكّر في حالة الإصابة.
ويوضح حمودة أسباب هذا المرض من المنظور الطبي قائلا، إن هناك هرمونات طبيعية في الجسم ذات وظائف مهمة هي الأدرينالين والكورتيزول، وتسمى بهرمونات الكر والفر، تساعد على التأقلم مع الأزمات والانفعالات النفسية المفاجئة سواء السعيدة أو الحزينة والتي ينتج عنها زيادة بضربات القلب خلال الأوضاع، لكن في حال الزيادة المفرطة في مستوى هذه الهرمونات في الدم، خاصة الأدرينالين، تحت ظروف نفسية قاهرة أو جهد نفسي قوي يحدث ارتفاع شديد بضغط الدم ونبضات القلب، فضلا عن تقلص الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب، مشيرا الى أن دخول هذا الهرمون الى خلايا القلب يؤدي إلى ضعفها وتلفها.
وبموازاة العامل النفسي الشديد هناك أسباب أخرى لهذا المرض كما يقول الدكتور حمودة منها الضغوطات البدنية العالية، كممارسة جهد رياضي كبير ، أو الإصابة بدرجة حرارة عالية أو حدوث تشنجات عصبية، مشيرا الى أن 30 بالمئة من الحالات لا تعرف أسبابها لاختلاط المسببات على المريض أو لعدم معرفته بعلاقة الأسباب بالمرض.
وتتشابه أعراض هذه المتلازمة مع أعراض الجلطة القلبية، فقد "يشعر المصابون بمتلازمة القلب المنكسر بألم مفاجئ في الصدر أو أنهم على وشك الإصابة بنوبة قلبية. وتؤثر متلازمة القلب المنكسر على جزء فقط من عضلة القلب؛ ما يعطِّل وظيفة الضخ الطبيعية للقلب مؤقتًا وتواصل بقية أجزاء عضلة القلب عملها الطبيعي أو قد يحدث تقلُّص (انقباض) أكثر قوة" بحسب موقع "مايو كلينك" الطبي العالمي الشهير.
ويوضح الدكتور حمودة أن صورة القلب لمرضى متلازمة القلب المكسور تظهر بشكل مغاير للمصابين بالجلطة القلبية، إذ تظهر العضلة ضعيفة والشرايين مغلقة، مبينا أنه يتم إدخالهم إلى العناية المركزة، وإعطائهم الأدوية التي تقوي عضلة القلب حتى تستعيد عافيتها، وتعود إلى سابق عهدها كما كانت قبل سويعات من حدوث الضغط النفسي أو الجسدي، لافتا الى أن النساء معرضات أكثر من الرجال كونهنّ عاطفيات .
ويدعو إلى الوقاية من هذا المرض من خلال ممارسة الرياضة بانتظام كونها تسهم في تخفيف الضغوطات بشكل كبير، وعدم القيام بجهد جسدي غير اعتيادي.
استشاري أمراض قلب الأطفال وتشوهات القلب الدكتور عبدالفتاح أبو حويلة يقول إن "اعتلال تاكوتسوبو" قد ينتج عن ضغطٍ عاطفي أو قلقٍ مستمر، لذلك قد يُسمى بـ "متلازمة القلب المكسور"، وقد يكون الضغط جسميًا بسبب نزيفٍ أو إنتانٍ أو ربو مترافق مع تغيرات في تخطيط كهربية القلب يوحي باحتشاء جدار عضلة القلب الداخلي، ومن أعراضه ألم في الصدر مع أو بدون ضيق في النفس، ويتطلب عادةً تصويراً للأوعية الدموية، والذي يظهر عدم وجود انسداد واضح يؤدي لقصور البطين الأيسر.
ويعدّد أبو حويلة عددا من الأمثلة على الضغوطات العاطفية، منها الحزن على وفاة أحد الأحبة، والخوف من التحدث أمام الجمهور، والجدل الحاد، والخيانة، والمشاكل المالية والضغوطات البدنية، إضافة الى الفرح المفاجئ المفرط.
وقد يرى أطباء أن بعض المصابين بالتوتر المزمن يكونون أكثر عرضة للإصابة بمتلازمة القلب المكسور، ومن الممكن أن تتحسن صحة القلب باتخاذ خطوات للسيطرة على التوتر العاطفي، وقد يساعد ذلك في الوقاية من متلازمة القلب المكسور.
ذلك ما يؤكّده استشاري الطب النفسي الدكتور محمد شعبان بالقول إنّ سبب هذا المرض تعرض الشخص لتوتر نفسي حاد نتيجة خلاف أسري أو وفاة عزيز أو حدوث أزمة صحيّة مفاجئة كارتفاع ضغط الدم أو النزيف الحاد، وكذلك وجود تاريخ مرضي نفسي سابق لحالة القلق والاكتئاب النفسي أيضاً.
ويبين شعبان أن نحو 30 من كل مئة شخص يصابون بهذه الحالة لأسباب مجهولة، مشيرا إلى أن من أكثر الأعراض شيوعا، ألم وضغط في منطقة الصدر والتعرق والدوار أو الدوخة وصعوبة التنفس، وقد تكون هذه الحالة خطيرة وقاتلة.
وينصح الدكتور شعبان بضرورة تحذير من هم على قائمة الخطورة بالابتعاد عن الأجواء المتوترة والانفعالات، واتباع سلوك نمط حياة صحي خاصة مع وجود تاريخ عائلي لأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وغيرها من الأمراض الأخرى.
ويشدّد على أن من شأن الضغوطات الحياتية والقلق والتوتر والغضب والاكتئاب أن ترفع من هرم "الكورتيزول" المدمر والقاتل للصحة، وهو ما يؤدي إلى ضعف المناعة، فيصبح الجسم فريسة سهلة للأمراض النفسية والجسدية.