04-12-2022 10:58 PM
بقلم : د. طارق زياد الناصر
لسنا بحاجة لاعتراف صريح بأن العدد الأكبر من طلبة الجامعات والشباب عموما بعيدون عن وسائل الإعلام المحلية والدولية وأن علاقتهم بها لا تتعدى مصدرا لموضوع واحد يهتمون به وغالبا ما يكون الرياضة أو الفن، ولا شك بأن بعض وسائلنا الإعلامية المحلية يعتمد قاعدة "الجمهور عاوز كدا" لتبرير ابتعاده عن وظائف اساسية للإعلام الوطني منها بناء قاعدة معرفية مشتركة للجمهور الأردني حول القضايا العامة وتشكيل الوعي العام تجاه القضايا الإقليمية الهامة والدور الأردني في التصدي لكل المحاولات التي تستهدف الأمة قبل أن تستهدف الأردن.
هذا الدور السلبي لهذه الوسائل ترك المجتمع لقمة سائغة أمام الإشاعة الهدامة والرسائل الدعائية الموجهة في مواقع التواصل الاجتماعي التي تستهدف البنية الفكرية للمجتمع لصالح الفراغ وربما الكراهية ما يجب أن يواجه بالفكر والمعرفة.
وعلى الرغم من ذلك فإن الدولة الأردنية تسير باتجاه برنامج إصلاحي شامل متعدد الاتجاهات يحمل هوية واضحة عنوانها الشباب ورؤيتها العمل من أجل المستقبل ما يفرض على المؤسسة التعلمية كما المؤسسة الإعلامية أن تقوم بأدوارها الحقيقية في بناء وعي وثقافة هذا الجيل كقاعدة اساسية في تمكينه وتمتينه سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، مع ملاحظة أن الشباب ليسوا موجودين فقط في الجامعات وإنما هم جزء من تركيبة مجتمع متكامل ولا بد من إعطائهم المساحة الحقيقية لممارسة ادوارهم فيه بفعالية.
إن هذه الثقافة الجماهيرية التي يجب على الإعلام الوطني أن يساهم في صناعتها على أساس التنوع والعمومية ومن شأنها أن ترفع مستوى الصدام الاجتماعي داخل الجيل الواحد وبين الأجيال المتعاقبة بعضها بعضا، كما أصحاب المصالح والأيدولوجيات الفكرية المختلفة إلى حالة من التقارب في ظل منظومة أولويات وطنية محددة وأدوار مجتمعية ناجعة قابلة للاستمرار ركيزتها الشعور بالعدالة والبناء على اسس الماضي الرصينة من اجل المستقبل المشرق.
كما أن هذه الثقافة لا يجب أن تصب مباشرة في المشاريع التنموية والتحديثية المنشودة بقدر ما تكون موجهة لمشروع معرفي فكري يدعم هذه المشاريع على قاعدة البناء المشترك الموجه لفئات المجتمع عامة دون تخصيص، ومن هنا فإن على الجامعات مثلا أن تحدث خطابها في المعرفة المقدمة على قاعدة التجسير بين التخصصية والتثقيف العام وربطها ببناء الشخصية الطلابية وان تجعل الثقافة الإعلامية نهجا اصيلا في المنظومة التعليمية بحيث يستند الشباب للإعلام المأمون والمهني في الالتزام بالسلوك والنهج العام، وبحيث يكون طلبة الجامعات رسلا إلى أقرانهم وابناء مجتمعاتهم وقادة حقيقيين في مواقعهم، وهذا لا يعني بالضرورة أن هناك تقصيرا في هذا المجال بقدر ما يعني أننا ندعو للتجديد في الأدوات والوسائل، ودفع الطاقة الشابة التي تحتضنها الجامعات لمزيد من الفعالية في عملية التنمية والمشاركة الايجابية التي خطها جلالة الملك وولي عهد الأمين نهجا للعمل الوطني ضمن رؤية هاشمية حكيمة في دعم الإعلام الهادف ورعاية مؤسسات التعليم العالي ودورها التنموي وحفز الشباب على المشاركة الفاعلة في مسارات البناء الوطني ويصب في المشروع النهضوي الأردني.