23-11-2022 08:37 AM
بقلم : د. محمد حسين المومني
قدمت الشقيقة قطر أداء تنظيميا رفيعا في افتتاحية كأس العالم التي تستضيفها. التنظيم والحفل والمنشآت كلها كانت على سوية عالية محترمة أعطت انطباعا مميزا عن قطر والعالم العربي والشرق الأوسط. هذه الدولة الصغيرة أثبتت أنها على قدر التحدي وبيضت وجوهنا جميعا. الاحتفال كان انعكاسا لما عندنا من قدرات، وأننا بمستوى يتماهى مع كبريات الدول في العالم، قادرون على تقديم أداء رفيع وتنظيم مناسبات عالمية حاشدة. المبالغ التي صرفت على هذا الحدث العالمي الكبير تماما في مكانها، فائدتها تتجاوز كثيرا قيمتها الحقيقية، وصحيح أنها أكثر مما أنفقته دول أخرى على كأس العالم، لكن الحدث يستحق، والتحدي من الحجم الذي كان واجبا أن يستجاب له بكافة الإمكانيات المتاحة.
التنظيم الرفيع قدم رسالة عن كل العالم العربي، وعن حضارتنا التي كانت عبر التاريخ مساهما بتقدم العالم، فبسبب أحداث وأزمات سياسية وأمنية لا تنتهي، أصبح الانطباع عن العرب والشرق الأوسط سلبيا، لتأتي مناسبات وفرص كتنظيم كأس العالم لنقول للعالم ما نحن حقيقة عليه؛ حضارة قادرة وضاربة جذورها بالتاريخ تمتلك إمكانات وكفاءات تجعلها في مصاف أرفع دول وحضارات العالم. تنظيم كأس العالم الجيد والمحترم أرسل انطباعا إيجابيا عنا وعن دولنا وحضارتنا، وهي فرصة أحسنا صنعا باستغلالها، وأفضل مئات المرات من إنفاق عشرات المليارات على شركات علاقات عامة وبناء الانطباع لنحسن الانطباع السيئ عنا في عواصم العالم المؤثرة، والنتائج كانت دوما متواضعة بلا مردود كبير.
فرحنا في الأردن لنجاح أشقائنا في قطر، والأردن يفرح لكل إنجاز عربي يقدم للعالم، فنحن ورثة الثورة العربية الكبرى، التي قامت لرفعة العرب واستقلالهم ووحدتهم ضد الظلم والتتريك. الأردنيون قوميون بفطرتهم ويفتخرون بذلك، وما حققته قطر مدعاة غبطة لكل أردني. ربما لفخر الأردنيين في ما حققته الشقيقة قطر طعم خاص، ففي زمان ما فعلت الجزيرة فعلها معنا، شككت في مواقفنا وقوميتنا وهاجمتنا بظلم شديد. صبرنا على ظلم ذوي القربى وهو الأشد إيلاما، وكظمنا غيظنا، ومع الوقت تراجع الهجوم، وسطعت الشمس على تاريخ الأردن العروبي المشرف، الذي لم يكن يوما إلا مع قضايا الأمة وحقوقها، ذائدا عن منظومة قيمها النبيلة الأصيلة، التي تتكامل ولا تتعارض مع منظومة القيم الإنسانية.
تعرضت قطر في مشوار تنظيمها لكأس العالم لكثير من حملات التشويه، وكان لافتا ومحترما وقوفها مدافعة عن قيمها وقيم الحضارة العربية، متمسكة بها غير آبهة بما يقوله الآخرون. هذا أعطى الانطباع الصحيح عن قوة حضارتنا، وأنها من الكبر والعظمة بحيث لا تشعر أنها بحاجة لأن تنصاع لأي إملاءات قيمية من غيرها. موقفها من المثلية كان المؤشر الأوضح على ذلك، إنها رفضت محاولة إسقاط الآخرين قيمهم الاجتماعية عليها، وأصرت أنها ضد ذلك، وهو موقف يتماهى مع قيم المجتمع والدين والفطرة الإنسانية. تنظيم كأس العالم لا يعني بحال تبني قيم الآخرين المشاركين، بل الاعتزاز بقيم الدولة المضيفة، وهذا حق لها وإن لم يعجب الآخرين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
23-11-2022 08:37 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |