10-12-2022 02:06 PM
بقلم : د. عُريب هاني المومني
يحتفل العالم في العاشر من شهر كانون الأول/ ديسمبر من كلِّ عامٍ بيوم حقوق الإنسان، ذلك اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعيّة العامة للأمم المتحدة في العام 1948م الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان، ولا خلاف على أنّ هذا الإعلان يُعتبر الصك الأساسيّ الأول والأهم في ميدان حقوق الإنسان. وتأتِ احتفالية هذا العام في اليوم العالمي لحقوق الإنسان تحت عنوان "الكرامة، الحرية، والعدالة للجميع"، تلك المبادئ التي ورد النص عليها في الإعلان قبل خمسةٍ وسبعين عاماً.
إنّ المُدافعين والباحثين في مجالات حقوق الإنسان يرصدون العديد من الانتهاكات لتلك الحقوق، ويُرجِعون تلك الانتهاكات لعدّة أسباب من بينها: الفهم الخاطئ لمنظومة حقوق الإنسان، وعدم الإيمان بالمبادئ القائمة عليها، وازدواجية المعايير في تطبيق تلك الحقوق.
محليّاً وعلى الرغم من إقرار العديد من التشريعات ووضع السياسات وبناء الاستراتيجيات تجسيداً للدستور الأردنيّ والتزامات الأردن بموجب الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صادق عليها والتزم بها، إلا أنّه يُلاحظ وجود بعض الأحكام والنصوص القانونية التي تُخالف منظومة حقوق الإنسان، ممّا يستوجب إعادة النظر بها وتعديلها بما يتواءم مع الدستور الأردني وتلك المنظومة.
علاوةً على أنّ التطورات الحديثة وما رافق التقدّم التكنولوجي تطلّب في بعض الجوانب العمل بتشريعاتٍ جديدةٍ تتناسب مع الظروف والتطورات الحالية، فعلى سبيل المثال تطلّبت ثورة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ضرورة حماية البيانات عبر الشبكة العنكبوتية، ونتيجةً لذلك سارعت بعض الدول بإقرار التشريعات التي تنظّم ذلك المجال؛ كونه يرتبط بالعديد من الحقوق ومنها: الحق في الخصوصية والحق في حرية الرأي والتعبير، وقد سار الأردن على ذلك النهج حيث أقرّ مجلس الوزراء قانون حماية البيانات الشخصية في بداية هذا العام، وأحاله لمجلس النواب للسير في القنوات الدستوريّة لإقراره، إلا أنّه ما زال في أدراج المجلس حتى اليوم.
ومن المُسلّم به أنّ تعديل وإقرار التشريعات ووضع السياسات ليست السبيل الوحيد والكافي للتمتع الكامل بالحقوق، فالبنية الفوقية وفقاً للفيلسوف الألماني جورج هيغل لها دورٌ لا يُستهان به في التأثير على أيّ عملٍ وإنجاحه، فهناك علاقة ارتباطية ما بين البنية التحتية والبنية الفوقية.
وتشمل البنية الفوقيّة للمجتمع: الثقافة، المؤسسات، بُنى السلطة السياسية، والأدوار الاجتماعية، أي أنّها تتضمن في جزءٍ منها القيم والأفكار التي يُؤمن بها الأفراد، والمترسّخة في عقولهم، وبالتالي فإنّ حقوق الإنسان ليست مجرد تشريعاتٍ على ورق، أو سياساتٍ يتم وضعها، وإنّما يجب أنّ تكون ثقافة ومنهج حياة لدى كافة الأفراد.
إنّ نشر ثقافة حقوق الإنسان في المجتمع وغرسها لدى الأطفال -بما يتناسب مع ظروف وعادات المجتمع- إلى جانب قوننة بعض الأحكام، وكذلك العمل على تحسين وتطوير البنية التحتية، ومواجهة الآفات التي تنتشر في مجتمعنا وأهمها الفساد والواسطة والمحسوبية، سيُنتج عنه في النهاية مجتمع متقدّم مُؤمن بحقوق الإنسان، ويعمل بها كمنهج حياة.
ومن الجدير ذكره في هذا الصدد أنّ قرار وزارة التربية والتعليم حول تدريس مادة "الديمقراطية والحياة العامة" للصفين العاشر والحادي عشر يُشكّل خطوةً إيجابية في هذا الجانب، على أن يتم تدريس هذه المادة من قِبل مختصّين في هذا المجال ووفق آليةٍ ومنهجٍ واضح؛ لأهميتها في الحياة العملية مع ضرورة تضمينها مواضيع ذات صلة بحقوق الإنسان؛ فحقوق الإنسان تُعتبر أحد مرتكزات الديمقراطية، كما ونأمل أن تُدرّس هذه المادة للصفوف الأخرى بما يتناسب مع أعمارهم.
وفي النهاية نطمح أن تُبنى لدى الأفراد معرفة أكبر بمنظومة حقوق الإنسان، وبالأخص تلك الحقوق الواردة في الدستور الأردني لعام 1952م وتعديلاته، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان؛ فهذه التشريعات الوطنيّة والمواثيق الدوليّة تتضمن حقوقهم وواجباتهم، وإنّ وعي الأفراد بحقوقهم وواجباتهم وارتفاع مستوى التعليم يُساهم في ازدهار الديمقراطية وفقاً للمُنظّر والعالم السياسي الأمريكي روبرت دال في كتابه "الديمقراطيّة ونقّادها".
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
10-12-2022 02:06 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |