04-12-2022 04:01 PM
بقلم : محمد حسين فريحات
الدولة اليوم بمختلف أركانها السياسية والاقتصادية والإدارية، منشغلةً، وتعيش بحالة إنفصام، لا هي قادرة على قبول التغيير الذي أصبح ضرورةً ملحةً لعبور الدولة لشط الإصلاح الشامل بمرحلةٍ جديدةٍ تتشكل فيها القوى السياسية المعارضة والموالية بكتلٍ حزبيةٍ، ويحظى الجميع بفرصٍ متساويةٍ وعدالةٍ، تمهيداً للوصول إلى حكومات برلمانية
من خلال هذه التكتلات، وترسيخاً للحريات العامة، وحقوق الانسان، وتطبيقاً لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية ، وإرضاءً لمؤسسات المجتمع الدولي، والتي ترصد كافة إنتهاكات الحكومات للحريات العامة، هذا كله ظاهرياً.
باطنياً يسعى تيار الشد العكسي، وهنا لا بد من تعريف هذا التعبير للقارئ لأنه يرد في كتابات الكُتاب والمحللين، هو تعبير يُطلق على الشخصيات المحافظة، والتي تحظى وتُتاح لها الفُرص للمساهمة في القرار السياسي والاقتصادي والإداري بصفةٍ دائمةٍ ومستمرةٍ، ومستشارةً لرأس الدولة، هذا التيار يُشيد بمرحلة العبور السياسي نظرياً، ويرى بأن التغيير مهم، وسُنةً كونيةً، ولا يأتي دفعةً واحدةً، وأن رأس الدولة لا يمتلك عصى موسى، مُعرجاً على (فوبيا التغيير) الخوف من القادم، وما يحفهُ من مخاطر وغموض، ليس إلا لمحافظة هذا التيار على مكتسباته وإمتيازاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وبقاء خيوط السلطة بيده، ويسعى لوقف أي خطواتٍ حقيقيةٍ للوصول إلى الإصلاح المنشود.
يأتي دور الغرف الخلفية التي تراقب وترصد وتحلل المشهد السياسي، ولا تظهرُ للعلن، تُجري المُقارنات والمقاربات لكل تحركٍ للوصول إلى الاستراتيجية التي تجعلها تفكر بشكل جدي وجاد بالمرحلة الجديدة، ومن سيكون في مقدمة المشهد السياسي، القوى الإسلامية، أم القوى الوطنية، أم القوى المحافظة، أم القوى القومية، أم القوى الشيوعية، أم...... أم؟ ولكنها أي الغرف الخلفية أخيرا تحسمُ أمرها وتقرر عدم الوقوف على مسافةٍ واحدةٍ من الجميع، وتسعى جاهدةً بأن لا تكون القوى الإسلامية والشخصيات الوطنية المؤثرة والمدافعة عن المصالح العليا للدولة والأمة في مقدمة المشهد السياسي.
وهنا يبدأ سيناريو هندسة وتحريك الماء الراكد، لكافة القوى من أجل إنشاء تكتل لمواجهة القوى الإسلامية والوطنية، إتصالات مكثفة مع المجتمع المدني بمختلف أطيافه( الحزبية، العشائرية، ....وغيرها) لا تخلو من المجاملة السياسية والاجتماعية، والدعم والتنفيع والتحريض على بعض القوى الحزبية، والوطنية، والتي نعتها بعض المسؤولين المحسوبين على الاحزاب في الحكومة الأردنية، بأنها تتلقى التعليمات من الخارج رغم أنها مرخصةً قانونا.
وأي دولةٍ هذه التي تسعى لإيصال رسالة لكافة المواطنين من خلال هذه الغرف المنحازة، والرسالة: أي معارض إسلامي أو غير إسلامي لن يحظى بفرصة نجاحٍ حتى لو كان ناجحاً ما لم بخضع لها ولتعليماتها.
وأي دولة هذه التي تسعى للضغط على بعض الأحزاب والقوى المعارضة، من خلال أبناءهم واقاربهم ومنعهم من حقوقهم الدستورية في العمل، وحرمانهم من الوظائف المختلفة.
في حين ان رأس الدولة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ومن خلال متابعتي لتصريحاته المتعددة والمباشرة، أكد على التحديث بكل مسارته السياسية والاقتصادية والإدارية، وأنه مشروع الدولة، ومن غير المقبول التراخي والتراجع والتأخير والتأجيل لهذه المنظمومة السياسية والإدارية، وشدد على ان أي وزير غير قادر على تحمل المسؤولية، عليه مغادرة الموقع وترك المجال لغيره، وأكد ايضاً: "بأنني لا أقبل إعاقة العمل الحزبي أو تعطيله أو مضايقة منتسبه من أي جهة كانت" أسئلة برسم الاجابة، هل المطلوب التأسيس لعمل حزبي حقيقي؟ وهل التحديث المطلوب هو ترسيخ مبادئ الديمقراطية ومكوناتها وممارساتها لتصبح حزءٌ لا يتجزأ من المنظومة السياسية؟ أم المطلوب تجديد كافة مكونات العمل العام؟ أم المطلوب عدم المساس بالحقوق الاساسية للمواطنين؟ أم المطلوب أقصاء بعض الاحزاب والقوى الوطنية المعارضة؟
واخيراً الأردنيين يستحقون حياةً ديمقراطيةً وحزبيةً وبرلمانيةً ترقى لطموحاتهم، وبدون تدخلات مباشرةٍ وغير مباشرةٍ من قِبل أجهزة الدولة، إنحيازا لطرف دون أخر، والتأثير على قلب الحقائق، وإقحام شخصيات هزيلةً بالحياة العامة، والتي لا تستطيع الدفاع عن المصالح العليا للدولة والأمة.
frihat1964@yahoo.com
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-12-2022 04:01 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |