06-12-2022 08:29 AM
سرايا - حينما يكون موضوع الفيلم هو الشهيد والشهادة، لا بد أن يذهب النص إلى الفضاء الشعري، وهكذا فعل المخرج الشاب ناجي سلامة في فيلمه "سيدي نجيب" الذي تناول سيرة الشهيد نجيب سعد العلي البطاينة، الذي روى بدمه تراب ليبيا في مواجهة الاستعمار الإيطالي.
خيار سلامة في المنحى الشعري، الذي استُهل بمقطع شعري لكاتبة النص والحوار والسيناريو عايدة الأمريكاني، أخرج الفيلم الوثائقي من رتابة السرد التاريخي إلى التطور الدرامي من خلال الحكاية التي وُزعت على عدد من المشاهد التي تناولت حياة الشهيد منذ طفولته، والبيئة العروبية التي عاش فيها، ودراسته والتحاقه بالجيش العثماني مطلع القرن العشرين.
«البطل ما يقول
البطل يفعل وفعله يبوح
والبطل يعض على جروحه
ولو روحه تنوح
والبطل ما يموت
إن غاب عن أحبابه... تظل منه الروح
ويظل عطره للأبد... من قبره يفوح».
تناول الفيلم الذي عرض في المركز الثقافي الملكي برعاية الأميرة رحمة بنت الحسن وحضور عدد كبير من السياسيين والدبلوماسيين، جملة من ملامح الحياة الاجتماعية والثقافية في إطار اللقطات السريعة التي توحي ولا تدخل في التفاصيل، ليلقي الضوء على الموقف الوطني والعربي لأبناء الأردن، ودور المرأة وقتذاك في مواقفها المساندة للرجل.
استهل الفيلم بكلمة للأميرة رحمة، أشارت فيها إلى بطولات الأردنيين، لافتة إلى أن إربد التي اختيرت عاصمة عربية للثقافة كانت أما رؤوما للبطل نجيب البطاينة الذي كان يسمى في ليبيا "نجيب الحوراني".
ودعت الأميرة الأجيال ليعرفوا أن لهم أجدادا ضحوا بالغالي والنفيس وبدمائهم من أجل عروبتهم دفاعا عن الأرض العربية في فلسطين وليبيا، ودافعوا عن أرض العرب بكل شجاعة وشهامة وشرف.
وفي تغريدة لوزيرة الثقافة هيفاء النجار على شبكة التواصل الاجتماعي، كتبت: "الأردنيون عروبيون بالفطرة، شجعان، قدموا التضحيات بدمهم الزكي في كل المواقف القومية ببسالة، هذا ما قاله فيلم (سيدي نجيب) عن سيرة الشهيد البطل نجيب سعد العلي البطاينة، قصة نعتز بها ونفخر، لسيرة بطل شارك في مطلع القرن العشرين لنيل ليبيا حريتها، وروى بدمه ترابها، هي حكاية الأردنيين وأصالتهم، يدونون في صفحات التاريخ وطنيتهم في سردية مشرفة".
إلى ذلك، يسرد الفيلم الذي تولى الإشراف العام عليه وصفي الطويل البطاينة، وهو من فكرة عايد علقم وإنتاج جمعية فرقة سيماء للمسرح والفنون، عددا من المعارك التي خاضها البطاينة في ليبيا إلى جوار عمر المختار، من خلال عدد من اللقطات الأرشيفية التي ترافقت مع قراءة للإعلامي أسعد خليفة، يتوقف فيها عند تعرض البطاينة للإصابة في إحدى المعارك، إلا أنه يصر على خوض المعركة التي قضى فيها متأثرا بجراحه.
كما اشتمل حفل عرض الفيلم الذي قدمه اللواء المتقاعد جمال البطاينة على كلمة للمؤرخ د.سعد أبو دية الذي عرض مرجعيات كتابة سيرة البطاينة، والمعارك التي خاضها، لافتا إلى أن البطاينة قامة وطنية يعتز بها، وأن كل أردني استشهد خارج الأردن لديه حكاية وقصة تستحق أن تؤرخ وتروى وينتج عنها فيلم سينمائي.
ورغم البعد الزمني والتباين في اللقطات الأرشيفية وووقت تصوير الفيلم (2022)، إلا أن المخرج استطاع أن يحقق الإيقاع الهارموني البصري والنفسي بين الأزمنة في القطع والعودة الرشيقة للحكاية والمناخ النفسي للمشاهدة وبيئة الأحداث لجهة التصوير والمونتاج والمؤثرات الموسيقية والإضاة والجرافيك.
أدى أدوار البطولة بالفيلم: زيد السيوف، وجمال مرعي. وحل ضيفَي شرف عليه الممثلان علي عليان ونبيل كوني.
تقول عايدة الأمريكاني عن المعالجة الدرامية بأنها تمت بالمزج بين المشاهد الأرشيفية والدرامية لتكمل بعضها بعضا في لقطة متكاملة، أما الدراما فهي مجتزأة من مشاهد طويلة للمخرج، وتم تصوير تلك الأجزاء واختيار لقطات ودمجها مع المواد الأرشيفية.
وتضيف الأمريكاني: "نرى المشاهد متداخلة بين الواقع والدراما حتى نكاد لا نميز بينهما"، لافتة إلى أن اختيار الموسيقى جاء بما يتناسب مع كل مشهد دراميا ويبقي الحس متصاعدا ثم متنازلا ومتصاعدا ثانية إلى أن ينتهي الفيلم.
وتشير إلى أن مادة الفيلم المترجم للغة الإنجليزية تم جمعها من مجمل ما كتب أو قيل عن نجيب البطاينة، وأن النص صيغ باللغة العربية الفصيحة كي يفهمه كل العرب، وتمت كتابة النص والحوارات المفترضة للشخصيات بناء على بعدها العمري والنفسي، موضحة أن جوهر القصة يركز على البعد القومي والعروبي من خلال مواقف البطل نجيب والشخصيات التي أحاطت به.