08-12-2022 10:47 AM
بقلم : الدكتور عماد نعامنة
في إطار إقرارها الرّواية المشؤومة (ميرا) ذات التَّوْصيفات الفجّة البعيدة عن النتاج الأدبيّ الملتزم بقيم المجتمع، ضمن قائمة مكتبة الأسرة، تحت شعار " القراءة للجميع" ... تطالعنا وزارة الثّقافة على لسان وزيرتها الموقّرة أ. هيفاء النجّار مرّة، وأمينها العامّ بالوكالة د. أحمد رشيد مرّة أخرى – تطالعنا - بردود وإجراءات هي أوهى من بيت العنكبوت، بل تزيد على ذلك بأنّ فيها استخفافًا بعقول الشعب الأردنيّ ، وربّما ضربًا بعُرض الحائط توجيهاتِ دولة رئيس الوزراء الأكرم باتّخاذ " الإجراءات اللازمة بخصوص أيّ مخالفات حدثت من قبيل ما حدث في هذا القبيل، وفق الأصول وبموجب التّشريعات النّافذة".
إنّ الوزارة المبجّلة التي ينظر إليها المجتمع قاطبةً على أنّها نصيرة الثّقافة العربيّة الأصيلة، ورافعة لواء الوعي الثّقافيّ والحضاريّ ونشْر النّتاج المعرفيّ الرصين الذي يليق بطموحات الشّعب وتطلّعاته، وينهض بالحراك الثّقافيّ الأردنيّ، ويرسّخ المنظومة الثّقافيّة الأردنيّة ويعزّز مكانتها عربيًّا وعالميًّا... مع ذلك كلّه وغيره نجدها تُطلّ علينا بأعذار واهية وإجراءات كرتونيّة إزاء ما اقترفَتْه مُكوِّناتها في حقّ الثّقافة وذائقة القارئ والمتلقّي عمومًا: فمِنْ سَحْبٍ للرّواية، إلى اعتذارٍ واهن، ثمّ استقالةٍ جماعيّة لِلَجنة الإقرار، ووَعْدٍ بتشكيل لجنة متخصّصة لمراجعة ما تنشره الوزارة وما يصدر عنها.
أمّا سحبُ الرّواية من مراكز البيع، فلعلّه سحب مجزوء منقوص، يطال مراكز البيع والتّسويق المحدّدة في القائمة الّتي تصدّرتْ منشورات الإعلان عن قيام مهرجانات الثّقافة والقراءة، وليس الأسواق كلّها عن بكرة أبيها.
أمّا تحبير الوزارة اعتذارها فهو أبعد ما يكون عن قيمة الاعتذار الأصيلة التي تليق بالشخصيّة المجتمعيّة ومقام الرأي العامّ، ذاك الاعتذار الذي رأى أنّ " بعض" الناس لا يتقبّلون ما ورد فيها خادِشًا للحياء والعُرف. وهنا نقول: هبْ أيُّها المسؤول أنّ بعضًا من "الناس" – مع أنّ لباقة الخطاب تقتضي لفظ المواطنين - يستسيغون ذلك فإنّ هذا ليس عُذرًا لتسويقها؛ لأنّ"البعض" الناشز لا يبيح فرض نشازه على الآخر الملتزم؛ فالأصل في الشيء الالتزام. أضِفْ إلى ذلك أنّ الاعتذر الواهم فيه تمجيد للرّواية بالإبداعية وتعليل لما ورد فيها من أوصاف وأحداث بأنّها من باب (تيار الوعي) ولا يغرب عن أحد ما في هذا التعليل من تغريب لتيار الوعيّ وتغوُّلٍ عليه، فتيارُ الوعي روائيًّا تقنيّةٌ سرديّة فنّيّة شريفة من تقنيات السّرد القصصيّ والروائيّ لا تسوِّغ وجوبيًّا أبدًا ارتكاب الرذيلة الحكائيّة أو السّرديّة، بل إنّ هذا التعليل ليَشِي بأنّ الوزارةَ على عِلْم بما نوهِضَ فيها فغضّت النظر عنه.
أمّا تصريح الوزارة باستقالة جماعيّة لِلّجنة المُقِرَّة، فنقول: على رسلك يا وزارة الثقافة فالأردنيّون يقظون نابهون لا غافلون نائمون، فعن أيّ استقالة للّجنة تتحدّثين؟ ألا تعلمين أنّ في مثل هذا تظليلًا وتمويهًا؛ فاللّجنة - يا سادةُ - تُعَدّ حُكمًا مستقيلة بمجرّد أنْ تنهي عملها بإقرار قائمة المنشورات، ولا سيّما أنّ جُلَّها من خارج رحم وزارة الثّقافة، تقبض مكافأتها الماليّة عن جهدها الجهيد وتمضي إلى ديارها من حيث درجتْ، وأنّ هذه اللّجنة تتغيّر على الدّوام، سوى عدد محدود جدًّا من أبناء الوزارة، منهم السّيّد مدير مشروع مكتبة الأسرة أمين عام ّالوزارة بالوكالة.
أمّا وَعْد الوزارة بتشكيل لجنة متخصِّصة لمراجعة محتوى ما يُنشَر ويصدر عنها ففيه اعتراف ضمنيّ بعدم تخصّصيّة اللّجنة التي أقرّت القائمة المنشورة الّتي تحتضن رواية (ميرا)، فلماذا غابت التّخصّصيّة والمعياريّة عن هذه اللّجنة؟ أنغفو فلا نصحو إلّا وقد غمرنا الوحل؟ إلى متّى سنبقى نلهو فلا نفيق إلّا على ارتكاسات ونكسات؟!
وأين المساءلة الجادّة والمحاسبيّة الصّارمة؟ وأين الصّحوة الإنسانيّة الذّاتيّة: فلماذا لمْ يقدِّم مدير مشروع مكتبةالأسرة استقالته هو وصَحْبُه أعضاء اللّجنة ممَّن هم من رحم الوزارة ذاتها؟ وإنْ لم يستقِلْ يُقَلْ. ولماذا لا يُلاحَق أعضاء اللّجنة الآخرون ممَّن هم من خارج رحم الوزارة فيُحاسَبوا بقدْر ذنبِهم؟ بل لماذا لم تقدِّم معالي وزيرة الثّقافة الّتي نجلّ ونحترم استقالتها؟ أليس من قبلُ استقال وزيران – نجلّهما ونقدِّرهما أيضًا - في حادثتين قضى القدَر المحتوم أنْ تُعَجَّلَ آجالُ أرواح بشريّة تغمّدها المولى بسابغ رحمته، وهما: معالي وزير التربية والتعليم أ.د. عزمي محافظة؛ اعتذارًا عن فاجعة البحر الميت؟ وكذا وزير الصحّة أ.د. نذير عبيدات؛ أَسَفًا على واقعة مستشفى السّلط الحكوميّ؟ وربّما آخرون لا نعلمهم. وحتمًا ليس العبث بالمنظومة القيميّة والثّقافيّة – ولو سهوًا – بأقلَّ فداحةً من إزهاق الأرواح.
أمّا هدْر الأموال الّتي صُرِفتْ مُكافأةً للّجنة الدّارِسة وغيرها - ربّما في نشر الرّواية وتسويقها - فهي مال عامّ من أموال خزينة الدّولة، وهي حقّ للصّالح العامّ؛ فلستُ أدري مَنْ يتحمّلها يا وزارة الثقافة؟ .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-12-2022 10:47 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |