12-12-2022 08:31 AM
بقلم : د. خير أبو صعيليك
ديوان المحاسبة من أقدم المؤسسات الدستورية في البلاد فقد بدأ العمل منذ بواكير الدولة بمسمى دائرة مراجعة الحسابات، ثم تغير الاسم ليصبح ديوان المحاسبة طبقاً للمادة 119 من الدستور والتي تلزم الديوان بتقديم تقريره السنوي متضمناً المخالفات المرتكبة والمسؤولية المترتبة عليها وآراءه وملاحظاته وذلك فـي بدء كل دورة عادية وكلما طلب مجلس النواب او مجلس الاعيان منه ذلك.
مجلس النواب سيحيل غداً تقرير ديوان المحاسبة عن العام 2021 الى لجنته المالية طبقاً للنظام الداخلي للمجلس مع ملاحظة ان تقارير الاعوام 2018، 2019، 2020، لم تناقش بعد في مجلس النواب والسبب في ذلك عدم استكمال عقد جلسات الدورة العادية في عام 2020 بسب الجائحة بالإضافة الى اسباب موضوعية اخرى لدى مجلس النواب تتمثل اساسا في ضيق الوقت المتاح على الدورة العادية والتي يذهب منها قرابة شهرين على الاقل في انتخابات المكتب الدائم و من ثم مناقشة واقرار الموازنة العامة الدولة.
اقر مجلس النواب تعديلات مهمة على قانون ديوان المحاسبة عززت استقلال الديوان باعتباره ذراعاً رقابيا للمجلس غير ان اصدار التقرير سنوياً ما يزال يثير موجة من الانتقادات لدى الاردنيين وهو امر مفهوم في ظل تضمين التقرير عددا كبيرا من التجاوزات التي يتكرر الكثير منها سنويا دون وجود خطاب اعلامي شفاف لإطلاع المواطنين على الاجراءات المتخذة لتصويب المخالفات.
تقرير هذا العام – عن عام 2021 – جاء في سبعة فصول وبما يقارب 600 صفحة وتضمن في متنه اضافات جديدة تتعلق بدراسة الاداء المالي للشركات المملوكة للحكومة، إضافة الى اعادة التصنيف القطاعي وبما يمكن القارئ من الاطلاع على المحتوى بيسر وسهولة وهو بلا ادنى شك اداة للتصويب والتحسين والتغذية الراجعة من شأنه ان يفضي الى تجنب اعادة الوقوع في الاخطاء اذا ما تم التعامل مع هذه المخرجات بشكل حصيف.
لقد وجهت التعديلات التشريعية ديوان المحاسبة الى المزيد من الرقابة اللاحقة مفسحة المجال للإدارة التنفيذية للتوجه الى الرقابة المسبقة والمتزامنة، مما يستوجب من الحكومة وضع جملة من الاجراءات الوقائية التي تحد من ارتكاب المخالفات بدلاً من معالجتها لاحقاً، وهنا تبرز الحاجة الى تفعيل وحدات الرقابة الداخلية في كافة الوزارات والمؤسسات والبلديات ورفع كفاءتها واستقرارها وضرورة ربطها مع هرم المؤسسة ومنحها الصلاحيات اللازمة وتغيير الصورة النمطية عنها، حيث كانت للأسف مكاناً لغير المجتهدين والمتقاعسين.
وبالرغم من ان ربع المخالفات تقريبا تقع في البلديات وهي مؤسسات اهلية، إلا ان الحكومة مطالبة بإصدار وتحديث نظام مساءلة رؤساء واعضاء المجالس البلدية وبما يؤدي الى ضبط السلوك المالي والاداري، والحكومة مطالبة ايضاً بمزيد من الشفافية امام الرأي العام لإيضاح الحقائق، ولا يضير الحكومة ان تنسب بإدراج تقارير ديوان المحاسبة على الدورات الاستثنائية اذا لم يسمح الهامش الزمني للنواب باستكمال المناقشة على الدورات العادية.
كما ان ديوان المحاسبة مدعو ايضاً لإدراج المخالفات التي قامت الحكومة بمباشرة تصويبها في فصل خاص بهدف انصاف جهود المعالج واظهار الحقيقة دون تهويل او تقليل، فلا خجل من اظهار اوجه القصور لان هذا يصب في مصلحة الدولة ويعزز مبدأ المساءلة والحكم الرشيد.
ومن الحكمة ان يتم تصنيف المخالفات بشكل يتناسب مع أثرها المالي والاداري فليس كل المخالفات جسيمة وذات أثر جوهري، فبعض المخالفات التي تبدو ظاهريا مقلقة ارتكبت بسبب عدم اتباع الاجراء الاداري السليم رغم انها قد تكون احدثت وفراً ماليا.
بالخلاصة، فإن مسؤولية صيانة المال العام هي واجب الجميع وتحديداً الحكومة ومجلس النواب وديوان المحاسبة مما يستوجب اتخاذ كافة التدابير المالية والادارية اللازمة لمنع وقوع المخالفات أساسا ثم معالجة ما يحدث ووضع ضوابط لعدم التكرار.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
12-12-2022 08:31 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |