حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,21 نوفمبر, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 3924

زيارات النواب لمكاتب الوزراء

زيارات النواب لمكاتب الوزراء

زيارات النواب لمكاتب الوزراء

14-12-2022 09:25 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
شهدت الأيام الأولى من الدورة العادية الثانية لمجلس النواب حالة من الغضب والسخط النيابي على الحكومة، حيث عبّر عدد من النواب عن استيائهم من صعوبة الإجراءات المتعلقة بوصولهم إلى رئاسة الوزراء ولقائهم بالرئيس وأعضاء فريقه الوزاري.


وقد تمسك النواب الغاضبون بأحقيتهم في التواصل مع أعضاء الحكومة وذلك كجزء من دورهم الرقابي المقرر لهم بموجب الدستور، متمسكين بمبدأ الفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، والذي يرون فيه ضرورة وجود نوع من التواصل والارتباط بين هاتين السلطتين.


إن مفهوم الفصل المرن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يقوم على أساس إيجاد نوع من العلاقة التعاونية والتكاملية بين السلطتين وفق الآلية المحددة في الدستور، وضمن الإجراءات التي رسمها المشرع الدستوري. إلا أنه وقبل تفعيل فكرة الفصل المرن، لا بد من تكريس مبدأ الفصل بين السلطات الذي قوامه أن يكون لكل من السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية اختصاصاتها ومهامها الخاصة بها، والأشخاص القائمون على إدارتها.


فانسجاما مع مبدأ الفصل بين السلطات، أفرد المشرع الدستوري اختصاصات حصرية للسلطة التنفيذية ومجلس الوزراء تتمثل بإدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية، في حين قرر اسناد وظيفتي التشريع والرقابة للسلطة التشريعية ممثلة بمجلسي الأعيان والنواب، على أن تكون مهمة الفصل في النزاعات الناشئة عن تطبيق القوانين من واجبات السلطة القضائية.


وعليه، فإن الفصل المرن بين السلطات في الدستور الأردني يجب ألا يُفهم بأي حال من الأحوال بأنه انتقاص من الولاية العامة لمجلس الوزراء في متابعة كافة المسائل والموضوعات المتعلقة بإدارة مرافق الدولة وهيئاتها ومؤسساتها العامة، واتخاذ ما يلزم من قرارات لهذه الغاية. على أن تتحمل الحكومة وزر هذه الأعمال والتصرفات أمام مجلس النواب، من خلال المسؤولية الوزارية السياسية بشقيها الجماعية والفردية.


إن علاقة النائب بالوزير بحكم وظيفتيهما يجب أن يقتصر نطاقها المكاني داخل جلسات المجلس. أما الزيارات المكتبية للوزراء فمن شأنها أن تثير شكوكا حول الغاية منها، والتي ليس بالضرورة أن تقترن بتحقيق أهداف أو مصالح شخصية للنائب نفسه، وإنما قد تمتد لتشمل أي شخص آخر في دائرته الانتخابية. بالتالي، يتعزز مفهوم «نائب الخدمات»، الذي يسعى التحديث السياسي إلى التخلص منه والاستبدال به «نائب الوطن» الذي يمثل الأمة، ولا يخدم دائرة انتخابية معينة.

وعلى الصعيد التشريعي، فإن القواعد القانونية التي تنظم عمل كل من النائب والوزير تكرس مبادئ الحيادية والشفافية في العمل العام وتفادي تضارب المصالح. فمدونة السلوك النيابية لسنة 2015 تنص في المادة (3) منها على أن يتجنب النائب الواسطة والمحسوبية، وأن يحافظ على سمعة المجلس خلال الزيارات الرسمية والخاصة، وأن يقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية في كل شأن، وألا يتبنى أي موضوع فيه جر منفعة سواء أكان ذلك داخل المجلس أم خارجه من خلال استخدامه للصفة النيابية.


في المقابل، فإن ميثاق الشرف لقواعد سلوك الوزراء الذي يفترض أن تقوم كل وزارة جديدة بالتوقيع عليه والالتزام به، يتضمن مجموعة من القيود والأحكام التي تلزم الوزير بمبدأ سيادة القانون والشفافية والحيادية في القرارات التي تصدر عنه، وتوخي العدالة وتكافؤ الفرص. فالوزير يحظر عليه بموجب ميثاق الشرف أن يستغل منصبه الحكومي لتحقيق منافع شخصية له أو لأي جهة أخرى، سواء أكان له علاقة مباشرة بها أو غير مباشرة.


كما يتعين على الوزير عدم استخدام أي علاقة شخصية له لتحقيق مصلحة أو تسهيل مهمة ليست من حق المستفيد، أو فيها تجاوز على التشريعات الوطنية، وذلك بما يخالف مبادئ العدالة والمساواة. وعليه أن يمتنع عن التدخل أو التوسط أو التأثير في اتخاذ أي قرار يقوم على خدمة مصالح أشخاص معينين، وبشكل يخالف أحكام القانون.


وفي إطار علاقة الوزير بمجلس النواب، فقد جاء ميثاق الشرف واضحا لينص على إلزام الوزير بضمان «الاستجابة للجهات الرقابية والرد على استفساراتها المتعلقة بعمل وزارته، وأن يقدم تفسيرا واضحا وشاملا لأي ممارسة تم تأديتها أثناء توليه المنصب الرسمي»، وهو الحكم الذي ينفي الغاية من أي زيارة يقوم بها النائب لمكتب الوزير.


إن المبادئ القانونية والدستورية التي تحكم علاقة النائب بالوزير تمتاز بالوضوح واليقين؛ وعليه فإنه يتعين على السلطات المختصة أن تعمل على حسن تطبيقها وتنفيذها، وألا تلتفت إلى الأصوات المحتجة أو المعترضة عليها.

أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية

laith@lawyer.com








طباعة
  • المشاهدات: 3924
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
14-12-2022 09:25 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. ما خيارات ترامب للتعامل مع إيران بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم