03-12-2022 03:09 PM
بقلم : الدكتور محمد عبد الستار جرادات
يعد الاقتصاد القطري اليوم أحد أقوى الاقتصادات الإقليمية ومن بين أكثر الاقتصادات الواعدة على صعيد العالم، إذ حافظت دولة قطر على معدلات نمو متوازنة على الرغم من مختلف التحديات العالمية، مع ازدياد الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد القطري بنمو حقيقي بلغ نسبته 6.3% خلال الربع الثاني من العام الجاري على أساس سنوي قياسا بذات الفترة من العام الماضي، وبالأسعار الثابتة إلى حوالي 171.97 مليار ريال بالربع الثاني من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي التي بلغ فيها مستوى 161.71. جاء الإرتفاع كبعض من مخرجات الإنفاق العام الغزير قبيل بدء أكبر تجمع عالمي يحدث كل أربعة أعوام، كأس العالم لكرة القدم.
سعت دولة قطر إلى تعزيز الإنفاق الحكومي على مشروعات البنية التحتية بهدف دعم قدرة الاقتصاد القطري التنافسية وتعزيز مكانته على المستويين العالمي والإقليمي. ونجحت الدولة بتنفيذ عدد من المشاريع الضخمة في هذا المجال، ومن بينها ميناء حمد، الذي يعد أحد أهم الموانئ وأكبرها في منطقة الشرق الأوسط، وتوسعة مطار حمد الدولي ومشروع مترو الدوحة ومشاريع شركة سكك الحديد القطرية (الريل)، ومقطورة تربط بين مختلف المناطق الرئيسية بالدولة، ومناطق اقتصادية ولوجستية ذات جودة عالية ومراكز مالية وتكنولوجية مساندة للمستثمر.
على صعيد الإسثتمارات، تتمتع الشركات العاملة في دولة قطر بمزايا تنافسية، بما في ذلك بيئة قانونية تستند إلى القانون العام الإنجليزي والحق في التداول بأي عملة وملكية أجنبية بنسبة 100٪، بالإضافة إلى إعادة الأرباح بنسبة 100٪ وضريبة الشركات بنسبة 10٪ على الأرباح المحلية. وأصبح بإمكان غير القطريين شراء عقارات في تسع مناطق في الدولة اعتبارا من أواخر عام 2020، وهو ما يمنحهم أيضا حق الإقامة في الدوحة.
أما على صعيد الرياضة، ضمت قطر أكبر تجمع عالمي بأعلى المعايير العالمية في التنسيق والمتابعة، بنتائج باهرة وايرادات فاقت التوقعات، وأوصلت رسالة سمع صداها جميع دول العالم؛ أن ديننا سمح ومسالم ومنفتح وليس إرهابي ومتتشدد، وعاداتنا بالكرم وبحسن الضيافة ليس كما شوهها البعض في الآونة الأخيرة، بحيث شهدنا المشاركة النسائية لأول مرة في التحكيم، ومنع المشروبات الروحية داخل الملاعب زاد من المتعة بين الجماهير ونهى عن العدوانية داخل المدرجات. أي تنسيق فريد بكل تفاصيله.
ساهم توجه الدولة نحو تبني سياسات اقتصادية منفتحة وإرساء اقتصاد متنوع في تعزيز جاذبية البيئة الاستثمارية من خلال إطلاق مشاريع هامة تجسد قيم الشراكة بين القطاعين العام والخاص وتوفر فرصا استثمارية واعدة في القطاع اللوجستي والأمن الغذائي والتعليم والصحة والسياحة والرياضة.
يعد الإنفاق الحكومي أحد أهم أدوات السياسة المالية والتي تعبر عن تدخل الحكومة بشكل مباشر في إدارة العجلة الإقتصادية وضمان توازن الأداء الاقتصادي. حيث تعد العلاقة بين الإنفاق الحكومي والنمو الاقتصادي علاقة تبادلية، بحيث تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي الى زيادة الطلب الكلي وبالتالي الإسهام بشكل فعال في تحقيق النمو الاقتصادي.
تقوم الحكومات بنوعين من أنواع الإنفاق الحكومي من أجل تلبية حاجات المستهلك والمجتمع ككل في المديين القصير والطويل، الأول هو الإنفاق الرأسمالي CAPEX في القطاعات الأساسية مثل البنية التحتية والتعليم والرعاية الصحية والإسكان والمواصلات والإتصالات، والثاني هو الإنفاق الجاري OPEX المتمثل في الأجور والرواتب والمعاشات والمكافآت وبرامج الضمان الإجتماعي والدعم الحكومي بأنواعه للمواد الإستهلاكية. ويعد النوع الأول النواة الحقيقية لبناء اقتصاد قوي، فالإنفاق على القطاعات الأساسية يؤدي دورا فاعلا في دفع عملية النمو الاقتصادي نحو التنمية المستدامة، وتجمع الدراسات الاقتصادية والمالية على أن تركيز الحكومات على الإنفاق على القطاعات الأصولية يعزز اقتصادات بلدانها ويزيد من إنتاجية العمل ويلبي الإحتياجات للخدمات الإجتماعية.
على الرغم من المبالغ الهائلة التي قامت قطر بإنفاقها (220 مليار دولار)، إلا أن ذلك بدأ ينعكس بالفعل مع بداية هذا العام، وسينتج عنه في المستقبل القريب عائد كبير جدا، ناهيك عن نجاح الدولة في ترسيخ مكانتها المتقدمة على خريطة الاقتصاد العالمي، بحيث تسعى رؤية قطر الوطنية نحو إرساء اقتصاد تنافسي مبني على المعرفة والتنوع.
نأمل أن يكون للأردن يوما مشروع وطني فريد للسير بالعجلة الإقتصادية نحو النمو الحقيقي، لما تتحلى به المملكة من خصائص مميزة، كالمناخ المناسب والموقع الإستراتيجي وتنوع التضاريس بالإضافة إلى معالم وآثار لحضارات متنوعة.
بوجود فريق عمل متخصص وتخطيط اقتصادي حديث يمكن للأردن أن يخرج بمشروع وطني حقيقي نلمس آثاره على أرض الواقع.
حفظ الله الأردن تحت ظل الرعاية الهاشمية الحكيمة من كل مكروه.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
03-12-2022 03:09 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |